حدث في مثل هذا اليوم: دخول قوات التحالف العراق وبداية المعارك البرية في حرب الخليج الثانية

منوعات

دخول قوات التحالف
دخول قوات التحالف العراق وبداية المعارك البرية في حرب الخليج

في مثل هذا اليوم من عام 1991، دخلت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأراضي العراقية، معلنةً بذلك بدء العمليات البرية في حرب الخليج الثانية، والتي هدفت إلى تحرير الكويت من الاحتلال العراقي. جاء هذا التحرك بعد أشهر من العمليات الجوية المكثفة، حيث كان الهدف الأساسي هو إضعاف القدرات العسكرية العراقية وإجبارها على الانسحاب دون قتال طويل الأمد.

قوات التحالف في حرب الخليج الثانية
تكونت قوات التحالف الدولي من 32 دولة، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وتضمنت قوات من بريطانيا، فرنسا، السعودية، مصر، ودول أخرى، وصل مجموع عدد الجنود المشاركين فيها إلى نحو 960،000 جندي، نصفهم من الولايات المتحدة وحدها. تكبدت قوات التحالف خسائر محدودة مقارنة بالخسائر العراقية، حيث قُتل أكثر من 500 جندي من التحالف، معظمهم من الأمريكيين. كان الهدف الأساسي لهذا التحالف هو فرض الانسحاب العراقي من الكويت بالقوة إذا لم يتم ذلك طوعًا.

حرب الخليج الثانية: الأسباب والتسمية

عرفت الحرب بأسماء عدة، حيث أطلق عليها عسكريًا "عملية درع الصحراء" للفترة التحضيرية من 7 أغسطس 1990 وحتى 17 يناير 1991، ثم "عملية عاصفة الصحراء" للمرحلة القتالية من 17 يناير إلى 28 فبراير 1991. الحرب اندلعت بعد اجتياح العراق للكويت في 2 أغسطس 1990، حيث زعم العراق أن الكويت تسرق النفط العراقي من خلال الحفر المائل، إلى جانب الخلافات المالية حول ديون العراق للكويت، والتي نشأت خلال الحرب العراقية-الإيرانية.

مع رفض العراق الانسحاب من الكويت، فرض مجلس الأمن عقوبات اقتصادية عليه وطالب بانسحابه غير المشروط، لكن صدام حسين لم يستجب. ومع تصاعد التوتر، بدأت العمليات العسكرية في 17 يناير 1991، عبر قصف جوي مكثف أعقبه الهجوم البري، الذي أفضى إلى تحرير الكويت وانهيار القوات العراقية.

التدخل العسكري الأمريكي والاستعدادات للحرب

بعد غزو العراق للكويت بفترة قصيرة، أمر الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب بإرسال قوات أمريكية إلى السعودية ضمن عملية "درع الصحراء"، وذلك لحماية الأراضي السعودية من أي هجوم محتمل. قامت الولايات المتحدة بحشد قواتها إلى جانب قوات الدول الخليجية، وانضم إليها عدد من الدول العربية والغربية التي قدمت الدعم العسكري واللوجستي.

كانت القوات الأمريكية تعتمد بشكل كبير على التفوق الجوي والتكنولوجي، حيث تم استخدام طائرات مقاتلة متطورة، وصواريخ كروز، ودبابات حديثة تفوقت على المعدات العراقية القديمة. كان العراق يمتلك جيشًا كبيرًا مزودًا بأسلحة سوفيتية الصنع، لكنه افتقر إلى التفوق التقني والاستراتيجي الذي امتلكته قوات التحالف.

الهجوم البري: بداية النهاية للاحتلال العراق

في 24 فبراير 1991، بدأت قوات التحالف الهجوم البري بعد أكثر من شهر من القصف الجوي المكثف، والذي دمر البنية التحتية العسكرية العراقية وأضعف قواته. استطاعت القوات المتقدمة اجتياح الأراضي الكويتية بسرعة هائلة، وخلال 100 ساعة فقط، تمكنت قوات التحالف من اختراق الدفاعات العراقية، ما دفع صدام حسين إلى إصدار أوامر لقواته بالانسحاب من الكويت.

