عادل حمودة يكتب: ملفات فساد نتنياهو المالية والجنسية

سيجار.. وشمبانيا.. و«سوار سارة» وهدايا الأثرياء اليهود
ما يشغله تجنب الإدانة ومستعد لهدم المعبد على رؤوس الجميع
يعتقد أنه ملك إسرائيل ولا يتصور كيف ينتهى به الحال «سجينًا مهانًا»
لا يفكر المحكوم عليه بالإعدام إلا فى حبل المشنقة
لكن نتنياهو يعانى من كابوس آخر
يسيطر عليه الخوف من صوت باب زنزانة السجن وهو يغلق خلف ظهره.
منذ أن بدأ التحقيق معه فى قضايا فساد وكل همه تجنب باب الزنزانة وهو يغلق خلف ظهره.
لكى نفهم كل ما يحدث فى الشرق الأوسط لا بد أن ننظر إلى المأزق القانونى لنتنياهو أو «بيبى» كما يسمونه.
أصبحت محاكمته عاملا مهما ومهيمنا على كل القرارات التى يتخذها.
ما يحركه تجنب الإدانة فى قضايا الفساد المتهم بارتكابها.
هو مستعد أن يهدم المعبد فوق رؤوس الجميع حتى يبقى فى السلطة فلا يدخل السجن.
السلطة تمنحه حصانة لو تركها سيجبر على سماع صوت باب زنزانة السجن وهو يغلق خلف ظهره.
المشكلة أن نتنياهو يعتقد أنه ملك إسرائيل المتوج بعد الملك داود فكيف ينتهى به الحال مدانا سجينا.
ترى كيف يقضى الملك داود الثانى أيامه فى ظلام السجن؟
كل شىء بدا بحقيقة أن رئيس وزراء إسرائيل لا يحترم القانون.
بعد عملية «طوفان الأقصى» يوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ أصبحت الحرب على غزة أداة نتنياهو للبقاء فى السلطة.
نجا بالحرب من السجن.
فى الوقت نفسه لم يكن مهما بالنسبة إليه أن تعانى إسرائيل من حالة عدم الاستقرار أو يقتل اليهود الأسرى برصاص الجيش الإسرائيلى أو ينهار الاقتصاد ويهاجر الإسرائيليون أو يصابون بالجنون ولكن كان مهما بالنسبة إليه أن يشعر الجميع أنهم يحتاجون إليه وأن يتمسكوا به ليبقى فى السلطة لينجو من التعفن فى زنزانة.
فى فيلم وثائقى بعنوان «ملفات بيبى» يتحدث المحلل السياسى الإسرائيلى «رافيف داكر» الذى يعتبره نتنياهو خصمه منذ ١٥ سنة ورفع ضده ثلاث قضايا وخسرها وطالب بفصله من القناة «١٣» وإلا حرمها من المميزات الحكومية.
سبق أن أعد «رافيف داكر» مئات التقارير عن حكام إسرائيل فلم يعترض منهم سوى نتنياهو.
اعترض نتنياهو على نشر تحقيق معه عام ١٩٩٧ لتلقيه هدايا مقابل تعيينه النائب العام واعترض على تسريب فيديوهات تصور تحقيقات الشرطة معه التى بدأت فى عام ٢٠١٦ فى قضايا الفساد المتهم فيها.
استجوبت الشرطة نتنياهو وزوجته سارة وابنه يائير وعشرات الشهود على مدى ثلاث سنوات أكثر من مرة ولولا هذه التحقيقات التى أحيلت إلى المحكمة لكان نتنياهو أهم رئيس وزراء فى إسرائيل بعد ديفيد بن جوريون الذى يوصف بالأب المؤسس.
لكن نتنياهو فقد مكانته مقابل صناديق سيجار وزجاجات شمبانيا وهدايا أخرى قدمها إليه أثرياء اليهود فى داخل إسرائيل وخارجها على رأسهم «أرنون ميلشان».
«ميلشان» منتج سينمائى وكاتب سيناريو وتاجر سلاح وعميل خفى للاستخبارات الإسرائيلية ينفذ لها عمليات ضد القانون فى الولايات المتحدة حيث يعيش.
كان ميلشان واحدا من عشرات اليهود الأثرياء الذين استعان بهم شيمون بيريز لتمويل تصنيع القنبلة النووية دون أن يكون لهم الحق فى ذكر أسمائهم لكن الأهم أن ميلشان نجح بأساليب خفية فى أن تحصل إسرائيل على معدات تساهم فى تصنيع القنبلة النووية ويحظر القانون الأمريكى الاتجار فيها أو إخراجها من البلاد.
أكثر من مرة تجاوز ميلشان القانون الأمريكى حتى سحبت السلطات الفيدرالية تأشيرة إقامته ومنعته من دخول الولايات المتحدة.
هنا بدأت أولى قضايا الفساد التى اتهم فيها نتنياهو.
تدخل نتنياهو لدى السفير الأمريكى فى إسرائيل واتصل بوزير الخارجية الأمريكية جون كيرى ليستعد ميلشان تأشيرة دخوله إلى الولايات المتحدة وفى المقابل استجاب ميلشان لما طلب منه نتنياهو وأرسل إليه صناديق السيجار والشمبانيا ولكن الأهم أنه قدم إلى زوجته سارة سوارا قيمته ربع مليون دولار.
