مشادة نارية بين ترامب وزيلينسكي تهدد اتفاقية المعادن الأوكرانية

غادر زيلينسكي البيت الأبيض بعد الخلاف الذي تم بثه على الهواء، وتم إلغاء حفل التوقيع والمؤتمر الصحفي المخطط له. وقال مسؤولون أمريكيون إن اتفاق المعادن، الذي اعتبره ترامب خطوة ضرورية لسداد الدعم الأمربكي في سعيه للتوسط في اتفاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لم يتم التوقيع عليه قبل مغادرة زيلينسكي.
وعقب انتهاء الاجتماع بين الرئيسين، كتب ترامب على منصة "تروث سوشيال": "أرى أن الرئيس زيلينسكي ليس مستعدًا للسلام إذا شاركت أمريكا، لأنه يشعر أن مشاركتنا تمنحه ميزة كبيرة في المفاوضات. لا أريد ميزة، أريد السلام".
وأضاف ترمب أن زيلينسكي: "أهان الولايات المتحدة الأميركية في مكتبها البيضاوي العزيز. يمكنه العودة إلى أميركا عندما يكون مستعدًا للسلام".
أثارت تصريحات زيلينسكي ردود فعل غاضبة من ترمب ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، اللذين أشارا إلى أن انتقاداته -التي ألقاها في المكتب البيضاوي- كانت تفتقر للاحترام، وأن وجهة نظره المطلقة تجاه موسكو تعيق المفاوضات التي يمكن أن تنهي الحرب الدموية التي استمرت ثلاث سنوات.
وقال ترامب مخاطبًا زيلينسكي: "سيكون من الصعب للغاية التوصل لصفقة بهذه الطريقة.. عليك أن تكون ممتنًا بشكل أكبر". وأضاف أنه غير متأكد من قدرة زيلينسكي على التوصل إلى اتفاق. وقال أيضًا "إما أن تبرموا اتفاقًا، أو سنترككم وحدكم".
ومن جهته، قال نائب ترامب لزيلينسكي: ليس من الاحترام أن تأتي إلى واشنطن وتهاجم إدارتنا.
وقال زيلينسكي إن "بوتين لن يتوقف أبدًا، وسيذهب إلى أبعد من ذلك"، مضيفًا أن الزعيم الروسي "يكره الأوكرانيين" ويريد تدمير البلاد. وأضاف عن الصفقة: "يمكننا أن نمضي قدمًا بها، لكن هذا ليس كافيًا".
وبعد ساعات فقط من مغادرة زيلينسكي البيت الأبيض، قال ترمب في تصريحات للصحفيين:
قال الرئيس الأميركي خلال المؤتمر الصحفي لزيلينسكي "أنت تقامر بحرب عالمية ثالثة"، و"ما تفعلونه هو عدم احترام كبير للبلاد"، و"أنت لست في موقف جيد الآن، ولست في موقع يسمح لك بإملاء شروطك".
وعقب انتهاء المؤتمر الصحفي بين الرئيسين، غادر الرئيس الأوكراني البيت الأبيض في وقت مبكر، دون توقيع اتفاقية المعادن. وأوردت "فوكس نيوز" على لسان مسؤولين في البيت الأبيض أن زيلينسكي غادر البيت الأبيض بعدما طرده ترمب.
التطورات الأخيرة وتعليقات ترمب على منصة التواصل الاجتماعي أدت إلى عدم توقيع الاتفاق الذي يسمح للولايات المتحدة بالاستفادة من تطوير المعادن الحيوية في أوكرانيا كخطوة نحو التوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار مع روسيا.
الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ونائب الرئيس جي دي فانس خلال اجتماع في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، 28 فبراير 2025 - بلومبرغ
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ونائب الرئيس جي دي فانس خلال اجتماع في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، 28 فبراير 2025 - بلومبرغ
ردًا على هذه التطورات، وعقب مغادرته البيت الأبيض، قال زيلينسكي على منصة "إكس": "شكرًا أميركا.. شكرًا لدعمكم، شكرًا لكم على هذه الزيارة".
وأضاف: "إن أوكرانيا تحتاج إلى السلام العادل والدائم، وهو ما نحن نعمل على تحقيقه".
واعتبر محللون أن هذه الرسالة بمثابة محاولة من الرئيس الأوكراني لتصحيح مسار المفاوضات بعد تعثرها.
ردود فعل عالمية على الاجتماع التاريخي
أثار الاجتماع التاريخي بين ترمب وزيلينسكي ردود فعل مختلفة حول العالم، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن روسيا هي المعتدية وإن الأوكرانيين هم الشعب المعتدى عليه، وأضاف: "كنا على صواب في مساعدة أوكرانيا ومعاقبة روسيا قبل 3 أعوام وسنواصل ذلك، وينبغي علينا أن نحترم من يقاتلون منذ البداية"، وفق ما أوردته رويترز.
من جهتها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس في منشور على موقع "إكس": "أوكرانيا هي أوروبا. نحن نقف بجانب أوكرانيا.. اليوم أصبح من الواضح أن العالم الحر بحاجة لزعيم".
قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني إن إيطاليا ستقترح على شركائها عقد قمة على الفور تضم الولايات المتحدة والدول الأوروبية والحلفاء لمناقشة كيفية "التعامل مع التحديات الكبرى اليوم، بدءًا بأوكرانيا". وأضافت: "كل انقسام في الغرب يجعلنا جميعًا أضعف، ويصب في مصلحة أولئك الذين يرغبون في رؤية تراجع حضارتنا".
بدوره، قال رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز في رسالة على منصة "إكس" اليوم الجمعة: أيها الأوكرانيون، إسبانيا تقف معكم.
في سياقٍ موازٍ، شددت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي على ضرورة عمل بلادها وحلفاء آخرين مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للتوصل إلى اتفاق سلام جيد لبلاده لمواجهة العدوان الروسي، وأضافت: "ومن المهم بالنسبة لنا أن نتأكد من أننا نعمل معه ومع حلفائنا في هذا الشأن".
الاجتماع في نظر الكرملين
أما بالنسبة لروسيا، فإن الإذلال العلني الذي تعرض له زيلينسكي على يد ترمب ونائبه جي دي فانس، تجاوز كافة توقعات الكرملين. أو كما قال أحد كبار المسؤولين الأوروبيين: الشخص الوحيد الذي يضحك هنا هو بوتين.
قال الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف، وهو الآن نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، إن ترمب أخبر زيلينسكي "الحقيقة في وجهه" قبل أن يضيف: "لكن هذا ليس كافيًا، يجب وقف المساعدات العسكرية".
تجدر الإشارة إلى أن دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس فلاديمير بوتين، قال نهاية الشهر الماضي أشار إلى أن روسيا مستعدة للتعاون مع واشنطن في تطوير الموارد الأرضية النادرة التي تحتاجها الولايات المتحدة. وقال حينها " إن الأمريكيين يحتاجون للمعادن الأرضية النادرة، لدينا الكثير منها. وهذا يفتح آفاقًا واسعة إلى حد ما للتعاون"، وفق ما أوردته خدمة "إنترفاكس" الإخبارية.
واعتبر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي أن زيلينسكي تلقى "صفعة قوية" من ترامب في البيت الأبيض. وأشار، على منصة "إكس"، إلى أن نظام كييف "يخاطر بالحرب العالمية الثالثة".
من جهة أخرى، قالت متحدثة باسم الخارجية الروسية: كذبة زيلينسكي الكبيرة هي أن أوكرانيا تُركت بمفردها دون دعم في 2022، وأضافت "احتفاظ ترمب ودي فانس بضبط النفس وعدم ضربهما زيلينسكي معجزة"، وفق ما أوردته رويترز.
الطريق إلى تحقيق السلام
المواجهات الحادة بين الزعيمين في البيت الأبيض غطت على ما كان من المفترض أن تكون لحظة وحدة بين الرئيسين، اللذين كان من المقرر أن يوقعا اتفاقًا في وقت لاحق من يوم الجمعة يسمح للولايات المتحدة بتحقيق إيرادات مستقبلية من تطوير الموارد الطبيعية للبلاد.
ترمب قال -قبيل المؤتمر الصحفي والمشاحنات- إن الاتفاق يُعد التزامًا كبيرًا من الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا، حيث استقبل زيلينسكي في البيت الأبيض لحضور اجتماع محوري سيكون له تداعيات على صد الغزو الروسي، وعلى الحلفاء الأوروبيين القلقين بشأن التزامات الولايات المتحدة بالأمن الجماعي.
قال ترمب: "إنها (أي الاتفاقية) الطريق إلى السلام، إنها طريق لحل شيء ما. نحن منخرطون كثيرًا. لقد تورطنا. من السيئ للغاية أننا تورطنا لأنه لم يكن ينبغي أن يكون هناك أي تدخل، لأنه لم يكن ينبغي أن تكون هناك حرب".
شراكة اقتصادية.. دون ضمانات أمنية
الاتفاق لم يقدم الضمانات الأمنية الصريحة التي سعى إليها زيلينسكي، وبدلًا من ذلك ركز على الشراكة الاقتصادية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا. وقال زيلينسكي للرئيس الأميركي إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتهك اتفاقيات وقف إطلاق النار السابقة أكثر من مرة، وإن أوكرانيا لن تقبل أبدًا وقفًا بسيطًا لإطلاق النار لإنهاء الحرب. وأصر على أن وثيقة صفقة المعادن غير كافية لضمان أمن أوكرانيا.
وخلال الاجتماع، ظهر التوتر الكامن بين الزعيمين بوضوح في بعض الأحيان. وأغمض ترمب عينيه وكان ينقر بأصابعه، بينما أكد زيلينسكي على مخاوفه بشأن تراجع بوتين عن الاتفاق. وعندما قلل ترمب من أهمية التهديد بشن هجوم مستقبلي، هز الزعيم الأوكراني رأسه.
وشدد ترمب: "أنا أقف على مسافة متساوية بين الطرفين. أريد حل هذا الأمر. أنا مع كليهما"، و"أريد حل الأزمة. ومن السهل أن أتحدث بشكل سيئ عن شخص آخر، لكني أريد حل المشكلة".
ووصف ترمب هذا الترتيب بأنه ضروري لتعويض دافعي الضرائب الأميركيين عن دعمهم لكييف، وباعتباره خطوة حاسمة نحو التوسط في وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا.
صندوق الموارد الأوكرانية
وقُبيل المشاحنات، قال الرئيس الأميركي إن أموال الصفقة يمكن استخدامها أيضًا في الذكاء الاصطناعي والأسلحة العسكرية. وأكد مجددًا أنه سيواصل بيع الأسلحة لأوكرانيا.
وقال: "لا نعرف بالضبط حجم المبلغ، لأننا سنضع بعض الأموال في صندوق سنحصل عليه من الموارد التي سنحصل عليها ونتقاسمها على أساس الإيرادات، لذلك سيكون هناك الكثير من المال".