د.حماد عبدالله يكتب: الأبيض والأسود !!

مقالات الرأي

بوابة الفجر



هذين اللونين فى عالم الألوان – هم لا ألوان !!فالألون الأساسية هى "الأحمر والأصفر والأزرق " كما تعلمنا فى علم أسس التصميم ومن تلك الألوان الإبتدائية الثلاث تتشكل كل ألوان الطيف – ملايين وملايين من الدرجات اللونية كلها تنبثق من خلط الألوان الثلاث ببعضها أو إمتزاج مكوناتها بنسب مختلفة مع بعضها – أما الأبيض والأسود – فهم لا ألوان !! حسب النظرية ولسنا بصدد كيفية حدوث ذلك – نظرية ( نيوتن ) معلومة للراغبين فى المعرفة – ولكن الأبيض والأسود فى مقالى اليوم – ترتبط بحنينى الشديد لهم ! حنين لمرحلة الأبيض والأسود فى حياتنا قبل ظهور الألوان الطبيعية فى الصورة وفى السينما وفى تعبيرات الحياة، حيث كان الأبيض والأسود أكثر إقترابًا للحقيقة – وأكثر إقترابًا للواقع دون رتوش ودون مكياج – ودون كذب أو إفتراء !! جائنى هذا الشعور حينما عبثت فى محتوياتى القديمة باحثًا عن صور ولقطات أردت الإستشهاد بها فى محاضرة عن مسيرة حياة لأستاذ جامعى لأقدمها كقدوة لطلابى – بناءًا على طلب زميلى المرحوم الأستاذ الدكتور / سعيد الوتيرى وأثناء بحثى عن لقطات لى فى صباى أو شبابى أو حتى مرحلة الكفاح فى الخارج سعيًا للحصول على درجة علمية فوق البكالوريوس وكذلك نشاطى داخل أروقة الكلية أو الجامعة شابًا مدرسًا وأستاذًا مساعدًا ثم أستاذ ووكيلًا للكلية وعميدًا لها ثم رئيسًا للقسم العلمى – كل هذه الحقبات تعددت فيها الصور والأفلام والتسجيلات – إلا أننى أقتربت من الصور الأبيض والأسود – خلال الخمسينيات، والستينيات، والسبعينيات، فوجدتها أكثر صدقًا وأكثر تعبيرًا عن الحقيقة – ووجدت فيها من الحب والتعاون والإلتصاق بالهدف – وبالإنتماء الشديد لما نقوم به كشباب وكزملاء يضن به الزمن الأن بين زملاء آخرين قادمين لتولى مسئوليات متوارثة!
ولقد إنطوى ذلك الزمن أيضًا على أفلامنا الرائعة ( الأبيض والأسود ) – كانت تلك الأفلام تعبر عن رجولة مبكرة لشباب هذه الأفلام حينها – عمر الشريف وفاتن حمامة، وحسين رياض، وعماد حمدى وكمال الشناوى، وشكرى سرحان، وعبد المنعم إبراهيم – وعبد الحليم حافظ، ونادية لطفى، وسعاد حسنى، عشرات من الفنانين والفنانات المصريين – وعشرات ومئات وآلاف من الأفلام – فى بيتنا رجل، وإحنا التلامذة، وصراع فى الوادى، وأيامنا الحلوة، والخطايا كلها كانت أبيض وأسود وإلتصقت بالضمير المصرى – والذاكرة ومازالت حينما تأتينا من فضائيات عربية – تكاد عينى تدمع على تراث وعلى أخلاقيات وعلى أمة – كلها أصبحت بالألوان الطبيعية  - يا خسـارة !! 
  أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد