تصاعد التعقيد في ملف الحرب على غزة

أسباب صعوبة التفاوض بين حماس وواشنطن وإسرائيل

العدو الصهيوني

بوابة الفجر

تشهد المفاوضات بين حركة حماس من جهة، وواشنطن وتل أبيب من جهة أخرى، حالة من الجمود المتزايد، حيث تتداخل الحسابات السياسية والأمنية، مما يجعل الوصول إلى اتفاق شامل أمرًا بالغ التعقيد. ورغم إعلان حماس موافقتها على إطلاق سراح محتجز أميركي إسرائيلي، إلا أن واشنطن تتهمها بالمماطلة، معتبرة أن الحركة تسعى لكسب الوقت أو تحقيق مكاسب سياسية.

اتهامات بالمماطلة وتباين المواقف التفاوضية

ترافق هذه التطورات اتصالات مباشرة بين حماس والإدارة الأميركية، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت الحركة تحاول انتزاع نوع من الشرعية السياسية من واشنطن أم أن الأمر مجرد تكتيك تفاوضي. وأوضح المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن بلاده قدمت مقترحًا يهدف إلى تمديد وقف إطلاق النار لما بعد شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي، بغية توفير مساحة زمنية لمفاوضات أوسع حول وقف إطلاق نار دائم. ومع ذلك، تؤكد واشنطن أن حماس لا تزال تقدم "مطالب غير عملية" في الجلسات الخاصة، مشيرة إلى تناقض بين خطابها العلني وسلوكها التفاوضي خلف الكواليس.

إسرائيل بين الضغوط الداخلية وحسابات الحرب

في الجانب الإسرائيلي، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو معضلة مزدوجة، حيث يجد نفسه بين ضغوط شعبية تطالب بإنهاء الأزمة وإتمام صفقة تبادل الأسرى، وبين حسابات سياسية وقضائية تجعل استمرار الحرب خياره الوحيد لتجنب التحقيقات المتعلقة بمسؤوليته عن أحداث 7 أكتوبر. ويؤكد الخبير الأمني اللواء عدنان الضميري أن "نتنياهو في مأزق إذا وافق على المقترح الأميركي، وفي مأزق إذا رفضه"، إذ أن التوقف عن الحرب قد يؤدي إلى فقدانه السيطرة على المشهد السياسي الداخلي.

الوساطة الأميركية بين العراقيل والتحديات

تلعب الإدارة الأميركية دورًا مركزيًا في محاولة تضييق الفجوات بين الطرفين، إلا أنها تواجه تحديات معقدة بسبب تباين مواقف الأطراف المتفاوضة. ففي حين ترى واشنطن أن استمرار الصراع ليس في مصلحة أي طرف، فإن إسرائيل تعتبر أن وقف القتال قد يعزز موقف حماس. من ناحية أخرى، تتهم واشنطن حماس بعدم الالتزام بالجدول الزمني المتفق عليه، حيث أكد ويتكوف أن هناك "ردًا أميركيًا محتملًا" إذا استمرت الحركة في مماطلتها.

انقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي


يعاني المجتمع الإسرائيلي من انقسامات حادة بشأن المفاوضات مع حماس، حيث تشير الاستطلاعات إلى أن أكثر من 70% من الإسرائيليين يؤيدون إتمام صفقة تبادل الأسرى مقابل وقف الحرب، إلا أن الحكومة اليمينية بقيادة نتنياهو ترفض مناقشة المرحلة الثانية من أي اتفاق. ويشير الدبلوماسي الإسرائيلي مائير كوهين إلى أن "نتنياهو يراهن على استمرار الحرب كوسيلة للبقاء في السلطة، رغم الضغوط الداخلية المتزايدة".

المفاوضات والمصالح المتقاطعة


وسط هذه المعطيات، يبقى مستقبل المفاوضات غامضًا، حيث تصرّ حماس على الحصول على ضمانات لوقف إطلاق نار دائم، في حين ترفض إسرائيل التفاوض حول هذه المرحلة. ويرى مراقبون أن حماس تحاول استغلال المحادثات لإحداث تباين في المواقف بين واشنطن وتل أبيب، بينما تستغل الحكومة الإسرائيلية استمرار الحرب لتحقيق مكاسب سياسية داخلية.

في ظل التعقيدات المحيطة بالمفاوضات، يظل الاتفاق النهائي بعيد المنال، حيث تصطدم المساعي الدبلوماسية بحسابات سياسية متضاربة. وبينما تواصل الإدارة الأميركية جهودها لحلحلة الأزمة، يظل الموقف الإسرائيلي متصلبًا، ما يجعل التوصل إلى تهدئة دائمة أمرًا غير مؤكد. وفي الوقت ذاته، تستمر المعاناة الإنسانية في غزة، مما يزيد من الضغوط الدولية لإنهاء النزاع.