سئل نتنياهو فى التحقيقات:
س: ما الذى تعرف عن السوار الذى تلقته سارة من ميلشان؟
ج: لا أعرف أى شىء.
س: ألم تلحظ فى يدها السوار؟
ج: لا أتذكر.
س: كيف لا تتذكر أن لدى زوجتك سوارا قيمته ربع مليون دولار؟
ج: لا أتذكر.
بدا أمرا غريبا أن لا يسأل رجل زوجته عن سوار بهذه القيمة ولكن الحقيقة أن نتنياهو يعرف من قدم السوار إليه لكنه تعود على الإنكار أحيانا والكذب غالبا.
وعندما سئل ميلشان عن الهدايا التى قدمها لنتنياهو وسارة أجاب:
«كان لا بد من مساعدتى لا يمكن أن تعطى وتعطى دون أن تأخذ».
لكن فساد نتنياهو لم يكن ماديا فقط وإنما كان شخصيا أيضا.
فى انتخابات عام ٢٠١٥ توقع نتنياهو الخسارة ولكنه فوجئ بالفوز.
منذ ذلك الوقت تعالى شعور نتنياهو بنفسه إلى حد أنه أبعد عنه كثيرا من الأصدقاء القدامى.
بدا نتنياهو يتصرف كملك وأصبح على رعاياه أن يمتثلوا لقواعد جلالته حسب تعبير مدير حملته الانتخابية الأخيرة مائير حيفتر فى الفيلم الوثائقى الذى أخرجه إليكسيس بلوم.
قال مائير حيفتر:
ــ يبدأ الخطأ عندما يعتقد الشخص أنه غير قابل للمساس به.
أضاف:
ــ قطعا نتنياهو تأثر بزوجته التى كانت تعتبره الشخص الوحيد فى إسرائيل الذى لو ولد فى الولايات المتحدة لأصبح رئيسا لها.
وفى الفيلم نفسه نعرف للمرة الأولى حكاية خفية لم يسمع عنها أحد من قبل فى إسرائيل.
الحكاية حدثت منذ عدة عقود وتسمى حكاية الشريط الساخن.
لم يشاهد أحد الشريط الساخن أبدا. ولكن فى لقاء تليفزيونى سئل نتنياهو:
ــ هل دخلت فى علاقة حميمية مع امرأة أخرى غير زوجتك؟
أجاب:
ــ كان هناك شىء من هذا القبيل بالفعل وانتهى الأمر.
أضاف:
ــ فى الساعة السادسة من مساء أحد الأيام تلقت زوجته سارة مكالمة من متصل مجهول هدد زوجها بنشر الشريط الساخن إذا لم ينسحب من السباق إلى قيادة حزب الليكود.
لم تنزعج سارة من المكالمة وإنما انزعجت من اعتراف زوجها بعلاقة ما مع امرأة مجهولة علنا على التليفزيون.
علق الملياردير الإسرائيلى ميلشان:
- أعتقد أن إسرائيل ستكون أفضل لو لم تتدخل عائلة نتنياهو فى السياسة.
السبب أن عائلته لا تتسامح أبدا.
إن زوجته سارة لم تتردد فى توجيه اللوم إلى الإسرائيليين لأن الرب منحهم شخصا مثل نتنياهو بل هددت عائلات الأسرى فى الحرب على غزة بعدم الاهتمام بأبنائهم إذا لم يشكروا زوجها مسبقا قبل إعادتهم.
وفى تحقيقات الفساد ضد نتنياهو شهد الملياردير الإسرائيلى «شاؤول الوفيتش» الذى كون ثروته من تجارة الجيل الأول من التليفونات المحمولة.
فى الوقت نفسه أخذ قروضا من البنوك وحين جاء موعد سدادها عجز وتعثر.
وعندما طلب قرضا جديدا قيمته ٢٠٠ مليون دولار كاش فرضت البنوك عليه الحصول على توقيع نتنياهو.
حمل مائير حيفتر مدير حملة نتنياهو الطلب ليوقعه نتنياهو.
لكن السؤال الذى شغل شرطة التحقيق هو:
- ما الذى حصل عليه نتنياهو مقابل توقيعه على قرض شاؤول الوفيتش؟
يمتلك الوفيتش موقعا إخباريا يسمى «والا» خصصه الوفيتش بعد حصوله على القرض لخدمة نتنياهو والترويج لكل ما يفعل دون توجيه كلمة نقد واحدة ضده.
علق الصحفيون على انفراد الموقع بأخبار نتنياهو وعائلته.
قال أحدهم:
- أظهر الموقع اهتمام زوجة نتنياهو بالمجندات وصورها وهى تقف وسطهن.
واهتم الموقع بتقديم أخبار يائير نتنياهو كشخص مهتم بالسياسة ويتمتع بقيم أخلاقية حسنة رغم تشدده وتطرفه أكثر من نتنياهو نفسه.
وعلق صحفى آخر:
- شعرنا أن الموقع مثل مطعم لا يقدم الوجبات إلا لشخص واحد فقط.