د. أحمد بلبولة لـ "الفجر": اللائحة الجديدة لدار العلوم نقلة نوعية تواكب العصر وتؤهل الطلاب لسوق العمل

أخبار مصر

د. أحمد بلبولة عميد
د. أحمد بلبولة عميد كلية دار العلوم جامعة القاهرة

تعد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة واحدة من أعرق المؤسسات الأكاديمية التي حملت على عاتقها مسؤولية الحفاظ على اللغة العربية وآدابها والعلوم الإسلامية منذ تأسيسها قبل أكثر من 150 عامًا. وقد شهدت الكلية عبر تاريخها الطويل العديد من التطورات التي ساهمت في تعزيز دورها كمؤسسة تعليمية وثقافية رائدة، إلا أن الحاجة الملحة إلى تحديث المناهج الدراسية بما يتماشى مع متطلبات العصر واستراتيجيات التعليم الحديثة دفعت إدارة الكلية إلى اعتماد لائحة جديدة لنظام الساعات المعتمدة، وهي خطوة تاريخية تأتي استجابةً للتحولات الكبرى التي يشهدها قطاع التعليم العالي في مصر والعالم.

في هذا السياق، تبرز اللائحة الجديدة كنقلة نوعية تهدف إلى تحقيق التكامل بين العلوم العربية والإسلامية والتخصصات الحديثة، مع التركيز على تنمية مهارات الطلاب وتأهيلهم لسوق العمل المحلي والدولي. لم يعد التعليم في دار العلوم مقتصرًا على دراسة التراث فحسب، بل أصبح يشمل مقررات مبتكرة في الذكاء الاصطناعي، وعلم اللغة الحاسوبي، والأدب الرقمي، وكتابة السيناريو والدراما، فضلًا عن إضافة مقررات في الجغرافيا الوصفية والتاريخ الحديث والفنون، مما يمنح الطلاب رؤية أوسع وقدرة أكبر على التفاعل مع معطيات العصر. كما تتيح اللائحة الجديدة فرصًا للطلاب لدراسة اللغات الأجنبية مثل الصينية والكورية والأردية واللغات الإفريقية، وهو ما يعزز من قدرتهم على المنافسة في أسواق العمل العالمية، خاصة في مجالات الترجمة وتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.

حول هذه التغييرات الجوهرية وتأثيرها على مستقبل الكلية وخريجيها، كان لنا هذا الحوار مع الدكتور أحمد بلبولة، عميد كلية دار العلوم، الذي يوضح فيه الدوافع وراء اعتماد اللائحة الجديدة، والتحديات التي واجهت عملية إعدادها، وكيفية مساهمتها في تحقيق رؤية مصر 2030، فضلًا عن خطط الكلية المستقبلية لضمان استمرارية التطوير ومواكبة أحدث الاتجاهات في التعليم والبحث العلمي.

س: في البداية ما هي الدوافع الأساسية وراء اعتماد اللائحة الجديدة لنظام الساعات المعتمدة في كلية دار العلوم؟


التطوير الذي يواكب العصر، ويحقق الأهداف القومية الكبرى؛ فلائحة دار العلوم لم تشهد تغييرا جذريا منذ عام 1946، بعد أن ضم الدكتور طه حسين الكلية وزير المعارف في ذاك الوقت إلى جامعة القاهرة، وكان علينا أن نكمل؛ لملاحظات أخذناها على البرنامج ولم يَسْعَ أحدٌ من قبل لتكملة النقص: فالتاريخ -على سبيل المثال- تتوقف دراسته عندنا عند المماليك ولا يدرس الطالب شيئا عن التاريخ الحديث، أو تاريخ مصر المعاصرة، ولذلك أضفنا مقرر "حاضر العالم الإسلامي"، وكذلك مقرر "الشخصية المصرية"، كما أنه لا يُعْقل أن يدرس التاريخ في غياب كامل للجغرافيا، فأضفنا مقرر: "الجغرافيا الوصفية"، وهو مقرر غاية في الأهمية، الطالب على سبيل المثال يدرس معركة الزَّلَّاقة في الأندلس، والرَّيْدانية في مصر(المطرية الآن)، أو يسمع عن أنطاكية، أو المِرْبَد، أو صحراء الدَّهْناء، أو حتى مملكة كندة، ولا يعرف مواضع هذه الأماكن العصرية، هذا المقرر مهم لأنه يخدم التخصصات الأخرى كالفلسفة والشريعة والأدب، ومن ثم يستطيع أن يعرف الطالب – على الحقيقة- أين عاش ابن سينا، وأين ولد الشافعي، وأين هام مجنون ليلى على وجهه في الصحراء.. وهلم جرا، أنت تعلم أن الجغرافيا العربية الآن مهددة، وعلينا أن نجذِّر وجودها في الأجيال الجديدة؛ فالخريطة العربية تخوض أشرس معركة وجود الآن.


