المهندس/ محمد حسن الوكيل يكتب: من يملك الذهب يكتب الشريعة

يعتبر الذهب من أقدم وأثمن المعادن النفيسة التي استخدمها البشر عبر التاريخ كمصدر للقيمة والثروة ولطالما ارتبطت حيازة الذهب بالنفوذ والسلطة في هذا الإطار، يظهر القول المأثور من يملك الذهب يكتب الشريعة"، وهو تعبير يعكس العلاقة بين القوة الاقتصادية والتأثير على القوانين والسياسات.
وتعكس هذه المقولة فكرة أن من يمتلك الثروة، سواء كانت ذهبا أو غيره من الأصول، لديه القدرة على تشكيل السياسات والقوانين التي تحكم المجتمع حيث أن الأموال تستثمر في قنوات مختلفة، من بينها السياسة، حيث يمكن للأغنياء استخدام نفوذهم الدفع التشريعات التي تصب في مصلحتهم، وبالتالي، يمكن القول إن الثروة تعطي القدرة على التأثير في القوانين التي تحدد حياة الأفراد والمجتمعات.
ورمزية الذهب هنا الذهب ليس مجرد معدن ثمين، بل هو رمز للثروة والاستقرار الاقتصادي، كان يستخدم في الماضي كعملة، وما زال يعتبر ملاذا آمنا في أوقات الاضطرابات الاقتصادية. هذا يجعل من يملك الذهب في موقع قوي يمكنه من التأثير على جوانب عديدة من الحياة، بما في ذلك السياسة والاقتصاد.
وكذلك التأثير على التشريعات عندما يمتلك الأفراد أو الشركات كميات كبيرة من الذهب، يمكن أن يتحكموا في تأثيرهم السياسي من خلال:
Lobbying" حيث يقوم المال بالتأثير على صانعي القرار لتحقيق مصالحهم.
التمويل السياسي: من خلال دعم الحملات الانتخابية، يمكن للمال أن يغير موازين القوى في السياسة.
التأثير الإعلامي: استثمار الأموال في وسائل الإعلام لدفع أجندات معينة وتشكيل الرأي العام.
على الرغم من أن من يملك الذهب قد يعتبر قادرا على كتابة الشريعة، فإن هذا يطرح تساؤلات أخلاقية هامة. هل من العدل أن تتشكل القوانين بناء على مصالح الأثرياء فقط؟ كيف يمكن تحقيق التوازن بين حقوق الأغنياء والفقراء في صياغة القوانين والسياسات؟
وتعتبر العلاقة بين الولايات المتحدة ودول العالم العربي من أكثر العلاقات تعقيدا وإشكالية في السياسة العالمية. في هذا السياق، يمكن استخدام التعبير "أمريكا تكتب الشريعة بذهب العرب للإشارة إلى كيف أن الثروات العربية، ولا سيما أموال النفط قد تستخدم في بعض الأحيان ضد مصالح العرب أنفسهم. يظهر هذا السياق التوتر بين الثروةوالطموحات السياسية، وكيف يمكن للموارد الاقتصادية أن تسهم في الواقع المعقد الذي يعيش فيه العرب.
بغض النظر عن جذور الصراعات السياسية، تلعب الأموال العربية دورا مركزيا في تغذية النزاعات. فبدلًا من أن تستثمر هذه الثروات في التنمية والبنية التحتية في البلدان العربية، تستخدم لدعم حروب وصراعات تهدد الاستقرار. يأتي هذا في سياق شبكة معقدة من المصالح التي تشمل الحكومات الشركات الخاصة، واللوبيات السياسية، مما يؤدي إلى تهميش الشعوب.
ومن خلال هيمنة الة السياسة الأمريكية على المال الخليجي تتدخل الولايات المتحدة في العديد من الصراعات العربية بدعوى حماية المصالح الأمنية والاستقرار الإقليمي. لكن بعض التحليلات تشير إلى أن التدخلات العسكرية والسياسية غالبا ما تستند إلى استراتيجيات تهدف إلى السيطرة على الموارد النفطية والأسواق في المنطقة، مما يعكس استخدام الذهب كوسيلة لإطالة الأمد في الصراعات.
