مراسم تشييع حسن نصر الله في بيروت وسط إجراءات أمنية مشددة (بث مباشر)
تشهد العاصمة اللبنانية بيروت، اليوم الأحد، إقامة مراسم تشييع الأمين العام السابق لحزب الله، حسن نصر الله، بعد مرور ما يقارب خمسة أشهر على مقتله جراء غارة جوية إسرائيلية.
وتجرى مراسم التشييع وسط إجراءات أمنية مشددة وبحضور وفود دولية وشخصيات سياسية بارزة.
مكان وموعد جنازة حسن نصر الله
من المقرر أن تُقام مراسم الجنازة الرسمية في ملعب كميل شمعون الرياضي، وهو أكبر استاد رياضي في لبنان، ويقع على مشارف الضاحية الجنوبية، التي تُعتبر المعقل الرئيسي لحزب الله.
وتتم مراسم التشييع بحضور واسع من قيادات الحزب وداعميه، إضافة إلى مراسم تأبين لـهاشم صفي الدين، الذي تولّى قيادة الحزب لمدة أسبوع بعد مقتل نصر الله، قبل أن تقتله إسرائيل لاحقًا، ووفقًا لوكالة "رويترز"، سيتم دفن صفي الدين في الجنوب يوم الاثنين.
تم تحديد موعد الجنازة الرسمي بحيث يتزامن مع ترتيبات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، مما يتيح للقوات الإسرائيلية الوقت اللازم للانسحاب من جنوب لبنان وفقًا لبنود الاتفاق.
اجتماع أمني لتنظيم مراسم التشييع
حسب موقع "جنوبية" اللبناني، عُقد اجتماع أمني يوم الجمعة الماضي في قصر بعبدا، برئاسة الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون، لمناقشة تفاصيل تنظيم الجنازة، إلى جانب تقييم الأحداث الأمنية السابقة في مطار بيروت.
ضمّ الاجتماع عددًا من كبار المسؤولين اللبنانيين، منهم:
- وزيري الدفاع والداخلية
- قائد الجيش بالإنابة
- المديرين العامين لـقوى الأمن الداخلي والأمن العام
- نائب المدير العام لأمن الدولة
- مدير المخابرات في الجيش
مشاركة دولية في مراسم التشييع
أكدت وكالة "رويترز" أن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، سيحضر الجنازة، كما نقلت "سكاي نيوز" عن نائبين عراقيين أن وفدًا عراقيًا يضم سياسيين شيعة بارزين وقادة فصائل مسلحة سيصل إلى بيروت على متن طائرة رئاسية لحضور الجنازة.
هجمات إسرائيلية قبل مراسم التشييع
تزامنًا مع استعدادات الجنازة، شنت إسرائيل ثلاث غارات جوية على جنوب لبنان، حسب الوكالة الوطنية للإعلام. استهدفت الغارات:
- المنطقة الواقعة بين القليلة والسماعية في قضاء صور
- منطقة مريصع على أطراف بلدة أنصار
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن، السبت، أنه نفّذ ضربات جوية استهدفت المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، متهمًا حزب الله باستخدام هذه الطرق لتهريب الأسلحة.
حياة حسن نصر الله ومسيرته السياسية
نشأته وبداياته
وُلد حسن نصر الله في أغسطس 1960 في أحد الأحياء الفقيرة شرقي بيروت، ونشأ في أسرة متواضعة حيث كان والده يدير محل بقالة صغيرًا. وكان نصر الله الابن الأكبر بين تسعة أبناء.
مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، وكان يبلغ من العمر 15 عامًا، اضطر والده إلى مغادرة بيروت والعودة إلى قريته الأصلية البازورية في جنوب لبنان، والتي تقطنها غالبية من الطائفة الشيعية، هناك، أتمّ نصر الله تعليمه الابتدائي والثانوي.