س: كيف تتماشى هذه اللائحة مع رؤية مصر 2030 والاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي؟

الإتاحة، والتكامل، واقتصاد المعرفة، ثلاثة أهداف أساسية في رؤية مصر 2030، فالبرنامج الجديد يستهدف الطلاب الوافدين، إلى جانب أبناء الشعب المصري الراغبين في تعلم العربية وآدابها، والعلوم الإسلامية، وحين أقول أبناء الشعب المصري أعني مسلمين ومسيحيين، وهو برنامج غير خاص، يوفر لهم تعليما تنافسيا، وإعدادا عصريا في مجالات التخصص هذا أولا، ثانيا: تعليم قائم على التكامل بين العلوم العربية والإسلامية والعلوم الأخرى، كالفنون، ولا أعني هنا الشعر والرواية والمسرح فقط، فهذه الفنون تدرس بالفعل في الكلية، لكن إلى جانب ذلك يدرس الطالب الفنون التشكيلية، والفن المصري القديم، ويدرس الثقافة القانونية والدستورية، ويدرس كتابة السيناريو والدراما، ونظم الكتابة القديمة، وريادة الأعمال، والتفكير النقدي، ولا شك أن في ذلك تنشيطا للعلوم البينية، وتفعيلا لمبدأ التكامل بين التخصص والعلوم المختلفة كالفن بمفهومه الواسع، الفن يمنح الشخصية الأريحية، ويصالحها على العالم، وكالقانون الذي يصقل الشخصية بالانضباط، حين تعرف ما لها وما عليها؛ وحين يصبح أداة فاعلة تحكم العلاقة بين أفراد المجتمع، وكالآثار؛ فنظم الكتابة القديمة ستساعد الطالب في أن يعرف عظمة تاريخه من جانب، إضافة إلى أن ذلك سيفيده إذا تعامل مع المخطوطات إلخ..، ثالثا: اقتصاد المعرفة، المعرفة لا بد أن يكون من أهدافها تحسين الحياة هذا على المستوى الشخصي، أما على المستوى العام لا بد أن تساهم في تعزيز الدخل القومي من خلال فتح مجالات خبرة جديدة ككتابة الدراما التاريخية، وتقديم حلول مبتكرة للمشاكل المجتمعية في مجالات التخصص، حلول توفر إهدار الطاقات فيما لا طائل من ورائه، إن الخسائر الفادحة التي تعاني منها المجتمعات راجعة في الأصل لعدم الفهم، المعرفة تنمية، والتفتح العقلي مجال كبير للاستثمار؛ لأن الإنسان الفاهم يوفر لبلاده أضعاف أضعاف ما ينفق عليه، وما حرب مصر مع الإرهاب ببعيد.


س: ما أبرز التحديات التي واجهتموها أثناء إعداد اللائحة الجديدة؟

التحدي كان يكمن في السؤال: كيف نفيد من تجربة مصر العريقة في التعليم، ولا ننفصل عن العصر، ومن ثم بناء شبكة معرفية محكمة، لأن البرنامج الدراسي لا يمكن أن يقوم على المحاصصة، بمعنى أن كل قسم من الأقسام السبعة: النحو والصرف والعروض، وعلم اللغة والدراسات السامية والشرقية، والدراسات الأدبية، والبلاغة والنقد والأدب المقارن، والشريعة الإسلامية، والفلسفة الإسلامية، والتاريخ والحضارة الإسلامية تتساوى أنصبتها في هذه الشبكة المعرفية، البرنامج لا بد أن يكون طبخة محسوبة المقادير بالجرام، حتى تتحقق نواتج التعلم المستهدفة، هكذا تعلمنا من علي باشا مبارك مؤسس دار العلوم وواضع برنامجها الأول، وتعلمنا من إضافات علماء الكلية الأجلاء عبر تاريخها الطويل، وبالمناسبة فقد تجاوزت دار العلوم عامها المائة والخمسين، إحكام الشبكة المعرفية للبرنامج من أخطر ما يكون، وهناك برامج تنتهي علاقة طلابها بها بمجرد التخرج، وقد حرصنا على أن يظل البرنامج فاعلا في طلابنا بعد التخرج، بمعنى أن يظل الخريج على شغف دائم للمعرفة فلا ينطفئ نهمه أبدا..


