عبد المعطي لـ "الفجر": 100 مليون جنيه لتطوير المستشفى الشمالي بمعهد الأورام

يُعد المعهد القومي للأورام بجامعة القاهرة أحد أعرق المؤسسات الطبية في مصر والمنطقة العربية، حيث يمثل حجر الأساس في علاج الأورام، وتقديم الرعاية الصحية لملايين المرضى منذ تأسيسه،عام 1959 م وفى عام 1969 م تم بناء المستشفى القديم ثم تم فصل المعهد عن كلية الطب وتعديل مسماه من معهد السرطان إلى معهد القومى للأورام وأنشئ المبنى الجديد له وبدئ العمل فيه أعتبارًا من 1979 م وفى 2/6/1989 م تم أفتتاح العيادات الخارجية الجديدة للمعهد.
على مدار العقود الماضية، لعب المعهد
دورًا محوريًا في تطوير منظومة علاج الأورام، من خلال تقديم أحدث الأساليب العلاجية، ودعم البحث العلمي، وتدريب الأطباء على أحدث التقنيات الطبية.
وفي ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها قطاع الصحة، لم يتوقف المعهد عن التطوير والتحديث لمواكبة المستجدات العالمية في علاج الأورام. خلال السنوات الأخيرة، وضعت إدارة المعهد، بدعم من جامعة القاهرة، خطة طموحة لتحديث بنيته التحتية ورفع كفاءة الخدمات المقدمة للمرضى، بما يضمن تحقيق أعلى مستويات الجودة الطبية، والارتقاء بتجربة المرضى داخل المستشفى.
وفي هذا الإطار، أكد الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، أن الجامعة تولي اهتمامًا بالغًا بتطوير معهد الأورام باعتباره أحد أهم الصروح الطبية المتخصصة في مصر. وأشار إلى أن التحديثات الجارية تأتي ضمن رؤية الجامعة لدعم البحث العلمي، وتوفير بيئة علاجية متطورة تلبي احتياجات المرضى وفق أعلى المعايير الدولية. وأضاف أن الجامعة تعمل على تسخير كافة إمكانياتها لضمان تنفيذ هذه المشروعات في أسرع وقت ممكن، بما يسهم في تعزيز دور المعهد في تقديم خدمات طبية متميزة.
وتشمل مشروعات التطوير الحالية تحديث المستشفى الشمالي بتكلفة تصل إلى 100 مليون جنيه، وإنشاء أول وأكبر صيدلية إكلينيكية في مصر لتحضير جرعات العلاج الكيميائي بدقة وأمان، بالإضافة إلى إنشاء مطبخ مركزي متطور لضمان توفير وجبات غذائية ملائمة لمرضى الأورام.
وفي هذا السياق، أجرى موقع "الفجر" حوارًا خاصًا مع الدكتور محمد عبد المعطي، عميد معهد الأورام، للحديث عن تفاصيل هذه المشروعات، وأثرها على تحسين الخدمات العلاجية المقدمة للمرضى. في هذا الحوار، يكشف الدكتور عبد المعطي عن رؤية المعهد المستقبلية، وأبرز التحديات التي تواجهه، والخطط التي يتم تنفيذها لضمان استمرار دوره الريادي في علاج الأورام على المستويين المحلي والدولي.

في البداية، الدكتور محمد، حدثنا عن أبرز مشروعات التطوير التي يشهدها المعهد حاليًا؟
المعهد القومي للأورام يشهد حاليًا تنفيذ خطة تطوير شاملة تهدف إلى رفع كفاءة الخدمات المقدمة للمرضى، بما يتماشى مع أحدث المعايير الطبية. من أبرز المشروعات التي يتم العمل عليها حاليًا تجديد المستشفى الشمالي، حيث تبلغ التكلفة الإجمالية للتجديدات الإنشائية نحو 100 مليون جنيه مصري، ويتم تنفيذها وفقًا للكود المصري للمستشفيات المتخصصة في علاج الأورام.
بعد الانتهاء من هذه التجديدات، ستزداد القدرة الاستيعابية للمستشفى بشكل كبير، حيث ستشمل:
150 سريرًا بالأقسام الداخلية (جراحة/ باطنة/ أطفال).
8 غرف عزل مجهزة بتقنية الضغط السلبي لتقليل احتمالات العدوى.
23 سرير رعاية مركزة موزعة بين أقسام الجراحة والباطنة والأطفال.
5 غرف عمليات و7 أسرة إفاقة لضمان تقديم خدمات جراحية متكاملة.
12 سريرًا للاستقبال والطوارئ لتوفير استجابة سريعة للحالات العاجلة.
وحدة أبحاث إكلينيكية متطورة لدعم الدراسات السريرية وتحسين طرق العلاج.
خدمات أخرى تشمل: مطبخًا مركزيًا، محطة كهرباء، قاعات ومكاتب إدارية، غرف نظم المعلومات، سكن الأطباء، وأقسام إدارية.
هذه التحديثات تهدف إلى تحسين جودة الرعاية الصحية، وتوفير بيئة علاجية أكثر أمانًا وراحة للمرضى.

