هل سنشهد صدام بين أوروبا وترامب؟.. خبراء يجيبون لـ "الفجر"

تقارير وحوارات

ترامب وأوروبا - الفجر
ترامب وأوروبا - الفجر

 

 

في ظل التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة وأوروبا، تتجه العلاقات بين الجانبين نحو مزيد من التعقيد، وسط خلافات متصاعدة حول إدارة الملفات الدولية، وعلى رأسها الحرب الأوكرانية.

ورغم التصريحات المتشددة من بعض القادة الأوروبيين، إلا أن الخبراء يستبعدون نشوب صدام عسكري مباشر، مرجحين أن تبقى المواجهة في إطار الصراع الاقتصادي والسياسي.

تاريخ من الدعم والسيطرة الأمريكية

من جانبه يرى الدكتور خالد زين الدين، الخبير في الشؤون الدولية، أن الولايات المتحدة لعبت دورًا محوريًا في دعم أوروبا على مدار العقود الماضية، بدايةً من الحربين العالميتين، مرورًا بالحرب الباردة وحرب يوغوسلافيا، وصولًا إلى الصراع الروسي الأوكراني.

أضاف زين الدين في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن "مشروع مارشال" الذي أطلقته واشنطن لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، لم يكن مجرد دعم مالي، بل كان وسيلة لتعزيز النفوذ الأمريكي على القرارات الدفاعية والسياسات الخارجية الأوروبية، إلى جانب السيطرة على الأسواق الاقتصادية للقارة.

أزمات أوروبا وتراجع الثقة في الحليف الأمريكي

وأشار زين الدين إلى أن القارة الأوروبية تمر بأزمات خانقة، تشمل التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية، إلى جانب ارتفاع معدلات الهجرة والبطالة، وإفلاس الشركات، وتزايد تكاليف المعيشة، ما أدى إلى انهيار الأسواق المالية والصناعية.

واعتبر أن استمرار الحرب الأوكرانية ساهم في تفاقم هذه الأزمات، الأمر الذي دفع الأوروبيين إلى إعادة تقييم مدى اعتمادهم على الولايات المتحدة لافتًا إلى أن توجهات المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل بضرورة إنشاء "ناتو أوروبي" مستقل كانت تهدف إلى تقليل الهيمنة الأمريكية على القرارات الدفاعية للقارة، حيث يُنظر إلى حلف الناتو الحالي على أنه يخضع بشكل كبير لإرادة واشنطن.

ترامب وأوروبا.. مواجهة اقتصادية بدلًا من العسكرية

وفي نفس السياق أكد طلعت طه، المتخصص في الشؤون الدولية، أن الحديث عن اندلاع حرب مباشرة بين الولايات المتحدة وأوروبا أمر مستبعد تمامًا، موضحًا أن الصراع بين الجانبين سيبقى في إطار الاقتصاد والتجارة والصناعة والتكنولوجيا، وليس في ساحات القتال.

أضاف طه في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المعروف بمواقفه الحادة تجاه أوروبا، قد يتبنى سياسات اقتصادية أكثر صرامة في حال فوزه بالانتخابات المقبلة، لكنه لن يذهب إلى حد المواجهة العسكرية، لأنها ستكون كارثية على العالم بأسره مشيرًا إلى أن أي حرب عالمية جديدة ستؤدي إلى دمار شامل، مما يجعل خيار الحرب مستبعدًا تمامًا.

وتطرق طه إلى تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول قوة الجيش الفرنسي، معتبرًا أنها رسائل إعلامية وليست تهديدًا حقيقيًا.

وأوضح أن رد روسيا على ماكرون كان ساخرًا، حيث اعتبرت موسكو أن ولايته ستنتهي في عام 2027 دون أن يترك أثرًا يُذكر في المشهد الدولي.

الصراع القادم: اقتصادي وتجاري

وفيما يتعلق بمستقبل العلاقات الأمريكية الأوروبية، أكد طه أن الصراع الحقيقي سيتمحور حول الاقتصاد والتجارة، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى الاستحواذ على أكبر قدر من الثروات الأوروبية، وإرغام القارة العجوز على تبني سياسات اقتصادية تصب في مصلحتها.

واستكمل أن واشنطن تعمل على استقطاب الصناعات الأوروبية الكبرى، خاصة في مجالات التكنولوجيا واللوجستيات، لتعزيز تفوقها الاقتصادي عالميًا.

واختتم المتخصص في الشؤون الدولية حديثه بالإشارة إلى أن الدعم الأوروبي لأوكرانيا لا يعني الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا، حيث تركز الدول الأوروبية على تأمين حدودها فقط، مما يعكس حرصها على تجنب أي تصعيد عسكري.

أوروبا بين النفوذ الأمريكي والاستقلالية

في ظل هذه المعطيات، يبدو أن أوروبا بدأت تدرك مخاطر الاعتماد الكامل على الولايات المتحدة، وتسعى إلى تحقيق استقلالية أكبر في قراراتها الدفاعية والاقتصادية. 

 

ومع استمرار التوترات، سيظل الصراع الأمريكي الأوروبي في إطار المواجهة السياسية والاقتصادية، دون أن يتحول إلى صدام عسكري مباشر.