بأحد مناحل الإسكندرية.. رحلة داخل عالم النحل بين كنوز العسل وأسرار العلاج بلسعاته

محافظات

لقاء الفجر مع أحد
لقاء الفجر مع أحد أصحاب المناحل في الإسكندرية

بين مؤيد ومعارض، يثير العلاج بلدغات النحل جدلًا واسعًا بين من يؤمن بقدرته على علاج أمراض مستعصية ومن يحذر من مخاطره المحتملة، لكن قبل أن نخوض في هذا الجدل، دعونا ننطلق في رحلة داخل أحد المناحل بالإسكندرية، حيث نكشف أسرار هذا العالم المثير ونتعرف على النحل عن قرب، بدءًا من دوره في الطبيعة وحتى استخدامه في الطب البديل.

محررة الفجر مع المهندس محمود 
محررة الفجر مع المهندس محمود 

ويبدأ المهندس محمود، أحد أصحاب المناحل في الإسكندرية، حديثه  في لقاء خاص لـ "الفجر" عن تاريخ النحل الذي يعود إلى زمن القدماء المصريين، مشيرًا إلى النقوش الموجودة على جدران المعابد، والتي تظهر أحد المصريين القدماء وهو يستخرج العسل بلونه البني في وعاء فخاري.

وأوضح أن الإنسان بدأ تربية النحل منذ آلاف السنين من أجل الحصول على عسله المفيد، ولا يزال يواصل دراسته لهذه الحشرة الفريدة للتعرف على خصائصها المختلفة مشيرًا إلى ذكر النحل في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة النحل: "يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".

 

المهندس محمود من داخل خلية النحل 
المهندس محمود من داخل خلية النحل 

وتابع: يعيش النحل في مستعمرات منظمة تقوم على نظام اجتماعي دقيق، إلا أن الأبحاث العلمية كشفت أن معظم أنواع النحل تميل إلى العزلة باستثناء نحل العسل، الذي يعيش في خلايا تقودها الملكة، وهي الوحيدة القادرة على وضع البيض، ولا تغادر الخلية إلا لغرض التزاوج أو في حالات الطوارئ.

وأوضح محمود أن  ذكر النحل، يمتاز بحجمه الضخم مقارنة بالشغالات، لكنه لا يمتلك القدرة على جمع الرحيق أو إنتاج العسل، وتقتصر مهمته على تلقيح الملكة، ويموت فورًا بعد التزاوج.

وفيما يتعلق باستخدام النحالين للدخان أثناء التعامل مع النحل، أوضح المهندس أحمد أن الدخان يهدئ النحل، مما يسمح لمربي النحل بفتح الخلية دون التعرض لهجمات مفاجئة، كما أنه يحفز النحل على التهام كميات كبيرة من العسل استعدادًا لمغادرة الخلية في حال نشوب حريق، مما يجعله أقل ميلًا للهجوم.

مدخن النحل 
مدخن النحل 

منتجات النحل وفوائدها

يوضح المهندس أحمد أن النحل لا ينتج العسل فقط، بل هناك عدة منتجات أخرى لها فوائد متعددة وهي:

العسل هو المادة الأساسية التي ينتجها النحل، وهو سائل حلو طبيعي يتكون من إفرازات نباتية سكرية يتم تحويلها داخل الخلية عبر عمليات أنزيمية معقدة، ويختلف في لونه وطعمه ورائحته حسب مصدر الرحيق.

غذاء ملكات النحل هو مادة هلامية غنية بالعناصر الغذائية، يستخدمها النحل لإطعام الملكة ويرى البعض أنها تعزز المناعة وتحسن الصحة العامة.

شمع النحل يتم إنتاجه عندما تنضج الغدد الشمعية للشغالات في عمر 12-18 يومًا، وهو مادة ضرورية لبناء خلايا النحل وتخزين العسل.

حبوب اللقاح هي كرات غنية بالبروتينات والفيتامينات، تجمعها النحلات من الأزهار وتستخدم كغذاء أساسي داخل الخلية.

والأخير سم النحل بين الفوائد والمخاطر

سم النحل، الذي يُعرف أيضًا بلدغ النحل، هو سائل شفاف يتم إفرازه من خلال زوج من الغدد السامة الموجودة في جسم الشغالة، حيث يتم تخزينه في كيس خاص، وعند اللسع، تفرغه النحلة عبر آلة اللسع الخاصة بها، مما يؤدي إلى موتها بعد ذلك.

لدغة النحلة 
لدغة النحلة 

يتحدث المهندس الزراعي أحمد عن فوائد سم النحل، مشيرًا إلى أنه تمكن خلال مسيرته العملية من علاج العديد من الأشخاص المصابين بأمراض مستعصية، مستعرضًا إحدى الحالات التي عانت من اضطراب في الجهاز المناعي أدى إلى عدم التئام الجروح، لكنه استطاع عبر برنامج علاجي يعتمد على لدغات النحل علاج الحالة بالكامل، بعد أن كاد المريض يفقد الأمل في الشفاء.

ويضيف أن سم النحل يمتلك خصائص مضادة للالتهابات بسبب احتوائه على مادة الميلتين، التي تعمل على تثبيط الالتهاب وتقليل آثاره، لكنه يشدد على ضرورة أخذ جرعات صغيرة منه لتجنب آثاره السلبية مثل الحكة والتورم

ويشير إلى أن بعض الدراسات أثبتت أن سم النحل يساعد في تحسين صحة الجلد وتقليل التجاعيد ومعالجة حب الشباب عند إضافته إلى بعض المستحضرات الطبية، كما أنه قد يخفف من أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي وأمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة الحمراء والتهاب الدماغ والنخاع، لكن جميع هذه الاستخدامات يجب أن تكون تحت إشراف طبي متخصص.

الرأي الطبي: بين العلم والتحذيرات

يؤكد الدكتور محمد أنسي الشافي، نقيب الصيادلة بالإسكندرية، أن العلاج بلدغات النحل ومنتجاته يعتمد على أسس علمية، لكنه ليس مجالًا للاجتهاد الشخصي، ولا يجب أن يُمارس إلا تحت إشراف طبي متخصص، موضحًا أن هناك مدارس عالمية متخصصة في هذا المجال، لا سيما في آسيا وأوروبا الشرقية، حيث يتم تطبيقه وفق معايير طبية دقيقة.

 

محمد أنسي نقيب الصيادلة في الإسكندرية مع الفجر 
محمد أنسي نقيب الصيادلة في الإسكندرية مع الفجر 

وأشار إلى أن العلاج بسم النحل شائع في رومانيا، حيث يوجد مركز طبي يشرف عليه الدكتور "ستيفين"، يعالج أكثر من 600 مرض باستخدام منتجات النحل، لكن ضمن منظومة طبية متكاملة تضمن التشخيص السليم وتجنب المخاطر المحتملة.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن العلاج بسم النحل يحمل فوائد حقيقية، لكنه قد يصبح خطرًا إذا استُخدم بطريقة عشوائية أو دون استشارة طبية، لذا من الضروري مراجعة الأطباء المختصين لضمان تحقيق الفائدة دون تعريض المريض لأي مخاطر صحية.

وبينما يستمر الجدل حول العلاج بسم النحل، يبقى الأهم هو اتباع الطرق العلمية الآمنة، فالعلاج قد يكون سلاحًا ذو حدين، بين الشفاء والمضاعفات الخطيرة.