عمرو خالد: كيف تجعل لحياتك معنى؟.. 5 خطوات تكشف دورك ورسالتك في الحياة

سلط الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، الضوء على حياة الأنصار في الفترة التي سبقت الهجرة النبوية وما بعدها،لإبراز الفارق الكبير الذي أحدثه الإسلام في نفوسهم، وكيف انتقلوا من حياة مليئة بالصراعات والتناحر إلى حياة ذات رسالة ومعنى.
وأكد خالد أن الإنسان يجب أن يكون له دور ورسالة في الحياة، يسعى من خلالها إلى إعمار الأرض وإصلاحها، مشيرًا إلى أن هذا الارتباط الوثيق بين الرسالة في الحياة ورضا الله هو السبيل إلى دخول الجنة، في حين أن غياب هذا المعنى يؤدي إلى ما أسماه "الفراغ الوجودي".

دور الإنسان في الحياة مرتبط بتحقيق الغاية من وجوده
أوضح خالد أن كل فرد من بين السبعة مليارات الذين يعيشون على الأرض، خُلق لغاية معينة وليس مجرد رقم يُكمل التعداد السكاني، مشيرًا إلى أن وجود الإنسان متفرد وغير مكرر، مستشهدًا بقوله تعالى: "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ".
وأشار إلى أن الإنسان حين يواجه أوجاع الحياة وصدماتها، فإن الحل يكمن في التمسك برسالة ذات قيمة، وهو ما تؤكده مدرسة العلاج النفسي بالمعنى، حيث تتحول الصدمات إلى دافع لاكتشاف الرسالة الحقيقية للفرد.
وأكد أن كثيرًا من الناس لا يدركون أن المعاناة التي يمرون بها قد تكون هي نفسها المفتاح للوصول إلى رسالتهم في الحياة، موضحًا أن من قلب الألم تولد الحكمة، وقد تتوقف المعاناة بمجرد أن يدرك الإنسان الحكمة من وراء ما يمر به.

