"شادر أنتيكة"..بـ600 كيلو دقيق نساء الإسكندرية يجتمعن لصناعة كحك العيد وتوزيعه على المحتاجين
تتلاحق الأيام السعيدة على الشعب المصري وتنتهي أيام رمضان لتأتي أيام عيد الفطر المبارك وبأغاني مثل "يا ليلة العيد وجانا العيد" وغيرها من الأغاني التي تكتسح الشوارع الآن استعدادا لاستقبال العيد.
وكعاداتها الماريا الإسكندرية متميزة ودائمًا ما تفاجئنا السيدات السكندرية في مشهد تفترش نساء منطقة كوم الشقافة بكرموز في شادر مرسومة ألوانه المبهجة بين الأزرق والأحمر والأصفر عاكسًا كل أشكال البهجة والفرحة ويأتي ذلك في يوم 26 من رمضان وموافق ليلة 27 من رمضان المباركة.
وتمتليء الأواني المصنوعة من الألومنيوم" وصواني الصاج الأسود القديمة بكحك العيد الذي يتم صناعته داخل هذا الشادر أو ما يسمى بشادر "أنتيكة" ونستلهم هنا من هذا الاسم كل ما هو قديم.
حيث أصبح اجتماع النساء في هذا الشادر عادة منذ 10 سنوات مضت لصناعة كحك العيد ومن ثم توزيعه على المحتاجين والغير قادرين على شراءه ويشارك في هذا التجمع السنوي النساء من مختلف الطبقات الاجتماعية والأطفال الذين يتعايشون مع أمهاتهم في تلك الأجواء المبهجة السعيدة.
ورصدت "الفجر" في يوم كامل في هذا الشادر معايشة كاملة لما يحدث منذ الساعة السابعة صباحًا بداية من إعداد عجين الكحك وحتى خروجه جاهزًا من الفرن في أواني مصنوعة من الصاج الأسود القديم.
وكل هذا اختلط بمشاعر الفرحة من أغاني تراثية شعبية قديمة عن الإسكندرية غنتها السيدات التي افترشن الأرض وأخريات صاحت أصواتهم بالزغاريد والأطفال الملونة وجههم ويجلسون بجانب أمهاتهم ينقشون الكحك وأخريات جاءن من محافظة أخرى للمشاركة في هذا اليوم السعيد في الإسكندرية.
وتقول "هيام جودة" المشهورة باسم "تركية" من هذا الشادر الساكن داخل أحدى حارات كوم الشقافة لـ "الفجر": نحرص كل عام في هذه الليلة 27 من رمضان أن نجتمع جميعًا ونحتسبها ليلة القدر حيث هناك العديد من الأشخاص غير قادرين على صنع الكحك بسبب ضغوط الحياة وكغيرهم يتمنوا وجود الكحك بمنازلهم في يوم العيد.
علامة مميزة ودعم من كل الجهات
وأشارات "تركية" إلى دعم المحافظة والإعلاميين والصحفيين كل عام لرصد ذلك اليوم منذ 10 أعوام، وأشارت إلى بأن العديد من السيدات أتت اليوم من أهالي كوم الشقافة وكرموز دون دعوة أو إتصال مباشر خاص بها للمشاركة في تنظيم اليوم، والشباب والفتيات ودورهم الهام في أرسال الصواني للمخبز الخاص بالتسوية وبذلك أصبح هذا اليوم 26 من رمضان علامة مميزة ونجاح مبهر للجميع.
متمسكين بكحك الجدة
وأوضحت تركية أن طريقة "الجدة" لازالت عالقة حتى الآن في فكر هذه المبادرة: متمسكين بطريقة الجدة بداية من "الطشت" القديم ونقوم بوضح الدقيق والسمن المقدوح التي حرصن بعض السيدات على المساهمة به معنا والخميرة البيرة وإضافة الحليب أو العجن بالمياه وصولًا إلى نقشه ووضعه في صاجات سوداء أيضًا على غرار خبيز الجدة".
وتتحدث "غادة قمر" أحد المشاركات في فريق عمل داخل شادر "أنتيكة": كل سنة بحرص على وجودي مع فريقي وهذا العام تميز بوجود شادر بألوان مميزة ومبهجة، وأضافت "رضوى" 16 عام: سعيدة جداّ دي السنة التانية عالتوالي لمشاركتي وأكتر حاجة بتفرحني وجودي مع أهلي وصحابي واللي علمني الكحك والدتي وجدتي.
حسيت بطعم العيد بتاع زمان
وتقول "سالي" من محافظة المنصورة والتي تم دعوتها لشادر أنتيكة: فرحانة جدا بالأجواء دي وحسيت بطعم وريحة الكحك بتاع زمان والكل قاعد مبسوط ومتعاون ووصفت هذا الشعور بقولها "النهاردة عشت الفرحة الطبيعية".
أما بديعة التي جاب رنين الزغاريد الخاصة بها كل أركان شادر أنتيكة عبرت لـ "الفجر " عن مدى سعادتها للمشاركة للسنة الـ 10 مشيرة إلى التطور الذي يحدث عام تلو الآخر.
عجن 600 كيلو دقيق دون كلل أو ملل..
ووصفت سعاد أحد سيدات المنطقة لـ "الفجر" بمعايشة كاملة لعجن 600 كيلو دقيق خلال اليوم: في هذا الطشت أضع الدقيق ومن ثم السمن المقدوح والسمسم والخميرة وتأتي مرحلة بسة العجين وفي النهاية العجن بالحليب والماء" وأوضحت أنها سعيدة بالمشاركة في هذا العمل الإنساني الذي يدخل السرور والفرحة على العديد من الأسر المتعثرة في الوقت الحالي.
