نوستالجيا "الباطنية": نادية الجندي عن أحمد زكي – "إنت شكلك صعب... مابتستــحمّش ولا إيه؟"

لا تزال كواليس فيلم "الباطنية" تحمل الكثير من الأسرار والمواقف التي تعكس كواليس صناعة السينما في السبعينيات، ومن بين هذه اللحظات، شهادة المؤلف مصطفى محرم عن رد فعل النجمة نادية الجندي عندما اقتُرح عليها أن يشاركها البطولة النجم الراحل أحمد زكي، الذي لم يكن وقتها قد حصل على نجوميته الكبيرة بعد.
يذكر محرم في مذكراته "حياتي في السينما" أنه كان جالسًا مع نادية الجندي وزوجها آنذاك المنتج محمد مختار لمناقشة توزيع الأدوار في الفيلم. وعندما جاء الحديث عن دور "سفروت"، اقترح محرم اسم أحمد زكي، لتأتي ردة فعل نادية الجندي صادمة:
"مين ده؟ عمل إيه قبل كده؟"
وعندما حاول محرم تذكيرها بأنه الشاب الذي جسّد دور "أحمد" الجدّي في مسرحية "مدرسة المشاغبين"، صدمت الجميع بتعليقها:
"إيه ده يا مصطفى؟! مين ده؟! وإيه الشكل ده؟ ده مابيستـ.ـحمّش!"
لكن مصطفى محرم لم يكن مستعدًا للتنازل عن رأيه بسهولة، فأصر قائلًا: "يا إما أحمد زكي يا إحنا هنسحب الفيلم!" وهو ما دفعها في النهاية للموافقة.
تصادم في أول مشهد!
مع انطلاق تصوير الفيلم، لم يكن الهدوء حاضرًا، إذ شهدت الكواليس توترًا بين نادية الجندي وأحمد زكي. فخلال تصوير أحد المشاهد، فوجئ طاقم العمل بنادية الجندي تصرخ في وجه زكي قائلة:
"إنت بتسرق الكاميرا مني! وكمان إنت بتلمـ.ـسني كتير ليه؟!"
تصاعدت الأزمة بسرعة عندما تدخّل محمد مختار، الذي كان حاضرًا في موقع التصوير، ووجّه له انتقادات حادّة، قائلًا:
"إزاي كومبارس يعمل كده مع نجمة الجماهير؟!"
لم يكتفِ بذلك، بل تطور الموقف إلى اشتباك جسدي، حيث دفعه مختار بقوة، وسط ذهول الجميع، ما دفع المخرج حسام الدين مصطفى للانسحاب مؤقتًا من التصوير اعتراضًا على الفوضى.
نجاح ساحق وتصالح مفاجئ
على الرغم من هذه البداية العاصفة، أظهر أحمد زكي ذكاءً استثنائيًا، وفضّل عدم الانسحاب، مدركًا أن "الباطنية" قد يكون مفتاحًا لنقلة نوعية في مسيرته الفنية. وبالفعل، عند عرض الفيلم، حقق نجاحًا غير مسبوق، لدرجة أن الأمن اضطر لتنظيم الحشود أمام دور العرض بسبب التدافع الجماهيري الكبير.
المفارقة كانت في أن أحمد زكي، الذي تعرّض للهجوم في البداية، أصبح العنصر الأكثر لفتًا للأنظار في الفيلم، وهو ما دفع نادية الجندي لإعادة النظر في موقفها منه. ومع النجاح الجماهيري، تم الصُلح بينهما، وظهرا سويًا في العروض الخاصة للفيلم، فيما أصبح زكي لاحقًا أحد أعمدة السينما المصرية.
هكذا كانت كواليس "الباطنية"، التي بدأت بتوتر وصدام، لكنها انتهت بتأكيد موهبة فنان استثنائي غيّر وجه السينما المصرية.