ماذا عن دور الصيدلية الإكلينيكية في تحسين الخدمات العلاجية داخل المعهد؟
يضم المعهد أول وأكبر صيدلية إكلينيكية تم إنشاؤها في مصر لخدمة مرضى الأورام. هذه الصيدلية مصممة وفق أعلى معايير التعقيم والسلامة، حيث يتم فيها تحضير جرعات العلاج الكيميائي، المناعي، والموجه في بيئة معقمة وآمنة. كما يتم تحديد الجرعات بدقة، مع الأخذ في الاعتبار التفاعلات الدوائية المحتملة بين الأدوية المختلفة، مما يقلل من الأعراض الجانبية ويضمن تحقيق أعلى فاعلية علاجية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك صيدلية إكلينيكية بالدور السادس بالمستشفى الشمالي، والتي ستكون مخصصة لخدمة المرضى الداخليين الذين يتلقون العلاج الكيميائي، بمعدل يتراوح بين 1500 - 1800 جرعة سنوية لقسم الأطفال، و3000 - 3500 جرعة سنوية لقسم الباطنة. هذا التطوير يهدف إلى تحسين تجربة المرضى وتقليل المخاطر المرتبطة باستخدام العلاجات الكيميائية.
هناك حديث عن إنشاء مطبخ مركزي جديد.. ما أهمية هذا المشروع؟
المطبخ المركزي الجديد يعد إضافة هامة لمنظومة الرعاية الصحية داخل المعهد. فقد تم الانتهاء من إنشائه في المقر الرئيسي بالمعهد بفم الخليج، وجارٍ حاليًا بدء إجراءات تشغيله بواسطة متخصصين في تجهيزات التغذية العلاجية. يهدف المطبخ إلى توفير وجبات غذائية متكاملة لمرضى الأورام، وفقًا لمعايير غذائية خاصة تتناسب مع احتياجاتهم الصحية.
سيعمل المطبخ المركزي على تقديم الوجبات لكافة مستشفيات المعهد، بما في ذلك مستشفى الثدي بالتجمع، لحين الانتهاء من تجهيز المطبخ الخاص بها. هذا المشروع يعكس اهتمام المعهد بتقديم خدمات شاملة، لا تقتصر على العلاج الدوائي فقط، بل تمتد أيضًا إلى الجوانب التغذوية التي تلعب دورًا محوريًا في دعم صحة المرضى وتحسين استجابتهم للعلاج.
في الختام، ما الرسالة التي تود توجيهها للمرضى والمجتمع الطبي؟
نحن ملتزمون في معهد الأورام بتقديم أفضل رعاية صحية لمرضى الأورام، ونسعى باستمرار إلى تطوير الخدمات الطبية والبنية التحتية لتوفير بيئة علاجية آمنة ومتطورة. التحديثات الحالية ستسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية، وزيادة القدرة الاستيعابية للمستشفى، ورفع كفاءة الخدمات المقدمة.
أدعو المجتمع الطبي إلى دعم جهود المعهد، كما أطمئن المرضى بأننا نعمل جاهدين لضمان حصولهم على أفضل مستويات الرعاية الصحية. التطوير مستمر، والطموح لا يتوقف عند هذا الحد، وسنواصل العمل من أجل تحقيق رؤيتنا في أن يكون معهد الأورام مؤسسة طبية رائدة في مجال علاج الأورام على المستويين المحلي والدولي.
يؤكد التطوير المستمر الذي يشهده المعهد القومي للأورام أن تقديم رعاية صحية متكاملة ومتطورة لمرضى السرطان لم يعد مجرد هدف، بل أصبح التزامًا واضحًا من إدارة المعهد وجامعة القاهرة تجاه المرضى والمجتمع الطبي.
فمع ضخ استثمارات ضخمة في البنية التحتية، مثل تجديد المستشفى الشمالي بتكلفة 100 مليون جنيه، وإنشاء أول صيدلية إكلينيكية متكاملة، وتطوير خدمات التغذية من خلال المطبخ المركزي، يثبت المعهد أنه يسير بخطى ثابتة نحو التميز في علاج الأورام على المستويين المحلي والدولي.
لكن رحلة التطوير لا تتوقف عند حدود المنشآت الحديثة أو التوسعات الاستيعابية، بل تمتد إلى الاهتمام بالبحث العلمي، وتعزيز برامج التدريب، وتطبيق أحدث التقنيات العلاجية التي توفر للمريض فرصة أفضل في الشفاء وتحسين جودة الحياة. فمعهد الأورام لا يسعى فقط إلى تقديم العلاج، بل إلى الريادة في اكتشاف حلول جديدة، ودعم الابتكارات الطبية التي من شأنها أن تغير مستقبل علاج الأورام في مصر والمنطقة.
وفي ظل الدعم الكبير الذي توفره جامعة القاهرة، بقيادة الدكتور محمد سامي عبد الصادق، والتعاون الوثيق بين مختلف قطاعات الدولة، يبدو أن المعهد القومي للأورام في طريقه ليكون نموذجًا عالميًا يُحتذى به في تقديم الرعاية الصحية المتخصصة.
ومع استمرار هذه الجهود، يظل الأمل معقودًا على أن يتحول كل مريض يدخل المعهد إلى قصة نجاح جديدة في معركة الحياة ضد السرطان.