في سن الخامسة عشرة، انضم نصر الله إلى حركة أمل، وهي حركة سياسية وعسكرية شيعية بارزة أسسها الإمام موسى الصدر. وسرعان ما برز داخل الحركة، لكنه انتقل لاحقًا إلى العراق لمواصلة دراسته الدينية في النجف، حيث تعرّف على عباس الموسوي، أحد رجال الدين المؤثرين، والذي أصبح لاحقًا أستاذه ومرشده الروحي.
بعد عامين فقط، اضطر نصر الله إلى مغادرة النجف بسبب التوترات السياسية، وعاد إلى لبنان حيث انخرط في القتال خلال الحرب الأهلية اللبنانية.
تأسيس حزب الله وانضمام نصر الله إليه
في مطلع الثمانينيات، قرر الحرس الثوري الإيراني إنشاء حزب الله كتنظيم شيعي مسلح يتبع مباشرة لـ إيران، وذلك لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي في لبنان.
في عام 1985، أُعلن رسميًا عن تأسيس حزب الله، وانضم حسن نصر الله إليه، إلى جانب معلمه عباس الموسوي، وعدد من أعضاء حركة أمل.
في بداياته داخل الحزب، كان نصر الله لا يزال يُعتبر مبتدئًا في معايير رجال الدين الشيعة، بينما كان صبحي الطفيلي يقود الجماعة آنذاك، ومع ذلك، لعب الحزب دورًا رئيسيًا في تنفيذ عمليات مسلحة ضد القوات الأمريكية والإسرائيلية في لبنان.
في منتصف الثمانينيات، تعمقت علاقات نصر الله بإيران، وسافر إلى مدينة قم لمتابعة دراسته الدينية، حيث أتقن اللغة الفارسية وأقام علاقات وثيقة مع النخب السياسية والعسكرية الإيرانية.
عند عودته إلى لبنان، نشب خلاف بينه وبين عباس الموسوي حول العلاقة مع سوريا. دعم الموسوي التعاون مع النظام السوري بقيادة حافظ الأسد، بينما كان نصر الله يرى أن الحزب يجب أن يركز على مواجهة إسرائيل والقوات الأمريكية.
لاحقًا، عُيّن نصر الله ممثلًا لحزب الله في إيران، وهو المنصب الذي أبعده عن الساحة اللبنانية مؤقتًا.
صعوده إلى قيادة حزب الله
في عام 1991، تم عزل صبحي الطفيلي بسبب رفضه لارتباط الحزب بإيران، وعُيّن عباس الموسوي أمينًا عامًا لحزب الله بدلًا منه.
لم يدم تولي الموسوي لهذا المنصب طويلًا، حيث اغتيل على يد الموساد الإسرائيلي بعد أقل من عام على تعيينه. وبعد اغتياله في عام 1992، تولى حسن نصر الله قيادة الحزب، وكان حينها يبلغ من العمر 32 عامًا فقط.
منذ ذلك الحين، قاد نصر الله حزب الله ليصبح قوة إقليمية مؤثرة، ولعب دورًا أساسيًا في الصراعات مع إسرائيل، فضلًا عن تعزيز علاقاته مع إيران وسوريا، حيث دعم نفوذ الحزب في لبنان والمنطقة.
وفاته والتشييع الشعبي
في 27 سبتمبر 2024، قُتل حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية استهدفت مخبأه السري في الضاحية الجنوبية لبيروت، ضمن تصعيد عسكري كبير بين إسرائيل وحزب الله.
بعد مقتله، تم دفنه بصورة مؤقتة إلى جوار ابنه هادي نصر الله، الذي قُتل عام 1997 أثناء قتاله في صفوف حزب الله. ومع ترتيبات التشييع الرسمية، سيُعاد دفنه في موقع أُعد خصيصًا لاحتضانه بشكل دائم.
تأتي مراسم تشييع حسن نصر الله وسط تصعيد عسكري مستمر بين إسرائيل وحزب الله، ما يزيد من توتر الأوضاع في لبنان والمنطقة ككل.
