"تعانُق الكنائس".. نداء من القدس ضد مخططات تهجير الغزيين قسريًا

تقارير وحوارات

تعانُق الكنائس..
"تعانُق الكنائس".. نداء من القدس ضد مخططات تهجير الغزيين

في موقف يعكس التزام المؤسسات الدينية بالقضايا الإنسانية، أطلق بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس نداءً عاجلًا للتحرك ضد المخططات الرامية إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. وجاء هذا البيان ردًا على التصريحات والدعوات الأخيرة التي أطلقها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، والتي اعتبرها القادة الدينيون "اعتداءً صارخًا على الحق الإنساني، وانتهاكًا للمبادئ الأخلاقية والدينية التي تحترم قدسية الأرض والإنسان".

وشدد البيان على أن أي محاولة لاقتلاع الفلسطينيين من ديارهم تمثل خطرًا داهمًا يجب التصدي له بقوة، مشيرًا إلى أهمية التكاتف مع الجهود السياسية والدبلوماسية الرافضة لهذه المخططات. وأشاد بمواقف عدد من القادة، وعلى رأسهم الملك عبد الله الثاني بن الحسين والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذين أكدوا رفضهم القاطع لأي سيناريو يهدف إلى تفريغ قطاع غزة من سكانه.

التنديد بالتطهير العرقي وانتهاك الكرامة الإنسانية


أكد بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس أن مخططات التهجير القسري للفلسطينيين تندرج تحت ما وصفوه بـ "التطهير العرقي" الذي يتعارض مع القوانين الدولية والمبادئ الإنسانية. واعتبروا أن أي مقترحات تدعو إلى ترحيل الفلسطينيين من غزة هي بمثابة طعن في جوهر الكرامة الإنسانية، وخرق صارخ لحقوق الإنسان التي تضمن حق الفرد في البقاء في أرضه، والحفاظ على هويته وتراثه ووجوده.

وأشار البيان إلى أن الدين المسيحي، وجميع المبادئ الدينية والإنسانية، لا يمكن أن تتجاهل هذا الظلم أو تقف صامتة أمام معاناة الأبرياء. وأكد أن الوقوف ضد هذه السياسات هو التزام أخلاقي وديني لا يمكن التهاون فيه.

الوضع الإنساني الكارثي في غزة


أوضح البيان أن قطاع غزة يشهد مأساة إنسانية غير مسبوقة، حيث أزهقت آلاف الأرواح البريئة، وتحولت المدن والقرى إلى أنقاض، بينما يواجه الأطفال والمرضى وكبار السن أوضاعًا مأساوية تفوق حدود الوصف.

وأكد أن استمرار هذه الأوضاع الإنسانية الكارثية يشكل تحديًا صارخًا للضمير العالمي، داعيًا إلى تحرك فوري لوقف الانتهاكات المستمرة وضمان حماية المدنيين، بما يتماشى مع القوانين الدولية والإنسانية.

الدعوة إلى تحرك دولي حاسم

حث البيان المجتمع الدولي، والمنظمات الحقوقية، والحكومات حول العالم، على اتخاذ موقف حازم لوقف أي محاولات تهدف إلى فرض تهجير قسري على الفلسطينيين في غزة. ودعا إلى تحركات دبلوماسية مكثفة لوقف هذه المخططات قبل أن تتحول إلى واقع مأساوي يصعب تداركه.

كما شدد على ضرورة الإفراج الفوري عن جميع الأسرى من الجانبين، مشيرًا إلى أن الحل لا يمكن أن يكون في التهجير أو القمع، بل في تحقيق العدالة وإرساء أسس السلام القائم على الحقوق المشروعة.

الممرات الإنسانية أولوية قصوى


طالب بطاركة الكنائس بفتح ممرات إنسانية آمنة بشكل عاجل ودون قيود، لضمان وصول المساعدات الأساسية من غذاء ودواء إلى سكان غزة الذين يعانون أوضاعًا كارثية. وأكدوا أن "التخلي عن غزة في هذا الوقت العصيب هو بمثابة التخلي عن إنسانيتنا المشتركة"، داعين الجميع، سواء كانوا دولًا أو منظمات أو أفرادًا، إلى بذل الجهود اللازمة لرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني.

وأشار البيان إلى أن المواقف الإنسانية يجب أن تبقى فوق أي اعتبارات سياسية، وأن نصرة المظلومين واجب أخلاقي على الجميع، بعيدًا عن المصالح الضيقة أو الحسابات الاستراتيجية.

يأتي هذا النداء الكنسي في لحظة فارقة، حيث تواجه غزة خطرًا وجوديًا غير مسبوق. وهو تأكيد على أن القضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع سياسي، بل مسألة تتعلق بحقوق الإنسان والعدالة الدولية. وتبقى رسالة الكنائس في القدس دعوة صادقة للمجتمع الدولي لاتخاذ خطوات ملموسة تضع حدًا لهذه المخططات، وتعيد للفلسطينيين حقهم المشروع في الحياة بكرامة على أرضهم.