خمس خطوات لمعرفة دورك ورسالتك في الحياة
قدم خالد خمس خطوات عملية تساعد أي شخص على اكتشاف دوره ورسالته في الحياة، وهي كالتالي:
- عقد النية مع الله: على الإنسان أن ينوي بصدق أن يعمل على إصلاح الأرض ورضا الله، بحيث يكون هدفه الأكبر عند لقاء الله أن يكون قد أدى دوره.
- خلطة من المهارات والقدرات والعلم واحتياجات الناس: فكل إنسان يحمل مزيجًا خاصًا من هذه العناصر، يحتاج إلى البحث والتجربة لاكتشافها وعدم الاستعجال في الوصول إليها.
- تحويل العمل إلى عبادة: يمكن تحقيق ذلك من خلال النية الصالحة، سواء كان الفرد مصمم أزياء يسعى لنشر الملابس المحتشمة، أو كاتبًا يغرس القيم الروحية، أو طبيبًا ينوي تخفيف آلام المرضى.
- القيام بعمل خيري بجانب العمل الأساسي: مثل دعم الأيتام، تقديم المساعدات للمحتاجين، أو إطلاق مشروع خيري يساهم في نشر الإحسان.
- الاستمرار في العبادة: فدوام العبادة يرسخ النية بأن كل ما يقوم به الإنسان هو في سبيل الله والجنة.
الأنصار قبل الإسلام.. حياة بلا معنى وصراعات متواصلة
انتقل خالد بعد ذلك إلى استعراض حياة الأنصار قبل الإسلام، حيث كانت المدينة المنورة تضم قبيلتي الأوس والخزرج، بالإضافة إلى ثلاث قبائل يهودية، وقد شهدت حربًا أهلية استمرت خمسين عامًا بين الأوس والخزرج، كان آخرها معركة يوم بُعاث قبل الهجرة بخمس سنوات.
وأشار إلى أن اليهود كانوا يمولون كلا الطرفين بالسلاح لضمان استمرار الحرب، التي اشتعلت بسبب شجار على حصان، ما أدى إلى مقتل مئات من زعماء القبيلتين، وانهيار الزراعة وانتشار الفقر في المدينة، مما خلق جيلًا ضائعًا بلا هدف أو معنى للحياة.
لقاء النبي الأول بالأنصار.. بداية إدراك المعنى من الوجود
في السنة الحادية عشرة من البعثة، التقى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ستة شباب من الخزرج أثناء موسم الحج، وكان أصغرهم أسعد بن زرارة، وقد تأثروا بحديث النبي عن الإسلام، وعادوا إلى يثرب وقد بدأت تتشكل لديهم فكرة أن الخروج من دائرة المعاناة يكون بوجود رسالة حقيقية للحياة.
بيعة العقبة الكبرى.. التزام الأنصار برسالتهم في الحياة
بعد عام من اللقاء الأول، عاد 73 رجلًا وامرأتان من يثرب والتقوا بالنبي سرًا في بيعة العقبة الكبرى، حيث تعهدوا بحماية الرسول ونصرته، مقابل وعد النبي لهم بالجنة، ليكون ذلك تحولًا جذريًا في حياتهم، حيث أصبحت نصرة الإسلام رسالتهم العظمى.
بعد الهجرة، عرض الأنصار أموالهم على المهاجرين، لكن النبي صلى الله عليه وسلم اقترح عليهم أن يعينوهم بالعمل وتقاسم الثمار، فوافقوا، وكانوا يقدمون التمر للمهاجرين قبل أن يأخذوه لأهلهم، حتى فتح الله عليهم بخيبر، وعندما سألهم النبي عن سبب هذا العطاء، قالوا: "لقد أوفينا بما علينا، فحقق لنا وعدك بالجنة".
عندما استشار النبي الأنصار في الخروج إلى بدر، رد عليه سعد بن معاذ قائلًا: "يا رسول الله، خض بنا البحر نخضه معك، فخذ من أموالنا ما شئت، ودع لنا ما شئت، فإنا صبر في الحرب، صدق عند اللقاء، فسر بنا على بركة الله".
الأنصار في أحد.. التضحية من أجل الرسالة
بلغ عدد شهداء غزوة أحد 70 شهيدًا، منهم 64 من الأنصار، ما يعكس مدى إيمانهم العميق برسالتهم، فقد كانوا الأكثر تضحية لأنهم كانوا على يقين من أن الجنة هي الجزاء.
الأنصار والاختبار الأخير قبل فراق النبي
في غزوة حنين، وزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أغلب الغنائم على المهاجرين دون أن يترك للأنصار شيئًا، والأنصار يرقبونه مستغربين ويقولون: “أعطى الناس كلهم ولم يترك لنا شيئًا رغم أننا أعطيناهم من أموالنا حين أتونا إلى المدينة”، فبدؤوا يتداولون بينهم الحديث عن أن رسول الله قد عاد وحن إلى عشيرته وأهله.
و ذهب سعد بن عبادة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فخاطبه قائلًا: "إن هذا الفريق (يعني الأنصار) يقولون إنك وجدت أهلك"، فرد عليه النبي: "فماذا تقول أنت يا سعد؟، قال: "أقول مثل ما قال قومي"، فقال رسول الله: "يا سعد اجمع الأنصار في هذا المكان ولا يدخل أحد إلا أبو بكر"، ففعل، وخطبهم النبي، فقال: "يا معشر الأنصار بلغني عنكم أنكم قلتم وجد رسول الله أهله"، فقالوا: "نعم قلنا ذلك".
فقال النبي: "يا معشر الأنصار ألم آتيكم ضلالًا فهداكم الله؟ ألم آتيكم أعداء فألف الله بين قلوبكم؟ ألم آتيكم فقراء فأغناكم الله؟"، فقالوا: "المن لله والرسول"، فقال رسول الله: يا معشر الأنصار لو شئتم لرددتم علي، قالوا: "ما نقول يا رسول الله؟، قال: تقولون وأنت أيضًا جئتنًا فقيرًا فأغناك الله وجئتنا مطرودًا فآويناك وجئتنا مكذبًا فصدقناك وجئتنا محاربًا فواسيناك".
فأخفضوا رؤوسهم، وقالوا: المن لله وللرسول، فقال النبي: "يا معشر الأنصار أوجدتم في قلوبكم في لعاعة من الدنيا، ألفت بها قلوب قوم أسلموا حديثًا وتركتكم إلى إيمانكم، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يرجع الناس إلى بلادهم بالشاة والبعير والإبل وترجعون أنتم إلى بلدكم برسول الله؟، والله لو سلكت الناس طريقًا وسلك الأنصار طريقًا لسلكت طريق الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار، فبكوا حتى تخضبت لحاهم بالدموع"، وقالوا: رضينا برسول الله قسمًا ونصيبًا.