فى ذكرى الاحتفال به.. لماذا يدقون الاقباط الصليب على يديهم اليمنى ؟

احتفلت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة البابا تواضروس الثانى بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بعيد الصليب الاربعاء 19 مارس، حيث يعتبر أحد الأعياد السيدية الصغرى، وتحتفل به الكنيسة مرتين بالسنة، ويأتى فى ذكرى واقعة عودة الصليب المقدس على يد القديسة هيلانة، والدة الإمبراطور قسطنطين الكبير، والذى رفعته على جبل الجلجلة وبنت فوقه كنيسة القيامة حسب الاعتقاد المسيحى.
يُعتبر دق الصليب من التقاليد الدينية المهمة في بعض الطوائف المسيحية، وخاصة بين بعض المسيحيين في مصر، حيث يتم رسم أو وشم الصليب على اليد، وهو تقليد يحمل أبعادًا دينية واجتماعية عميقة، متجذرًا في تاريخ الكنيسة المصرية،وجاءت فكرة دق الصليب تتم بطريقة بدائية وأولية فى البداية، حيث كان يتم استخدام مجموعة من الإبر وخيط ولم يكن هناك أحبار وكانوا يستخدمون كحل العين وأحيانا ملوخية خضراء أو أى زرع آخر أخضر، ولكن الآن توجد أدوات طبية حديثة.
يعود تقليد دق الصليب إلى العصور الأولى للمسيحية، لكنه اكتسب أهمية خاصة لدى أقباط مصر خلال فترات الاضطهاد، حيث كان المسيحيون يضعون علامة الصليب على أيديهم كوسيلة لإعلان إيمانهم وتأكيد هويتهم، حتى في ظل الضغوط والصعوبات التي واجهوها عبر التاريخ، يتم دق الصليب عادةً على معصم اليد اليمنى أو على كف اليد باستخدام أدوات الوشم التقليدية. وقد تطورت الطرق الحديثة باستخدام الإبر وأدوات التاتو، لكن الطابع الروحي للطقس لا يزال قائمًا، حيث يرافقه عادةً صلاة خاصة ويُجرى غالبًا داخل الكنائس أو على أيدي أشخاص ذوي خبرة في هذا التقليد، دق الصليب يُظهر ارتباط الشخص بإيمانه المسيحي واعتزازه به، ويُعبر عن استعداده لمواجهة التحديات بروح قوية، يُعد لحظة للتواصل الروحي مع الله، حيث يُعبّر المؤمن عن استعداده لقبول الفداء والمحبة الإلهية.
ويرمز الصليب إلى الفداء والتضحية، ودق الصليب يُعيد تذكير المؤمن بتلك المعاني العميقة في حياته اليومية، وباختصار، دق الصليب على الأيدي يُعتبر تقليدًا روحيًا يربط الأقباط بإيمانهم ويُعزز من شعورهم بالانتماء إلى الكنيسة والمجتمع المسيحي، فإن دق الصليب يعكس الهوية الجماعية للأقباط، حيث يعتبره البعض شعارًا للانتماء لكنيستهم. كما أنه مرتبط بعادات التمسك بالعقيدة، حيث يرى المسيحيون في هذا التقليد استمرارًا لنهج الأجيال السابقة.
ورغم انتشاره، هناك اختلاف في المواقف من دق الصليب بين المسيحيين:المؤيدون يرونه تعبيرًا عن الإيمان والاستعداد لتحمل أي صعوبات في سبيل العقيدة،المتحفظون يفضلون التعبير عن الإيمان بطرق أخرى دون الحاجة إلى وشم دائم.
وقال مايكل عامل وشم بمنطقة شبرا، يعمل بالمهنة منذ 15 عامًا يرسم للأقباط صليبًا على معصمهم، وصورًا على الأيدى إن أرادوا، وقال فى تصريحات خاصة ل "الفجر" إنه يغير إبرة دق الصليب مع كل مستخدم لكى يتجنب إصابة زبائنه بأمراض الدم المعدية، مؤكدًا أن القطنة الصغيرة والمراهم الطبية التى يضعها عقب عملية دق الصليب تخفف من أثر الألم الذى لا يستغرق إلا بضع دقائق ويزول، وأضاف أنه بالرغم من أن الصليب كان قديمًا أقسى وأسوأ أنواع الإعدام وإحدى أكثر الطرق المؤلمة للتعذيب والقتل البطىء، إلا أنه تحول بعد صلب السيد المسيح إلى مصدر بركة واعتزاز داخل قلوب أقباط العالم، وأغلب الأقباط يقومون بدق الصليب على أيديهم فى صغرهم بعد ممارسة طقس المعمودية (أحد الأسرار المقدسة فى الكنيسة) يرسم الصليب للأطفال من عمر ٤٠ يومًا إلى أشخاص بسن الـ٧٠ عامًا ويرسم على اليد اليمنى رمزًا للقوة، "دق الصليب ليس له أصل فى الكتاب المقدس".. ويرجع تلك العادة المصرية الخالصة التى تخص الأقباط وحدهم دون باقى المسيحيين فى العالم إلى عصور اضطهاد الأقباط فى مصر، خاصة فى عصر الاستشهاد الرومانى الذى شهد مذابح واسعة بحق الأقباط لإجبارهم على ترك المسيحية والعودة إلى الوثنية، يبقى دق الصليب تقليدًا بارزًا لدى العديد من المسيحيين، خاصة في مصر، حيث يجسد التمسك بالإيمان والهوية رغم التحديات. وبينما يختلف الناس حول أهميته، فإنه يظل جزءًا من الموروث الديني والثقافي الذي يميز بعض الطوائف المسيحية.