هل يجوز إخراج زكاة الفطر في العشر الأواخر من رمضان؟

زكاة الفطر من العبادات التي فرضها الإسلام لتحقيق التكافل الاجتماعي بين المسلمين، وهي واجبة على كل مسلم قادر، تُؤدى قبل صلاة عيد الفطر. ومع اقتراب نهاية شهر رمضان، يكثر التساؤل حول موعد إخراجها، وهل يجوز تقديمها في العشر الأواخر أو حتى في العشر الأوائل من رمضان؟ في هذا التقرير، سنوضح الأحكام الشرعية المتعلقة بزكاة الفطر، وآراء الفقهاء حول توقيت أدائها.
ما هي زكاة الفطر؟
زكاة الفطر هي زكاة فرضها النبي محمد ﷺ على كل مسلم، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، غنيًا أو فقيرًا، بشرط أن يكون لديه ما يزيد عن حاجته يوم العيد. وقد ثبتت مشروعيتها في الحديث الشريف:
"فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" (رواه البخاري ومسلم).
حكم زكاة الفطر
زكاة الفطر واجبة على كل مسلم قادر، وتُفرض تطهيرًا للصائم من أي لغو أو تقصير وقع فيه خلال رمضان، وكذلك لمساعدة الفقراء والمحتاجين على الاحتفال بعيد الفطر دون معاناة.
مقدار زكاة الفطر
حددت السنة النبوية مقدار زكاة الفطر بصاع من الطعام، أي ما يعادل تقريبًا 2.5 إلى 3 كيلوجرامات من قوت أهل البلد، مثل:
التمر
الأرز
الدقيق
الشعير
ويجيز بعض الفقهاء إخراجها نقدًا إذا كان ذلك أنفع للفقراء، وفقًا لاجتهادات بعض المذاهب الفقهية.
متى يجب إخراج زكاة الفطر؟
الموعد الأفضل لإخراجها
يبدأ وقت إخراج زكاة الفطر من غروب شمس آخر يوم من رمضان وحتى قبل صلاة العيد. والأفضل أن تؤدى قبل الصلاة مباشرة لتحقيق الغاية المرجوة منها.
هل يجوز إخراجها في العشر الأواخر من رمضان؟
اتفق الفقهاء على أن الموعد الأصلي لإخراج زكاة الفطر هو ما قبل صلاة العيد، ولكن هناك آراء مختلفة حول تقديمها:
رأي الجمهور: لا يجوز إخراجها قبل وقتها المحدد شرعًا، وهو بعد غروب آخر يوم من رمضان.
رأي الحنفية والمالكية والشافعية: يجوز تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين، استنادًا إلى حديث ابن عمر: "كانوا يعطونها قبل الفطر بيوم أو يومين" (رواه البخاري).
رأي بعض العلماء المعاصرين: يجوز تقديمها في العشر الأواخر من رمضان، بشرط أن تصل إلى مستحقيها في الوقت المناسب، وذلك لتسهيل توزيعها وضمان استفادة الفقراء منها.
هل يجوز إخراجها في العشر الأوائل من رمضان؟
جمهور العلماء: لا يجوز إخراج زكاة الفطر في العشر الأوائل من رمضان، لأنها زكاة مرتبطة بنهاية الصيام وليست كزكاة المال التي يجوز دفعها في أي وقت من السنة.
القول المرجح: يرى العلماء أن إخراجها مبكرًا لا يحقق الحكمة من مشروعيتها، لأنها تهدف إلى إغناء الفقراء عن السؤال يوم العيد، لذا يجب تأخيرها حتى وقتها المحدد.
حكم تأخير زكاة الفطر بعد صلاة العيد
إذا تأخرت زكاة الفطر عن صلاة العيد، فإنها تصبح صدقة عادية، ولا تحقق الغرض الشرعي منها، لذا يُستحب إخراجها في وقتها المشروع.
زكاة الفطر عبادة عظيمة تساهم في تحقيق التكافل الاجتماعي، وتضمن استفادة الفقراء والمحتاجين من فرحة العيد. يجوز تقديمها في العشر الأواخر عند الحاجة، لكن الأفضل أن تكون قبل العيد بيوم أو يومين، ولا يجوز تقديمها في العشر الأوائل من رمضان. لذا، من الضروري الالتزام بتوقيت أدائها لضمان تحقيق مقاصدها الشرعية ونيل الأجر والثواب العظيم.