حساسة في توقيت معقد

زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى إسرائيل ومستقبل إدارة قطاع غزة

تقارير وحوارات

حساسة في توقيت معقد
حساسة في توقيت معقد

وصل وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى إسرائيل في أول زيارة له إلى منطقة الشرق الأوسط منذ توليه منصبه، في ظل تطورات متسارعة تخص الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، خاصة بعد إتمام المرحلة السادسة من تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس. تأتي هذه الزيارة وسط أجواء ترقب لمستقبل إدارة قطاع غزة، في ظل الحديث عن سيناريوهات متعددة، بعضها يحمل تغييرات جذرية في المشهد السياسي والأمني.

أهداف زيارة روبيو إلى إسرائيل

هبطت طائرة وزير الخارجية الأمريكي في مطار بن غوريون، حيث من المقرر أن يجري محادثات مكثفة مع القادة الإسرائيليين يوم الأحد. وبحسب وكالة فرانس برس، فإن أحد الموضوعات الرئيسية التي ستتم مناقشتها هو مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن مستقبل إدارة قطاع غزة.

كما تأتي الزيارة في إطار جولة إقليمية تشمل السعودية والإمارات، في محاولة لحشد دعم عربي لأي خطة أمريكية أو إسرائيلية تخص المرحلة المقبلة في غزة.

صفقة تبادل الأسرى وتأثيرها على التهدئة

شهد الأسبوع الماضي تأجيلًا في تنفيذ المرحلة السادسة من تبادل الأسرى، مما زاد المخاوف من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار. إلا أن الأمور عادت إلى مسارها بعد إطلاق حماس سراح عدد من الرهائن الإسرائيليين يوم السبت، وهو ما قوبل بإشادة إسرائيلية وأمريكية.

في هذا السياق، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تقديره لـ "الدعم المطلق" الذي يقدمه الرئيس ترامب لمواقف إسرائيل تجاه غزة، مشيرًا إلى أن الخطوات القادمة سيتم تحديدها في اجتماع لمجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي.

التوترات الدولية ودور الولايات المتحدة

حذر الرئيس الأمريكي في تصريحات سابقة من أن "أبواب الجحيم ستفتح" إذا لم تفرج حماس عن جميع الرهائن الإسرائيليين، مشيرًا إلى أن واشنطن ستدعم أي قرار تتخذه إسرائيل بشأن مستقبل قطاع غزة.

التصريحات الأمريكية الأخيرة تعكس توجهًا واضحًا نحو تصعيد الضغوط على الفصائل الفلسطينية، بهدف فرض ترتيبات جديدة لإدارة القطاع، قد تشمل إخراج حماس نهائيًا من المشهد السياسي في غزة.

ما التوقعات حول مستقبل إدارة قطاع غزة؟

1. استبعاد حماس من الحكم

كشفت مصادر مصرية مطلعة على مفاوضات وقف إطلاق النار، نقلتها قناة القاهرة الإخبارية، أن حركة حماس وافقت ضمنيًا على عدم المشاركة في إدارة القطاع خلال المرحلة المقبلة.

هذا الطرح قد يشير إلى وجود تحركات إقليمية ودولية لخلق بديل إداري لحماس، سواء عبر السلطة الفلسطينية أو من خلال إدارة دولية مؤقتة بإشراف عربي ودولي.

2. تعزيز دور السلطة الفلسطينية

تزايدت الدعوات خلال الفترة الأخيرة إلى تمكين السلطة الفلسطينية من إدارة قطاع غزة كجزء من جهود إعادة الإعمار. وقد شدد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، خلال لقائه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، على دعم مصر الكامل لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ضمن حدود الرابع من يونيو.

السلطة الفلسطينية ترى في هذه الفرصة سانحة لاستعادة السيطرة على غزة، لكنها تواجه معارضة من بعض الفصائل الفلسطينية، التي تخشى أن تتحول هذه الخطوة إلى إعادة إنتاج للانقسام الداخلي.

3. دور عربي وإقليمي في إعادة الإعمار

ضمن التحركات الدولية، تسعى بعض الدول العربية، مثل مصر وقطر والإمارات، إلى لعب دور رئيسي في إعادة إعمار غزة، مع احتمالية وجود إدارة عربية مؤقتة للإشراف على المرحلة الانتقالية.

القمة العربية الطارئة، المقرر عقدها قريبًا في القاهرة، قد تكون نقطة تحول في هذه القضية، حيث تأمل بعض الأطراف في التوصل إلى توافق عربي بشأن مستقبل غزة، في حين تحذر السلطة الفلسطينية من أي محاولات لتفريغ القضية من بعدها السياسي وتحويلها إلى مجرد أزمة إنسانية.

4. تدخل دولي محتمل

مع تصاعد التوترات، هناك احتمال أن يتم نشر قوات حفظ سلام دولية في غزة، تحت إشراف الأمم المتحدة، بهدف ضمان استقرار طويل الأمد، خاصة إذا قررت إسرائيل المضي قدمًا في خططها لاستبعاد حماس من المعادلة السياسية.

الرفض الفلسطيني لأي حلول تفرض بالقوة

أكدت الرئاسة الفلسطينية أن أي مخططات دولية أو إسرائيلية تهدف إلى إعادة تشكيل واقع غزة بعيدًا عن الإرادة الفلسطينية لن تكون مقبولة، معتبرة أن "فلسطين ليست للبيع"، وفق ما جاء في بيان رسمي صادر عن السلطة الفلسطينية.

ماذا يحمل المستقبل لغزة؟

بين الضغوط الأمريكية، والمفاوضات الجارية، والتغيرات الإقليمية، يبدو أن ملف غزة دخل مرحلة حساسة قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في إدارة القطاع. يبقى السؤال الأهم: هل ستقبل حماس بالخروج من المشهد السياسي؟ أم أن غزة ستشهد جولة جديدة من الصراع على النفوذ والإدارة؟

الأيام القادمة ستحمل الإجابة، لكنها بلا شك ستكون حاسمة في تحديد مستقبل قطاع غزة، والمنطقة بأسرها.