«الفجر» يقتحم مافيا المنصات الإلكترونية ويكشف المستور (تحقيق)

في عصر التكنولوجيا الرقمية، لم تعد عمليات الاحتيال تقتصر على الأساليب التقليدية، بل انتقلت إلى الفضاء الإلكتروني، حيث تُستغل منصات الاستثمار الوهمية لخداع الضحايا ونهب أموالهم تحت غطاء تحقيق أرباح سريعة.
وقد شهدت مصر وعدة دول أخرى عمليات احتيال ضخمة من خلال منصات إلكترونية مثل " FBC وJennifer، At وSbitz " التي استولت على ملايين من المواطنين.
من هنا بدأت "الفجر" تخترق أسرار المنصات، كن خلال التواصل مع عدد من الضحايا المنصات الإلكترونية التي نصبت عليهم بالملايين والتواصل مع الخبراء.

واكتشفت "الفجر" أن تلك المنصات الإلكترونية تقوم بإعطاء أموال بشكل كبير في أول الأمر من أجل الجذب ثم بعد ذلك تقوم بإغلاق المنصة.
كيف تعمل منصات الاحتيال الإلكتروني؟
قال الدكتور مسعد أبو طالب، الخبير القانوني، إن منصات الاحتيال الإلكتروني تقوم باستهداف المواطنين تحت غطاء الاستثمار الوهمي، مستغلة التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي، ما تسبب في خسائر مالية ضخمة لآلاف الضحايا.
أضاف أبو طالب في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أن منصات الاحتيال الإلكتروني تعتمد على استراتيجيات خادعة تستهدف الضحايا بإغراءات مالية كاذبة، مستخدمة تقنيات رقمية متطورة وأساليب تسويق احترافية، تعمل هذه المنصات وفق نماذج احتيالية مختلفة، أبرزها:
1. مخطط بونزي (Ponzi Scheme)
يُعتبر من أشهر أساليب الاحتيال، حيث يتم إيهام المستثمرين بأنهم يحققون أرباحًا كبيرة، بينما يتم دفع هذه الأرباح من أموال المستثمرين الجدد، وليس من أرباح حقيقية، ينهار هذا المخطط بمجرد توقف تدفق المستثمرين الجدد، مما يؤدي إلى خسارة الجميع باستثناء القائمين عليه.
2. المخطط الهرمي (Pyramid Scheme)
يعتمد هذا النظام على دعوة الضحايا لجلب مستثمرين جدد مقابل الحصول على عمولات، بينما تستفيد الفئات العليا من الأموال التي يدفعها المشاركون الجدد. وبمرور الوقت، يصبح من المستحيل إدخال أعضاء جدد، فينهار النظام ويخسر معظم المشاركين أموالهم.
3. مخطط الضخ والتفريغ (Pump and Dump)