بدلًا من أن تعالج أموال النفط والقوى الاقتصادية الهائلة في الدول العربية مشاكل الفقر والبطالة، فإن تأثير الأموال في السياسة الأمريكية غالبا ما يؤدي إلى تفاقم الوضع فتنمية اقتصادية غير متوازنة وعدم استثمار كاف في التعليم والصحة يجعل من المجتمعات العربية أكثر عرضة للاضطرابات.
تؤدي هذه الديناميكيات إلى تساؤلات حول السيادة الوطنية. كيف يمكن لدولة أن تحمي مصالح شعبها بينما توصل أموالها إلى أنظمة قد تضعف استقلالها تحد هذه العلاقة أيضا من قدرة الدول العربية على اتخاذ قرارات مستقلة، مما يدفعها إلى اتخاذ خيارات قد تكون ضارة من وجهة نظر شعبها.
إن القول بأن أمريكا تذبح العرب بذهب العرب" يشير إلى التناقض العميق الموجود في هذه العلاقة. إن استخدام الثروات العربية لتعزيز المصالح الأمريكية، بينما يقابل ذلك بتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العديد من الدول العربية، يظهر كيف يمكن أن تستخدم الأموال كاداة للقوة والسيطرة بدلًا من تحقيق الازدهار والاستقرار.
وعلى الرغم من هذا الوضع المعقد يبقى الرهان على إعادة توجيه الثروات العربية نحو التنمية وتعزيز الاستقلالية الوطنية. فالوعي بتسليط الضوء على هذا الاستخدام السلبي للثروة يمكن أن يفتح المجال أمام حوار شامل حول كيفية استغلال الموارد بشكل إيجابي، مما يمكن الشعوب العربية من استعادة قوتها وحقوقها في صياغة مستقبلها بيدها في ختام الحديث عن من يملك الذهب يكتب الشريعة، يتضح أن التحكم في الثروة، وخاصة الذهب، يمكن أن يتيح للأفراد أو الكيانات التأثير في بنية القانون والسياسات العامة ولا أدل على ذلك ما يتجسد على أرض الواقع ويربك المشهد السياسي العالمي الأيباك ( (AIPAC هو اختصار لـ " American Israel Public Affairs Committee أو لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية"، وهو لوبي سياسي أمريكي يركز على تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل. تأسس الأيباك في الخمسينيات من القرن الماضي، ويعمل على التأثير على السياسات الحكومية الامريكية لدعم إسرائيل.
التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية العمل على توجيه السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط لدعم مصالح إسرائيل
التوعية بالقضايا الإسرائيلية: تنظيم أنشطة تعليمية وتثقيفية لزيادة الوعي حول القضايا التي تهم إسرائيل في الأوساط الأميركية.
يعتبر الأيباك واحدا من الامثلة الرمزية للذهب الذي يكتب شريعة الغاب الجائرة على الأرض حيث أنه يعد من أبرز وأقوى اللوبيات في الولايات المتحدة، وله تأثير كبير على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
ومع ذلك، من الضروري أن تكون هناك إجراءات ووضع قواعد تضمن حقوق الجميع في المشاركة في الحياة السياسية، بحيث لا يتم كتابة القوانين فقط لمصلحة الأثرياء ومن يتحكمون في اقتصاديات العالم، بل لمصلحة المجتمع بأسره. إن تحقيق العدالة والشفافية في هذا السياق هو التحدي الرئيس لتحقيق مجتمع متوازن وعادل
فالحاجة إلى الشفافية والعدالة لضمان أن تكون القوانين عادلة وتمثل مصالح الجميع، ينبغي أن تكون هناك شفافية في عملية صنع القرار يجب أن تكون هناك آليات قانونية وتحقيقات تضمن عدم استغلال النفوذ الاقتصادي من قبل القلائل على حساب الأكثرية.
بقلم المهندس / محمد حسن الوكيل