تقدم للجيش واجتماع في أديس أبابا وإعلان حكومة موازية.. ماذا يحدث في السودان؟

في تطور لافت للأحداث السودانية، استضافت العاصمة الكينية نيروبي اجتماعًا ضم قوى سياسية وقيادات من قوات الدعم السريع بهدف تشكيل حكومة موازية، في خطوة أثارت ردود فعل حادة من الحكومة السودانية والأمم المتحدة. يأتي ذلك في وقت يواصل فيه الجيش السوداني تقدمه على الأرض، مسيطرًا على مناطق استراتيجية في الخرطوم وولايات دارفور.
السودان يدين وكينيا تتجاهل
وأعربت وزارة الخارجية السودانية عن أسفها لاستضافة كينيا لهذا الاجتماع، معتبرةً أنه يمثل "تنكرًا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة". وحذرت الخارجية السودانية من أن هذه الخطوة تعزز "تقسيم الدول الإفريقية" وتمثل "إعلان عداء للشعب السوداني"، مؤكدةً أنها ستتخذ إجراءات دبلوماسية للرد على ذلك.
من جانبه، أعرب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، عن قلق المنظمة الدولية من إعلان تشكيل حكومة موازية، معتبرًا أن هذه الخطوة ستؤدي إلى مزيد من "الانقسام" و"مفاقمة الأزمة"، مشددًا على ضرورة الحفاظ على "وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه" كجزء أساسي من أي حل سياسي للصراع.
مواجهة عسكرية مستمرة
على الصعيد الميداني، واصل الجيش السوداني تقدمه في الخرطوم وولايات دارفور، حيث أعلن سيطرته على محاور استراتيجية بمدينة الفاشر، وقطع خطوط الإمداد عن قوات الدعم السريع داخل القصر الرئاسي في الخرطوم. كما أكد عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش، ياسر العطا، أن العمليات العسكرية لن تتوقف "حتى تحرير كل شبر من السودان"، متوعدًا بملاحقة كل من يسعى لتقسيم البلاد.
وفي السياق ذاته، شدد حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، على أن الجيش سيواصل معاركه حتى استعادة مدينة الجنينة، داعيًا الجهات الداعمة لقوات الدعم السريع إلى التوقف عن دعم ما وصفه بـ "المليشيا ومرتزقتها".
عدم الاعتراف
يري عضو مجلس السيادة السوداني السابق، صديق تاور، أن إعلان تشكيل حكومة موازية في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع هو مجرد "رد فعل سياسي" على تصريحات رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بشأن تشكيل حكومة تضم كافة الأطراف السودانية.
وفي تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أوضح تاور أن هذه الخطوة تفتقر إلى الشرعية السياسية والقانونية، مما يجعل فرص حصولها على اعتراف داخلي أو دولي شبه معدومة، مشيرًا إلى أن المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع غير مهيأة لتأسيس حكومة، نظرًا لطبيعة هذه القوات التي وصفها بأنها "تشكيل مسلح شبه نظامي" وليس جيشًا وطنيًا يمكنه إدارة دولة.
وكشف تاور أن سبع دول أبدت استعدادها للنظر في الاعتراف بهذه الحكومة، لكنها تتعامل بحذر شديد خشية الانحياز لطرف على حساب آخر، موضحًا أن العديد من هذه الدول أعضاء في الاتحاد الإفريقي، الذي لا يعترف إلا بالحكومات الشرعية، ما يعزز من صعوبة حصول هذه الحكومة على أي دعم رسمي.
وشدد عضو مجلس السيادة السوداني على أن الحكومة التي يسعى الدعم السريع لتشكيلها لن تستطيع الصمود أمام التحديات السياسية والقانونية، مؤكدًا أن غياب الشرعية سيجعلها "غير قابلة للاستمرار" في ظل المعطيات الحالية، لا سيما مع استمرار تقدم الجيش السوداني على الأرض وسيطرته على مناطق استراتيجية.
الاتحاد الأفريقي يحذر من التدخلات الخارجية
في سياق متصل، ندد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بالتدخلات الخارجية في الأزمة السودانية، محذرًا من خطورة تأجيج الصراع. وأكد المجلس أن هذه التدخلات تعرقل جهود التسوية السلمية، داعيًا جميع الأطراف إلى احترام سيادة السودان والالتزام بالحوار تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، بهدف إنهاء الأزمة وإعادة الاستقرار إلى البلاد.
مستقبل الأزمة: تصعيد أم تسوية؟
مع استمرار المعارك الميدانية والتوترات السياسية، يظل السودان أمام مفترق طرق بين تصعيد عسكري قد يطيل أمد النزاع، أو مفاوضات برعاية إقليمية ودولية تفتح باب التسوية. وبينما يسعى الجيش لترسيخ سيطرته وفرض حكومة انتقالية، تراهن قوات الدعم السريع على الضغط السياسي والدبلوماسي للحفاظ على وجودها في المشهد السوداني.