كريم وزيري يكتب: الشؤون المعنوية.. سلاح الوعي في معركة البناء

إذا كان الجيش المصري هو درع الوطن وسيفه، فإن إدارة الشؤون المعنوية هي عقله وضميره، المؤسسة التي تحمل على عاتقها مسؤولية غرس الوعي، وترسيخ الهوية الوطنية، وتجسيد البطولات والتضحيات في أذهان الأجيال المتعاقبة بل إنها الذراع الإعلامية والثقافية للقوات المسلحة، التي لم تقتصر رسالتها على تسليط الضوء على بطولات الجيش، بل تجاوزت ذلك لتصبح منبرًا للفكر والتنوير، وسلاحًا في مواجهة حروب الجيل الرابع والخامس، التي تستهدف العقول قبل الأبدان.
في كل فعالية تنظمها، تثبت إدارة الشؤون المعنوية أنها ليست مجرد جهة تنفيذية، بل كيان وطني يعمل بجهد خرافي لإبراز الصورة المشرفة للقوات المسلحة، وتعزيز العلاقة الأزلية بين الجيش والشعب، وكان آخر إبداعاتها الندوة التثقيفية الـ 41 للقوات المسلحة، التي جاءت بعنوان "شعب أصيل"، لتقدم خلالها ملحمة وطنية متكاملة تعكس أصالة المصريين، وتضحيات أبنائهم من رجال الجيش للحفاظ على أمن واستقرار البلاد.
حينما تنظم إدارة الشؤون المعنوية ندوة تثقيفية، فهي لا تكتفي بتقديم لقاءات تقليدية أو كلمات رسمية، بل تصنع حدثًا وطنيًا متكاملًا، يمتزج فيه التاريخ بالحاضر، والدراما بالواقع، والفن بالرسالة، ليخرج الجمهور في النهاية بجرعة وعي وإلهام، تجعلهم أكثر ارتباطًا بوطنهم وأكثر إدراكًا لحجم التضحيات التي بُذلت من أجله.
في الندوة التثقيفية الـ 41، استطاعت الإدارة أن تضع بصمتها المميزة، حيث قدمت محتوى ثريًا متنوعًا، جمع بين الكلمات المؤثرة، والأعمال الفنية، والأفلام الوثائقية التي تحكي قصص الأبطال، لتخاطب وجدان المصريين بمختلف أعمارهم، وتُذكّرهم بأن ما ينعمون به من أمن واستقرار لم يكن يومًا مجانيًا، بل دفع ثمنه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
حملت الندوة رسالة واضحة ومباشرة، عنوانها "شعب أصيل"، وهو ليس مجرد شعار، بل حقيقة تجسدها العلاقة التاريخية بين المصريين وجيشهم، تلك العلاقة التي تجلت في كل الحروب التي خاضتها مصر، وفي كل المعارك التي دارت رحاها دفاعًا عن الأرض والعرض.
كانت أبرز الرسائل التي قدمتها الندوة هي تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أن التنمية التي تشهدها مصر اليوم هي ثمرة دماء الشهداء وتضحيات الأبطال، مشددًا على ضرورة أن تدرك الأجيال الجديدة قيمة ما تحقق، وأهمية الحفاظ عليه.
كما سلطت الندوة الضوء على محورية الوعي الوطني في مواجهة التحديات، مؤكدة أن حماية الدولة لا تقتصر على القوة العسكرية فقط، بل تمتد إلى معركة الوعي التي تقودها الشؤون المعنوية، عبر إعلام قوي، ورسائل هادفة، وفعاليات تثقيفية تنقل الحقيقة بعيدًا عن التضليل والشائعات.
وراء هذا الإبداع، يقف رجال يعملون ليل نهار لإخراج كل فعالية بأفضل صورة ممكنة، بدءًا من البحث والتوثيق، مرورًا بالإعداد والإنتاج، وانتهاءً بالتنفيذ الدقيق الذي يجعل كل ندوة حدثًا استثنائيًا محفورًا في ذاكرة الوطن.
هؤلاء الجنود المجهولون في إدارة الشؤون المعنوية لا يظهرون في المشهد، لكن بصماتهم واضحة في كل تفصيلة، من إعداد الأفلام الوثائقية التي توثق البطولات، إلى تنظيم العروض الفنية التي تروي قصص التضحية، وصولًا إلى المحتوى الإعلامي الذي ينقل الحقيقة بكل مهنية واحترافية.
لقد استطاعت الإدارة أن تجعل من الإعلام العسكري مدرسة خاصة، لا تقتصر مهمتها على التوثيق فقط، بل تمتد إلى بناء الوعي، ومواجهة الشائعات، وتعزيز الانتماء، وخلق حالة من التفاعل الوطني مع قضايا الأمن القومي.
في زمن تتعدد فيه مصادر المعلومات، وتنتشر فيه الأخبار المغلوطة، يصبح دور التوعية والتثقيف أكثر أهمية من أي وقت مضى، وهنا تبرز قيمة الندوات التثقيفية التي تنظمها القوات المسلحة، والتي تمثل نافذة حقيقية لنقل المعرفة، وتعريف المصريين بتاريخهم، وتقديم الحقائق كما هي، بعيدًا عن التشويه والتزييف.
كما أن هذه الندوات لا تخاطب النخبة فقط، بل تصل إلى كل فئات المجتمع، لتكون بمثابة جرعة وعي وطنية، تحمي العقول من التضليل، وتغرس في النفوس روح الفخر والانتماء، وتجعل كل مصري يدرك أن الجيش ليس فقط مؤسسة عسكرية، بل هو درع الأمة وسيفها، وحصنها المنيع ضد كل تهديد.
إن ما تقدمه إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة ليس مجرد عمل روتيني، بل دور وطني من الطراز الأول، يستهدف بناء أجيال مدركة لحجم التضحيات، وقادرة على مواجهة التحديات، ومحصنة ضد محاولات التشكيك والتضليل.
وفي الندوة التثقيفية الـ 41، أثبتت الإدارة مجددًا أنها حارس الهوية الوطنية، وصوت الحقيقة، وسلاح التنوير في مواجهة الجهل والتزييف، إنها ليست مجرد إدارة داخل القوات المسلحة، بل مصنع للوعي، ومنبر للحق، ومصدر فخر لكل مصري.
فتحية لكل جندي مجهول يعمل في الشؤون المعنوية، وتحية لكل يد تسهم في صناعة الوعي الوطني، فبكم تبقى مصر قوية، ويبقى الجيش المصري حصنها المنيع، ويبقى الوطن شامخًا لا تهزه العواصف، ولا تكسره التحديات.