س:ما أهم المقررات المستحدثة في اللائحة الجديدة؟ وكيف تواكب هذه المقررات متطلبات العصر؟

إلى جانب ما ذكرت استحدثنا ثلاثة مقررات للتميز، والتميز معناه ما يجعل برنامج دار العلوم مميزا بين برامج اللغة العربية في الكليات المناظرة، أضفنا النحو المقارن، وكتابة السيناريو والدراما، ومقارنة الأديان، فالنحو المقارن يعنى مقارنة نحو اللغة العربية بنحو اللغات الأخرى من غير الفصيلة، كالإنجليزية، والإسبانية، والصينية..إلخ، ولهذا المقرر أهداف واسعة، أهمها أنه لا يمكن أن ترى ذاتك جيدا إلا في مرآة الآخرين، وهو مقرر يعمل جنبا إلى جنب مع مقرر الأدب المقارن الموجود بالفعل في اللائحة القديمة والذي ضاعفنا عدد ساعاته، ألم أقل لك إنها شبكة معرفية؟ كان لدينا نقص في هذا الجانب ونحن نعد مصفوفة البرنامج مع نواتج التعلم المستهدفة، أثناء تجهيزنا للحصول على الاعتماد الأكاديمي من الهيئة القومية لضمان الجودة والاعتماد الأكاديمي عام 2017، وكان علينا أن نعزز من تحقق أحد أهداف البرنامج المهمة التي كان حضورها شاحبا، فالأدب المقارن كان يدرس بواقع ساعة واحدة في اللائحة القديمة، ولا شك أن وجود مثل هذين المقررين: النحو المقارن والأدب المقارن يفيد ثقافيا بالتعرف على ثقافة الآخر، ويفيد في الترجمة، والبرمجة. أما مقرر الدراما وكتابة السيناريو فقد انطلقنا فيه من ضرورة إسهام دار العلوم كمؤسسة مصرية في تعزيز الدراما التاريخية المصرية، من خلال خريجينا، ولا بد – كما سبق- من وجود فاعل للمؤسسات التعليمية في الثقافة والمجتمع، ومقرر مقارنة الأديان سنركز فيه على المشترك الإنساني، على ما يجمعنا ولا يفرقنا، فالأديان جميعا تتبنى فكرة السلام، والأخوة الإنسانية، والمحبة، والتسامح، وقبول الآخر؛ فالسلام اسم من أسماء الله الحسنى عندنا في الإسلام، والمسيح عليه السلام يقول: "أحبوا أعداءكم"، ولا تختلف الأديان جميعا على أن البشر جميعا يعودون لأب واحد وأم واحدة: آدم وحواء، والأديان قابلة للتعايش شرط أن يفهم معتنقوها مغزاها، " تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم".


س: تم إدراج مقررات في الذكاء الاصطناعي وعلم اللغة الحاسوبي والأدب الرقمي، كيف ستسهم هذه المقررات في تطوير مهارات الطلاب؟

انطلقنا في ذلك من إستراتيجية جامعة القاهرة للذكاء الاصطناعي التي أطلقها معالي رئيس الجامعة أد. محمد سامي عبد الصادق، وتأثرنا بالتحول الهائل الذي يشهد طفرة نوعية في الذكاء الاصطناعي، ولا أغالي إذا قلت إن العصر القادم هو عصر اللغة العربية التي لا يزال أمامها الباب مفتوحا لتدخل هذا المجال، وكمّ المطلوب منا ومن الكليات المناظرة في هذا كبير جدا، يحتاج إلى إعداد كوادر متخصصة فيه، كما أن وجود اللغة العربية في هذا الحقل هو وجود للأمة العربية كلها، تنبهت دول شقيقة لذلك وقطعت شوطا ولا يمكن أن نتأخر عن السبق والريادة، لذلك تهيئة للجو في الكلية عقدنا مؤتمرا دوليا عن "اللغة العربية والذكاء الاصطناعي آفاق جديدة ورؤى مبتكرة"، في ديسمبر الماضي 2024، ودشنا "قاموس القاهرة الذكي للشباب العربي"، برعاية من معالي رئيس جامعة القاهرة، بالاشتراك مع كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي، في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته 56 الذي انتهى الأربعاء الماضي، ولدينا مشاريع أخرى تحتاج إلى كفاءات، نحن نعيش عصر المهارات المتوازية، الخريج لا بد أن يكون مهيّأٌ ليعمل في مجالات متعددة بشكل متوازٍ، ومقرر الأدب الرقمي يؤهله لذلك، ويؤهله أيضا أن يعمل في فريق؛ فنصوص الأدب الرقمي (شعرا ورواية ومسرحا) أشبه بالمشاريع، التي يمكن أن يعمل فيها فريق كامل، كما أن علم اللغة الحاسوبي سيدعم اتصال خريجي دار العلوم بالبرمجة اللغوية وصناعة المعاجم الذكية، وتطبيقات الحاسب. ولدينا أيضا إلى جانب هذه المقررات، مقررات أخرى أضيفت إلى اللائحة تدعم هذا التوجه، مثل نظم المعلومات والخرائط الإلكترونية، وتطبيقات حاسوبية.


