ترقب للمفاوضات واستمرار للخروقات.. الاحتلال يقتل 137 فلسطينيًا خلال وقف إطلاق النار في غزة

رغم مرور أكثر من 50 يومًا على وقف إطلاق النار في غزة، تتواصل الخروقات الإسرائيلية، وسط تصعيد عسكري يهدد بإفشال جهود تثبيت الهدنة. وأعلن مكتب الإعلام الحكومي في غزة عن ارتفاع عدد الشهداء إلى 137 فلسطينيًا منذ بدء سريان الاتفاق في 19 يناير 2025، في وقت تُستأنف فيه جولة جديدة من المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة بين حركة "حماس" والاحتلال، بحضور وسطاء دوليين.
وأكد سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي، أن إسرائيل تعمدت في الأيام الأخيرة تكثيف استهداف المدنيين الفلسطينيين، في انتهاك واضح لبنود الاتفاق. ولفت إلى أن آخر تلك الجرائم كان قصف الاحتلال لمجموعة من المواطنين وسط القطاع، ما أدى إلى استشهاد خمسة فلسطينيين، بينهم شقيقان، إضافة إلى سقوط قتلى آخرين بنيران طائرات مسيرة وقصف مدفعي على مناطق متفرقة من غزة.
مفاوضات الدوحة.. حماس تتعاطى بمرونة والمساعي مستمرة
مع استمرار التصعيد الإسرائيلي، تتجه الأنظار نحو الدوحة حيث تُعقد جولة جديدة من المباحثات بين حركة "حماس" ودولة الاحتلال، بمشاركة وفد إسرائيلي ووسطاء من مصر وقطر، إلى جانب المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف. وتهدف المحادثات إلى التوصل إلى اتفاق يُفضي إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة، التي تشمل انسحاب قوات الاحتلال من مناطق محددة في القطاع، وتبادل المحتجزين بين الجانبين.
وأكد عبد الرحمن شديد، القيادي في "حماس"، أن الحركة تتعامل مع المفاوضات بمسؤولية ومرونة، مشيرًا إلى أن الأولوية تتمثل في ضمان وقف نهائي لإطلاق النار، ورفع الحصار عن غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود. وأضاف أن الاحتلال يواصل المماطلة في تنفيذ التزاماته، متذرعًا بمبررات واهية لتعطيل التقدم في المفاوضات.
وفي السياق ذاته، صرح الناطق باسم "حماس"، حازم قاسم، بأن إسرائيل "تسعى إلى إفشال أي جهود لتحقيق تهدئة طويلة الأمد"، محذرًا من أن استمرار الانتهاكات قد يدفع بالأوضاع إلى الانفجار مجددًا. كما أشار إلى أن المقاومة الفلسطينية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التصعيد الإسرائيلي المستمر، مؤكدًا التزام الحركة بمطالب الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
تصعيد إسرائيلي رغم الهدنة
ورغم استمرار المفاوضات، تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية، حيث قتل جيش الاحتلال، الثلاثاء، خمسة فلسطينيين في قصف استهدف مجموعة من المواطنين وسط القطاع، كما استشهدت طفلة برصاص إسرائيلي شرقي دير البلح، فيما قُتلت امرأة برصاص طائرة مسيرة في بلدة الشوكة شرق مدينة رفح. وبذلك يرتفع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي خلال الـ 24 ساعة الأخيرة إلى أكثر من 10 شهداء.
كما أفادت مصادر محلية بأن طائرات الاستطلاع الإسرائيلية استهدفت مواطنين قرب حاجز "نتساريم" وسط القطاع، إضافة إلى إطلاق قوات الاحتلال قذائف مدفعية على مناطق شرق خانيونس وعبسان، ما أدى إلى وقوع إصابات بين المدنيين.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023، ارتفع عدد الشهداء في قطاع غزة إلى 48503، بينما تجاوز عدد المصابين 111927، وسط دمار واسع للبنية التحتية، وتشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين باتوا بلا مأوى.
إغلاق المعابر وتشديد الحصار
وفي إطار سياسة العقاب الجماعي، واصلت إسرائيل إغلاق المعابر الحدودية ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ما فاقم من تدهور الأوضاع المعيشية والصحية في القطاع. وحذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن استمرار الحصار يهدد بحدوث كارثة إنسانية، خاصة مع منع دخول الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات ومحطات تحلية المياه.
وأكدت اللجنة، في بيان رسمي، أن قطع الكهرباء عن محطة تحلية المياه الرئيسية في غزة يؤثر على أكثر من 600 ألف شخص، مما قد يؤدي إلى أزمة صحية خطيرة، وسط انتشار الأوبئة ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.
كما دعت الأمم المتحدة إلى الضغط على إسرائيل للسماح بوصول المساعدات، محذرة من أن استمرار الحصار قد يؤدي إلى "انهيار كامل للبنية التحتية في غزة، وارتفاع غير مسبوق في معدلات الفقر والجوع".
غضب عربي ودولي من الانتهاكات الإسرائيلية
في ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل، صدرت إدانات عربية ودولية واسعة، حيث طالبت السعودية وقطر والكويت المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف الانتهاكات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين.
وأكدت المملكة العربية السعودية أن "قطع الكهرباء عن قطاع غزة يمثل جريمة حرب وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني"، داعية إلى تفعيل آليات المحاسبة الدولية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
المقاومة مستمرة والتحديات قائمة
في ظل هذه التطورات، يترقب الفلسطينيون بحذر نتائج مفاوضات الدوحة، وسط آمال في أن تسفر عن تقدم في تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة، بما يضمن تحسين الأوضاع الإنسانية ووقف التصعيد الإسرائيلي.
ورغم الضغوط الدولية، لا تزال إسرائيل تماطل في تنفيذ التزاماتها، ما يجعل الوضع في غزة على حافة الانفجار. وفي هذا السياق، أكدت "حماس" أنها لن تقبل بأي اتفاق لا يضمن حماية الشعب الفلسطيني، ورفع الحصار، ووقف العدوان الإسرائيلي بشكل نهائي.
وفي انتظار ما ستسفر عنه المفاوضات، تبقى المقاومة الفلسطينية مستمرة في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، بينما يبقى السؤال الأهم: هل سينجح المجتمع الدولي في إجبار إسرائيل على الالتزام بالاتفاقيات، أم أن التصعيد سيستمر؟