الإعلان الدستوري في سوريا.. جدل واسع ومخاوف من الإقصاء

في ظل أجواء سياسية متوترة وغارة إسرائيلية استهدفت مشارف دمشق، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع عن مسودة الإعلان الدستوري الجديد، الذي سيحكم سوريا خلال الفترة الانتقالية الممتدة لخمس سنوات.
رفض كردي ودرزي للإعلان الدستوري
أثار الإعلان الدستوري جدلًا واسعًا، لا سيما في الأوساط الكردية والدرزية. فقد اعتبر مجلس سوريا الديمقراطية (قسد) أن المسودة الجديدة تمثل تراجعًا عن التفاهمات السابقة التي تم التوصل إليها مع الحكومة السورية، متهمًا دمشق بالسعي لإعادة الحكم المركزي على حساب اللامركزية التي تطالب بها بعض المكونات السورية.
أما الشيخ حكمت الهجري، زعيم طائفة الموحدين الدروز، فقد وصف الحكومة السورية بـ "المتطرفة"، مؤكدًا رفض الطائفة لأي توافق سياسي مع دمشق، ومشيرًا إلى أن الحكومة الحالية "مطلوبة للعدالة الدولية".
قسد: انقلاب على الاتفاقات السابقة
اتهمت "قسد" النظام الجديد بالسعي إلى تكريس مركزية الحكم بدلًا من تحقيق التشاركية السياسية التي تحتاجها سوريا في مرحلة إعادة البناء. كما انتقد مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، إبراز الشريعة الإسلامية كمرجعية للحكم، معتبرًا أن ذلك سيؤدي إلى مزيد من الفوضى والانقسام داخل البلاد.
السليمان: سوريا تغيرت.. ولا بد من التكيف
من جانبه، اعتبر الباحث السياسي بسام السليمان أن الإعلان الدستوري يمثل "وثيقة جيدة"، إذ يعكس التوزيع الديموغرافي لسوريا، حيث يشكل العرب نحو 85% من السكان، في حين يمثل المسلمون (بمختلف طوائفهم) 90% من إجمالي الشعب السوري.
وأشار السليمان إلى ضرورة إعطاء الحكومة الجديدة فرصة، مؤكدًا أن "سوريا تغيرت"، وأن من الأفضل التكيف مع التغييرات بدلًا من رفضها دون تقديم بدائل عملية.
مخاوف من استبدال نظام بآخر
يرى معارضون أن الإعلان الدستوري الجديد قد لا يكون سوى استبدال لنظام الأسد بنظام مشابه، إذ يبقي على بعض الركائز المركزية للحكم دون توفير ضمانات حقيقية لمشاركة جميع الأطياف السياسية.
التحديات الإقليمية وتأثير القوى الخارجية
من بين التحديات التي تواجه الإعلان الدستوري الجديد، تبرز قضية السيادة السورية والتدخلات الخارجية، حيث تستمر الغارات الإسرائيلية على سوريا، مما يزيد من تعقيد الوضع السياسي والأمني.
كما تحاول دمشق تأمين دعم إقليمي، خصوصًا من الدول العربية وتركيا، لضمان استقرارها في مواجهة الضغوط الدولية.
مسار سياسي بحاجة إلى توافق وطني
في ظل هذه التحديات، يدعو السليمان جميع السوريين إلى تجاوز الخلافات الداخلية ودعم المسار الوطني الجديد، رغم الاعتراف بوجود أخطاء تكتيكية في تطبيقه.
يبدو أن الإعلان الدستوري الجديد قد فتح فصلًا جديدًا من الجدل في سوريا، إذ تنقسم الآراء بين من يراه فرصة للاستقرار السياسي وبين من يعتبره إعادة إنتاج لنظام مركزي لا يلبي تطلعات جميع المكونات السورية.