حكم الاستماع وتشغيل القرآن أثناء العمل والنوم
حكم الاستماع وتشغيل القرآن أثناء العمل والنوم.. رأي الشرع وشروطه

يُعد الاستماع إلى القرآن الكريم من أعظم الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى الله، فهو كلام الله المنزَّل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، يحمل بين آياته الهداية والنور لمن أراد التدبر والتفكر. وقد حثَّ القرآن الكريم نفسه على الاستماع والإنصات إليه، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204].
وفي عصرنا الحالي، ومع تسارع وتيرة الحياة وانشغال الناس بأعمالهم اليومية، أصبح التساؤل حول حكم تشغيل القرآن أثناء العمل أو أثناء النوم أمرًا شائعًا، خاصة في ظل توفر وسائل التكنولوجيا التي تتيح تشغيل القرآن على الأجهزة المختلفة.
وقد أوضحت دار الإفتاء والعديد من علماء الدين الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الأمر، مؤكدة أنه لا مانع من تشغيل القرآن أثناء العمل أو النوم بشرط عدم التشويش عليه أو الإساءة إليه.
حكم الاستماع للقرآن أثناء العمل
أكدت دار الإفتاء أنه لا مانع شرعًا من الاستماع للقرآن أثناء العمل، بشرط ألا يكون الاستماع سببًا في التقصير في أداء المهام أو إحداث تشويش على الآخرين.
شروط الاستماع للقرآن أثناء العمل
أوضحت الإفتاء أن هناك شروطًا يجب توافرها عند تشغيل القرآن في مكان العمل، وهي ألا يكون الاستماع للقرآن الكريم سببًا في الإهمال أو التقصير في أداء العمل المطلوب وألا يكون الصوت مرتفعًا لدرجة تؤدي إلى تشويش الآخرين أو إزعاجهم، بحيث يقتصر الاستماع على من يرغب دون التأثير على المحيطين به.
كما أشارت إلى أن تشغيل القرآن في العمل جائز إذا كان الشخص يستمع إليه دون تعمد الانصراف عنه، مستشهدةً بما ورد عن المفسر الإمام القرطبي في تفسيره حول سبب نزول آية الاستماع للقرآن، والتي كانت موجهة للمشركين الذين كانوا يقصدون التشويش على تلاوة القرآن لإلهاء الناس عن الاستماع إليه.
حكم تشغيل القرآن دون الإنصات إليه
من المسائل التي أثارت تساؤلات كثيرة بين المسلمين هو حكم تشغيل القرآن الكريم دون إنصات كامل، مثل ترك إذاعة القرآن تعمل أثناء الانشغال بأمور أخرى أو أثناء النوم.
رأي العلماء في تشغيل القرآن دون إنصات
صرَّح الشيخ عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأن تشغيل القرآن الكريم دون الإنصات له جائز شرعًا، بل يُعد نوعًا من التبرك بكلام الله، حتى لو لم يكن الشخص منصتًا له تمامًا.
كما أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أن ترك إذاعة القرآن تعمل دون أن يستمع إليها أحد طوال الوقت غير مستحب، خاصة إذا كان في مكان يشوِّش على التلاوة أو يحوي ضوضاءً ولغوًا. وأكد أنه لا يجوز تشغيل القرآن في المحلات التجارية أو الورش وتركه يعمل دون اهتمام، لأن ذلك ينافي تعظيم القرآن وتوقيره.
حكم تشغيل القرآن أثناء النوم
أجاب الشيخ أحمد وسام، مدير إدارة البوابة الإلكترونية بدار الإفتاء، على سؤال حول حكم تشغيل القرآن أثناء النوم، مؤكدًا أن ذلك ليس حرامًا شرعًا، ولكن من الأفضل أن يحرص المسلم على الإنصات له عند سماعه احترامًا وتعظيمًا له.
كما أكد الدكتور علي جمعة أن تشغيل القرآن أثناء النوم جائز ولا إثم فيه، ولكن يُفضَّل إغلاق القرآن في حال كان هناك ضوضاء أو حديث جانبي يشوِّش على التلاوة، لأن ذلك يتعارض مع توقير كلام الله واحترامه.
حكم تشغيل القرآن في المحلات والورش دون إنصات
قال الدكتور علي جمعة إن بعض أصحاب المحلات التجارية والورش يقومون بتشغيل إذاعة القرآن الكريم طوال اليوم، حتى بعد مغادرة المكان، دون أن ينصتوا إليه، وهذا غير جائز شرعًا، لأن القرآن ليس مجرد خلفية صوتية، بل يجب احترامه وتعظيمه.
ونصح أصحاب المحلات بإغلاق الإذاعة أو تشغيلها فقط في الأوقات التي يتمكنون فيها من الاستماع أو التدبر في المعاني، بدلًا من جعلها مجرد صوت في الخلفية.