الأساليب المستخدمة في الترويج للاحتيال
وأوضح المهندس إبراهيم أحمد، الخبير في أمن المعلومات، في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أن الأساليب المستخدمة في الترويج للاحتيال هي تكون كالتالي:
الإعلانات المضللة: تستخدم المنصات إعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي لجذب الضحايا بإغراءات مالية خيالية.
التسويق عبر المؤثرين: يتم استغلال شخصيات مشهورة للترويج للمنصة وإقناع المتابعين بالاستثمار.
المكافآت الزائفة: يتم منح أرباح صغيرة في البداية لكسب ثقة المستثمرين وحثهم على ضخ المزيد من الأموال.
إخفاء الهوية: تعتمد هذه المنصات على تقنيات التشفير وعناوين غير معروفة، مما يجعل من الصعب تعقب المحتالين.
شهادات ضحايا وقعوا في الفخ
قال مصطفى ج، أحد الضحايا، في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، إنه استثمر مبلغ 15 ألف جنيه في منصة تدعى "جنيفر" بعد أن شاهد إعلاناتها على مواقع التواصل الاجتماعي. وأوضح:
"في البداية، بدأت في تحقيق أرباح، ولكن عندما حاولت سحب أموالي، بدأت المنصة في المماطلة، ثم أغلقت تمامًا واختفى القائمون عليها."
أما محمود ح، وهو أحد المتداولين، فقد تحدث لـ "الفجر" عن تجربته مع منصة أخرى تدعى "Spitz"، قائلًا:
"كنت أرى تحويلات الأرباح تصل إلى حسابي، فقررت الاستثمار بمبلغ 10 آلاف جنيه، لكنني كنت أتابع أخبار المنصة عبر تليجرام وفيسبوك. فجأة، توقف كل شيء، لكن لحسن الحظ، نجحت في سحب أموالي قبل إغلاقها."
أكد هشام س، أحد المتداولين، في تصريحات خاصة لـ "الفجر "أن هذه المنصات تستغل الأوضاع الاقتصادية الصعبة ونقص الوعي المالي لدى المستثمرين الجدد، مشيرًا إلى أن العديد من الأشخاص ينجذبون للعروض المغرية دون التحقق من مصداقية الشركات.
وفي سياق متصل، كشف عبدو ياسين عن تعرضه وعدد من أصدقائه لعمليات إيقاف تعسفي لحساباتهم على منصة AT، حيث تشترط الشركة على الأعضاء دعوة أصدقاء جدد لاستمرار تفعيل الحسابات.
وقال عبدو في تصريحاته:
"المنصة تقوم بإيقاف الحسابات بحجة عدم دعوة أصدقاء، ولا يتم إعادة التفعيل إلا بإضافة أعضاء جدد عبر الرابط الخاص بالعضو الموقوف. وإذا لم يتم ذلك، يتم إزالة الحساب تمامًا من الجروب."
وأضاف:
"أنا شخصيًا، بالإضافة إلى أصدقائي المقربين الذين لم يضيفوا عددًا كافيًا من الأصدقاء، تم إيقاف حساباتنا دون أي سبب واضح سوى عدم الامتثال لهذا الشرط التعسفي."
وأشار إلى أن صديقه، الأستاذ سامر، مدير التسويق المصري، يعاني من المشكلة نفسها منذ يوم أمس، حيث يتوافد عليه الأعضاء الذين تعرضوا لنفس الإجراء، دون إيجاد أي حلول واضحة.

التشريعات القانونية لمكافحة الاحتيال الإلكتروني
وشدد الخبير القانوني على أهمية التوعية بخطورة هذه المنصات، مشيرًا إلى أن التشريعات المصرية تتضمن عدة قوانين لمكافحة الاحتيال الإلكتروني، من أبرزها:
- القانون رقم 175 لسنة 2018 لمكافحة الجرائم الإلكترونية، والذي يفرض عقوبات تصل إلى السجن والغرامة بملايين الجنيهات على المتورطين في جرائم الاحتيال الإلكتروني.
- القانون رقم 194 لسنة 2020 الخاص بالبنك المركزي، والذي أنشأ الإدارة المركزية لمكافحة الاحتيال المالي، ووضع آليات للإبلاغ عن عمليات النصب الإلكتروني.
ضرورة توخي الحذر والوعي الاستثماري
وفي ختام، شدد الدكتور إبراهيم جلال فضلون الخبير الاقتصادي على ضرورة رفع الوعي الاستثماري لدى المواطنين، محذرًا من الانسياق وراء العروض الاستثمارية التي تعد بعوائد غير واقعية.
وأكد في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أن الاستثمار الحقيقي لا يتم إلا من خلال القنوات القانونية والمشروعات الموثوقة، داعيًا الجهات المعنية إلى تشديد الرقابة على المنصات الإلكترونية المشبوهة لحماية المواطنين من الوقوع ضحية للاحتيال الرقمي.

قنوات الإبلاغ عن الاحتيال الإلكتروني
ودعا الخبراء المواطنين إلى الإبلاغ عن أي عمليات احتيال إلكتروني فور اكتشافها عبر القنوات الرسمية، والتي تشمل:
الخط الساخن لشكاوى الجرائم الإلكترونية (108).
الخط الساخن لجهاز حماية المستهلك (19588).
تقديم شكاوى رسمية عبر الموقع الإلكتروني للبنك المركزي المصري www.cbe.org.eg.