خطوة نحو دعم الاستقرار وإعادة الإعمار.. الاتحاد الأوروبي يخفف العقوبات على سوريا

في خطوة جديدة قد تعيد تشكيل العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وسوريا، قررت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي رفع مجموعة من العقوبات المفروضة على دمشق، وذلك خلال اجتماع موسع عقد في بروكسل.
والقرار شمل تعليق العقوبات المفروضة على قطاعات الطاقة والنقل والإنشاءات، بالإضافة إلى رفع القيود عن أربعة بنوك سورية وشركة الخطوط الجوية السورية، ما يمثل تحولًا مهمًا في النهج الأوروبي تجاه سوريا بعد أكثر من عقد من العقوبات الصارمة.
تفاصيل القرار وتداعياته
جاء في بيان رسمي صادر عن الاتحاد الأوروبي أن العقوبات المفروضة على قطاعي الطاقة والنقل تم تعليقها، إضافة إلى تخفيف القيود المفروضة على المصرف المركزي السوري، مع تمديد الإعفاء الخاص بتسهيل تسليم المساعدات الإنسانية لأجل غير مسمى.
ويعد هذا القرار تحولًا استراتيجيًا في السياسة الأوروبية تجاه سوريا، إذ يأتي في سياق محاولات دعم الاستقرار الاقتصادي في البلاد التي تعاني من أزمات متراكمة بسبب الحرب الطويلة والعقوبات الاقتصادية الصارمة.
إلى جانب ذلك، أكد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أن بعض العقوبات ستظل قائمة، بما في ذلك تلك المتعلقة بتجارة الأسلحة والسلع ذات الاستخدام المزدوج، فضلًا عن القيود المفروضة على برامج المراقبة والتجارة الدولية للسلع التراثية السورية.
كما شدد المسؤولون الأوروبيون على أنهم سيواصلون مراقبة الوضع في سوريا، للتأكد من أن رفع العقوبات يسير في الاتجاه الذي يخدم الأهداف السياسية والإنسانية للاتحاد.
دوافع القرار الأوروبي
وفقًا لمصادر أوروبية رفيعة المستوى، يهدف القرار إلى دعم مسار الانتقال السياسي في سوريا بعد التغيرات التي شهدتها الساحة السياسية السورية منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي.
منذ ذلك الحين، بدأ الاتحاد الأوروبي في إعادة فتح قنوات التواصل مع الإدارة الجديدة في دمشق، لكنه وضع شروطًا أساسية لرفع العقوبات بشكل كامل، من بينها تشكيل حكومة جامعة تمثل كافة أطياف المجتمع السوري، ومكافحة الإرهاب، وتحقيق العدالة الانتقالية عبر محاسبة المتورطين في جرائم الحرب.
من جانبها، أوضحت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن الاتحاد قرر رفع بعض العقوبات عن دمشق لدعم جهود إعادة الإعمار وتحسين الظروف الاقتصادية.
وقالت كالاس للصحافيين: "سنرفع العقوبات عن الطاقة والمواصلات والمصارف السورية خلال اجتماع اليوم، لأننا نريد تمهيد الطريق أمام مرحلة اقتصادية جديدة في سوريا".
انعكاسات القرار على الاقتصاد السوري
من المتوقع أن يكون لهذا القرار تأثير كبير على الاقتصاد السوري، حيث سيسهم في تخفيف القيود المفروضة على عمليات التمويل الدولي والمشاريع الاستثمارية، لا سيما في قطاعات الطاقة والبنية التحتية.
كما سيسهل القرار استئناف حركة الطيران السوري إلى بعض الوجهات الأوروبية، ما قد يساعد في تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي داخل سوريا.
ويرى محللون أن هذه الخطوة تعكس رغبة الاتحاد الأوروبي في لعب دور أكثر فاعلية في الملف السوري، خصوصًا في ظل التغيرات السياسية الأخيرة.
فبعد 14 عامًا من الحرب والعقوبات، يبدو أن أوروبا تسعى إلى التعامل مع دمشق بمرونة أكبر، خاصة فيما يتعلق بالمجالات الاقتصادية والإنسانية.
شروط أوروبا لمزيد من الانفتاح
ورغم الخطوة الإيجابية التي اتخذها الاتحاد الأوروبي، فإن رفع العقوبات بشكل كامل لا يزال مرهونًا بشروط سياسية صارمة.
فقد شددت الدول الأوروبية على ضرورة تحقيق إصلاحات سياسية جادة، ومواصلة العمل على مكافحة الإرهاب، وضمان عدم تكرار الانتهاكات التي شهدتها سوريا خلال السنوات الماضية.
ومن المنتظر أن يدخل القرار الجديد حيز التنفيذ رسميًا بعد نشره في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي فجر الثلاثاء، وهو ما سيشكل نقطة تحول في العلاقات بين أوروبا وسوريا، مع ترقب مدى التزام الإدارة السورية الجديدة بالشروط الأوروبية لتحقيق انتقال سياسي سلس ومستدام.