أثناء انسحاب القوات العراقية، قامت بإشعال النار في أكثر من 700 بئر نفطي في الكويت، مما تسبب في كارثة بيئية كبيرة استمرت آثارها لسنوات. وفي 28 فبراير، أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب وقف إطلاق النار، معلنًا نهاية العمليات العسكرية الفعلية للحرب.

الهجمات الصاروخية العراقية على السعودية والبحرين وإسرائيل
 

لم يكتفِ العراق بالدفاع داخل الكويت والعراق، بل بدأ بشن هجمات صاروخية على عدة دول في محاولة لجرّ أطراف أخرى إلى الحرب.

الهجمات على السعودية: أطلق العراق 43 صاروخًا باليستيًا من طراز "سكود" على عدة مدن سعودية، وكان أبرزها العاصمة الرياض ومدينة الظهران، مما أدى إلى مقتل 28 شخصًا وإصابة العشرات.

الهجمات على البحرين: أطلق العراق 3 صواريخ سكود على البحرين، إلا أن الدفاعات الجوية تمكنت من اعتراضها، ولم تحدث أضرار كبيرة.

الهجمات على إسرائيل: كانت إحدى المحاولات العراقية لجرّ إسرائيل إلى الحرب عبر إطلاق 43 صاروخ سكود على تل أبيب ومدن إسرائيلية أخرى، في محاولة لاستفزاز رد فعل إسرائيلي قد يؤدي إلى انهيار التحالف العربي ضد العراق. لكن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل ضبط النفس، مما حال دون توسيع رقعة الصراع.

ردود الفعل الدولية على الاجتياح العراقي للكويت

منذ اللحظات الأولى لغزو الكويت، أجمعت الدول الكبرى على إدانة الاحتلال العراقي. أصدر مجلس الأمن الدولي قرارًا يطالب العراق بالانسحاب الفوري وغير المشروط، لكن صدام حسين لم يستجب لهذه المطالب، مما دفع القوى الغربية والعربية إلى التحرك عسكريًا.

الدور العربي كان مهمًا في هذه الأزمة، حيث شاركت عدة دول عربية في التحالف، مثل السعودية ومصر وسوريا، وقدموا دعمًا عسكريًا للقوات المتحالفة ضد العراق. كما قامت الجامعة العربية بإدانة الغزو والمشاركة في الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة.

على الجانب الآخر، حاول العراق استخدام الدعاية لكسب دعم بعض الدول والشعوب العربية، مستخدمًا شعارات مثل "تحرير فلسطين" و"مواجهة الإمبريالية"، لكن ذلك لم يغير من موقف المجتمع الدولي تجاه الأزمة.


كان لحرب الخليج الثانية تداعيات كبيرة على المنطقة والعالم:

تحرير الكويت: نجحت قوات التحالف في تحقيق هدفها الأساسي، وهو طرد الجيش العراقي من الكويت، وإعادة الحكومة الكويتية الشرعية إلى السلطة.

فرض عقوبات على العراق: بعد انتهاء الحرب، فُرضت عقوبات اقتصادية قاسية على العراق، شملت حظر تصدير النفط والحد من استيراد المواد الأساسية، مما أدى إلى معاناة كبيرة للشعب العراقي خلال التسعينيات.

إضعاف الجيش العراقي: تم تدمير جزء كبير من قدرات العراق العسكرية، مما جعله غير قادر على تهديد جيرانه مرة أخرى، وأدى ذلك إلى استمرار الهيمنة الأمريكية في المنطقة.

زيادة الوجود الأمريكي في الخليج: بعد الحرب، بقيت القوات الأمريكية في السعودية ودول الخليج الأخرى، مما أدى لاحقًا إلى توترات سياسية وظهور جماعات معارضة للوجود الأمريكي في المنطقة.
شكلت حرب الخليج الثانية نقطة تحول رئيسية في تاريخ المنطقة، حيث كانت أول حرب كبرى بعد الحرب الباردة شهدت تدخلًا عسكريًا واسعًا من قوى عالمية ضد دولة عربية. أدى هذا الصراع إلى تغيرات سياسية وعسكرية كبيرة، وكان مقدمة للأحداث اللاحقة التي شهدها العراق، بما في ذلك الغزو الأمريكي عام 2003 وسقوط نظام صدام حسين. وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود على هذه الحرب، لا تزال تداعياتها محسوسة في السياسة الإقليمية والدولية.