س: كيف ستساعد دراسة اللغات الأجنبية مثل الصينية والكورية والأردية واللغات الإفريقية في تأهيل الطلاب لسوق العمل؟

تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها مجال لا يزال بكرا ويحتاج إلى تأهيل لغوي، ودراسة اللغات الأجنبية: الصينية والكورية والأردية، واللغات الإفريقية يفتح سوقا جديدة للعمل لخريجي دار العلوم، فمعرفة لغة المتحدث بغير العربية يسهل من عملية التواصل اللغوي والثقافي بين معلم اللغة ومتعلمها، وبخاصة أن متعلمي العربية من هذه الدول لا يجيدون اللغة الإنجليزية كلغة وسيطة للتعلم، كما أن اقتحام هذا المجال من خريجينا يعزز من قوة مصر الناعمة بشكل عام، وفي القارتين الإفريقية والآسيوية بشكل خاص، ولا شك أن لذلك أبعادا إستراتيجية.


س: هل هناك خطط مستقبلية لإضافة مقررات أو تطوير أخرى بناءً على نتائج تطبيق اللائحة؟

التطوير لا يتوقف في إطار ما تشهده الجمهورية الجديدة من اهتمام ببناء الإنسان وبناء العقل المصري، وقد بدأنا بالفعل في استحداث برامج خاصة في مرحلة الليسانس، تنفيذا لاستراتيجية وزارة التعليم العالي واستراتيجية جامعة القاهرة، واستراتيجية الكلية في ضرورة استحداث برامج ذات طابع بيني، وتوجه عالمي، وعناية خاصة بالذكاء الاصطناعي، كما أننا شرعنا أيضا في استحداث برامج للدراسات العليا تستوعب خريجي هذه اللائحة المؤهلين للبحث العلمي في المجالات الحديثة التي درسوها في مرحلة الليسانس، وبرامج أخرى يتطلبها سوق العمل.


س: كيف ستساهم اللائحة الجديدة في تعزيز فرص الخريجين في سوق العمل المحلي والدولي؟

اللائحة الجديدة ستفتح لخريجي دار العلوم سوقا غير تقليدية في العمل، كما سبق فإن تعليم اللغات الأجنبية يفتح سوقا جديدة على المستوى الدولي ليس في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها فحسب؛ وإنما في مجالات أخرى كالترجمة، ودراسة حالة هذه الأسواق لتقوية التبادل التجاري؛ فالمصانع والشركات الكبرى الآن تستعين بخريجي اللغات المختلفة في إصدار دليل المستعمل متعدد اللغات ومنها العربية، كما أن هذا أيضا سيتيح لخريجي دار العلوم العمل في مجالات أخرى كالسياحة وخدمة التعهيد، وهو توجه تتبناه الدولة المصرية لزيادة تدفقات العملة الصعبة، أما على مستوى السوق المحلية والإقليمية، فقد راعينا في وضع هذه اللائحة مستحدثات العصر ومتطلبات السوق بما يواكب التطور الحديث في تكنولوجيا التعليم في المراحل المختلفة، وتعليم ذوي الهمم من الأطفال والناشئة، وتعليم اللغة العربية لغير المتخصصين، والمشاركة في المشاريع القائمة على التخطيط اللغوي كأطلس اللهجات المصرية والعربية، والخرائط الإلكترونية للمعالم الحضارية والتاريخية، هذه الأهداف تدعمها مقررات مستحدثة أضيفت للائحة مثل نظم المعلومات والخرائط الإلكترونية، والمهارات التربوية وتكنولوجيا التعليم، وتحقيق التراث، والاستشراق والتراث العربي، أستطيع أن أؤكد أن الإقبال الآن متزايد على خريجي دار العلوم محليا ودوليا، وأؤكد أنه سيتضاعف بعد العمل بهذه اللائحة، في مجالات النشر والصحافة الرقمية، وفي إعداد المحتوى الرقمي، وإدارة المنصات الإلكترونية في التعليم والإعلام. هذا بالإضافة إلى مقررات أخرى متعلقة بدراسة العروض والمقامات الموسيقية، والدراما وكتابة السيناريو، وأدب العامية.
 

س:ما التغييرات التي ستشهدها العملية التعليمية داخل الكلية من حيث طرق التدريس والتقييم؟

لا شك أن هذه المقررات المستحدثة في القانون والذكاء الاصطناعي والفنون وغيرها ستتطلب الاستعانة بخبرات من التخصصات المختلفة مما يسهم في توسيع مدارك الطلاب، كما توفر هذه اللائحة للطالب اختيار المقررات التي تناسب استعداده واختيار الأستاذ، وتتيح له وفق نظام الساعات المعتمدة إمكانية التخرج قبل أربع سنوات؛ نظرا لوجود فصل صيفي، وفي إطار جذب الوافدين سنواصل تبني التعليم عن بعد والتعلم الذاتي من خلال استثمار المنصات التعليمية بالجامعة. كثير من هذه المقررات يعتمد على ربط الطالب بالموارد الإلكترونية للدولة كبنك المعرفة المصري، ومنصات التدريب. اللائحة الجديدة على جانب آخر تسمح للطالب بدراسة المتطلبات في كليات أخرى بالجامعة، ولا شك أن الانتقال من اللائحة القديمة إلى نظام الساعات المعتمدة ينوع من نظم التقويم، كتقييم عروض الطلاب للمشاريع العلمية الفردية والجماعية، ونظام التقييم المستمر من خلال التكليفات وأعمال السنة، والتقييم الذاتي، والجمع بين الاختبارات الإلكترونية والورقية. هذا بالإضافة إلى الدور الفاعل الذي سيقوم به الإرشاد الأكاديمي، والتقييم المؤسسي الخارجي للتدريب الميداني.


س: كيف ستساعد هذه اللائحة في ربط الخريجين بالواقع الاقتصادي والاجتماعي؟

مقررات: مشروع التخرج، والتدريب الميداني، وقضايا مجتمعية، وريادة الأعمال، والبيئة والتنمية المستدامة، ستؤهل خريج دار العلوم للمشاركة في العمل التطوعي بمبادرات الدولة المصرية، كما أنها ستؤهل الخريج لإطلاق مبادرات بناءة، ومشاريع ذات طابع قومي كمشروع "قاموس القاهرة" الذي سبق وأن تحدثنا عنه. إن استحداث هذه المقررات جاء نتيجة تجربة فريدة قدمتها دار العلوم لتأهيل الطلاب لسوق العمل من خلال نماذج المحاكاة لمجالات عمل خريجي دار العلوم: نموذج التدريس، ونموذج الصحافة والإعلام، ونموذج تعليم اللغة للناطقين بغيرها، ونموذج المجلس الأعلى للثقافة، ونموذج مجمع اللغة العربية. وقد بنينا خريطة الأنشطة الطلابية بالكلية على هذه النماذج، ولا شك أن تحول هذه الأنشطة إلى مقررات يعزز من وجودها في البنية المعرفية لخريجي دار العلوم، وفي هذا الصدد فقد تبنت الكلية مبادرات الدولة المصرية مثل مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان، ومبادرة "هنجملها"، وفي نيتنا إطلاق مبادرة "هنعلمها" بالتعاون مع دار الكتب والوثائق القومية لتعليم اللغة العربية. سعينا في وضع هذه اللائحة إلى أن يكون البناء سلوكا وممارسة لخريجي دار العلوم. مقرر مشروع التخرج سيخدم أغراضا اقتصادية واجتماعية، ومقرر التدريب الميداني سيدعم العمل التطوعي والمشاركة الإيجابية، ومقرر ريادة الأعمال سيمهد الطريق للطلاب الشباب في استثمار دعم الدولة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر مما يمثل توجها جديدا في العمل والتوظيف يدعم الاقتصاد الوطني، كما أن مقرر قضايا مجتمعية سيعمل على تسليح الشباب لمواجهة الشائعات والأفكار المتطرفة، ومقرر البيئة والتنمية المستدامة سينمي الثقافة الخضراء، والتحضر، واحترام البيئة. 


