‎د.مصطفى ثابت يكتب: تصريحات ملك الأردن ما بين التحريف الإعلامي والحقيقة

مقالات الرأي

الدكتور مصطفى ثابت
الدكتور مصطفى ثابت

انتشرت موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تداول تصريحات منسوبة إلى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال لقائه مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وتعمدت بعض الصفحات غير المهنية، خاصة تلك التابعة لمؤسسات صحفية منحازة، بترجمة التصريحات بطريقة مجتزأة وأخرجتها عن سياقها، مما أدى إلى حالة من الشتم والسب بين قطاع عريض من المصريين، في مشهد يحقق تمامًا ما يريده العدو: الانقسام والتوتر بين الشعوب العربية.

‎التصريحات الحقيقية والموقف الأردني الثابت

‎ولعل من تابع تصريحات الملك عبد الله الثاني، خلال اللقاء الصحفي، سيجد أن حديثه كان متزنًا للغاية ولم يخرج عن الإجماع العربي، بل أكد بوضوح أن التهجير بالنسبة للأردن ولمصر هو “خط أحمر”، وهو ما نشره أيضًا وأكده مرة أخرى عبر صفحته الرسمية على منصة X، مما يؤكد موقف الأردن الواضح والثابت ضد أي مخططات من شأنها تهجير الفلسطينيين.

‎لكن ما حدث هو أن بعض وسائل الإعلام، وعلى رأسها الجزيرة، قامت باجتزاء التصريحات، وتحريف معانيها، وترجمة أجزاء مختلفة وربطها بتصريحات أخرى.

‎لقاء مفاجئ وضغط من ترامب

‎ولعل أحد أهم العوامل التي لم يتم ذكرها في التغطيات غير المهنية هو أن الملك عبد الله لم يكن متوقعًا وجود الصحافة أو أسئلتهم في ذلك اللقاء، مما وضعه في موقف غير مريح. 

‎كما أن تصريح استقبال الأردن لـ2000 طفل فلسطيني، الذي أُسيء تفسيره، كان يتعلق برعاية الأطفال المصابين بالسرطان والأمراض الخطيرة، وليس استقبال موجات من اللاجئين كما حاول البعض تصويره.

‎بين الدبلوماسية والتحريف الإعلامي

‎قد يرى البعض أن إجابات الملك عبد الله كانت دبلوماسية أكثر من اللازم أوغير واضحة، وهو خلق نوع من الإلتباس لدى البعض، وخصوصا المتربصين، وهذا تقييم شخصي يرتبط بتوجهات كل فرد، لكن الغير مقبول هو الطريقة التي تم بها اجتزاء كلمته وتحريفها ليبدو وكأنه يؤيد التهجير، وهو أمر لم يقله مطلقًا، أو يلمح حتى له.

‎ما حدث هنا هو نموذج واضح لكيفية استغلال بعض المؤسسات الإعلامية غير المهنية للعناوين الصادمة والمضللة، بهدف تحريك الرأي العام وتوجيهه باتجاه معين، دون احترام قواعد النزاهة والمهنية الصحفية.

‎الحل: لا تنجروا وراء الفتن الإعلامية

‎الدرس الأهم من هذه الواقعة هو ضرورة التحقق من المصادر الأصلية وعدم الانجرار وراء الأخبار المضللة، والتحقق الجيد قبل تناول أي منشورات أو تصرحيات، خاصة وإن كانت رسمية، وتتعلق بأمر في منتهى الخطورة والأهمية. 

من يريد معرفة الحقيقة يجب أن يقرأ التصريحات كاملة، من مصادر محايدة ومهنية، أو المتابعة المباشرة والاستماع للشخص ذاته، وليس من صفحات ومواقع لها أجندات خاصة.

‎العدو الحقيقي لا يحتاج إلى أكثر من زرع بذور الشك والكراهية بين الشعوب العربية، ونحن لا يجب أن نكون أدوات في تحقيق هذا المخطط.