س كيف سيتم تطبيق اللائحة الجديدة على الطلاب المستجدين في العام الجامعي 2025/2026؟

نحن نعمل من الآن، بدأنا بالفعل في توزيع اللائحة المعتمدة على الأقسام العلمية السبعة بالكلية، وفعَّلنا وحدة الإرشاد الأكاديمي لمرحلة الليسانس، وقد كانت مقصورة على الدراسات العليا فقط، ودورها في غاية الأهمية؛ لأنها هي التي توجه الطلاب لتسجيل المقررات الإجبارية، وتحديد المقررات الاختيارية، وتحدد مواعيد الانسحاب، وإعداد ملف لكل طالب، إلى غيره من الإجراءات، كما أن الأقسام العلمية ستبدأ من الآن في تأليف الكتب للمقررات المختلفة تتفق مع التوصيفات المعتمدة، بالإضافة إلى أننا خصصنا أسبوعا، بالتنسيق مع رعاية الشباب، في بداية العام الدراسي القادم بإذن الله لاستقبال الطلاب الجدد وتوعيتهم التوعية اللازمة بالنظام الجديد، سيحاضر فيه أساتذة الكلية الذين لديهم خبرة بنظام الساعات المعتمدة، بالإضافة إلى طباعة كتيبات تعريفية بالإجراءات المختلفة والضوابط والقوانين وتوزيعها عليهم.


س: هل هناك برامج تدريبية لأعضاء هيئة التدريس لمواكبة التغييرات في المناهج الدراسية؟

فور صدور قرار معالي وزير التعليم العالي باعتماد اللائحة وبدء العمل بها بداية من العام الدراسي القادم، انتهينا من اللائحة المالية واعتمدت في الجلسة الماضية لمجلس الكلية، وسيعقب ذلك تفعيل الدفع الإلكتروني من خلال مخاطبة مركز الخدمات الإلكترونية والمعرفية بالجامعة بعد اعتمادها من مجلس الجامعة، كما شكلنا لجنة تنفيذية من السادة أعضاء هيئة التدريس ورؤساء الإدارات المعنية يرأسها منسق عام لديه خبرة كبيرة بالساعات المعتمدة، وذلك لوضع مصفوفة تدريب للسادة أعضاء هيئة التدريس بالكلية، والسادة الموظفين بإدارة شئون التعليم والطلاب، كما تعمل الكلية الآن بإشراف رئيس لجنة خدمة المجتمع وتنمية البيئة بالتعاون مع أمينة الكلية لاتخاذ اللازم لتجهيز البيئة المناسبة لتطبيق اللائحة من خلال إجراءات محددة ستقوم بتنفيذها الإدارات المعنية كالكادر الخاص، والموارد البشرية، والشئون المالية، والشئون الإدارية، والحاسب الآلي.


س: في النهاية ما الآليات التي سيتم اتباعها لضمان نجاح الانتقال إلى نظام الساعات المعتمدة؟

أولا: كما سبقت الإشارة توعية الطلاب باللائحة الجديدة من خلال اتحاد الطلاب برعاية الشباب، وفعاليات استقبال الطلاب الجدد، ونشرات التوعية الورقية والإلكترونية التي يقوم بها الطلاب على التواصل الاجتماعي وموقع الكلية.
ثانيا: تشكيل مجلس أكاديمي لمراجعة المقررات الدراسية التي تضطلع بتأليفها الأقسام العلمية المختصة ومدى اتفاقها مع التوصيفات.
ثالثا: ترشيح أعضاء هيئة تدريس من الأساتذة المنتدبين من الكليات الأخرى والأكاديميات وذوي الخبرة في التخصصات التي أضيفت للّائحة من خارج تخصصات الكلية.
رابعا: مواصلة تطوير البيئة الرقمية، ووسائل تكنولوجيا التعليم من خلال تحديث معامل الكلية، وتأسيس معمل جديد مجهز بأحدث البرامج، وتقوية شبكة الإنترنت، وتحديث الموقع الإلكتروني للكلية، وتحديث أجهزة الكمبيوتر بالقاعات، وصيانة السبورات الذكية.
خامسا: تفعيل الساعات المكتبية، وتصميم الجداول الدراسية على أسس تتيح للطلاب الدراسة المتزامنة بشكل مباشر أو عن بعد، مع تخصيص أوقات لممارسة الأنشطة الطلابية، والمشاركة في الفعاليات التي تنظمها الكلية والجامعة، ومع تفريغ مساحة تمكن الطلاب من المطالعة في المكتبة لإنجاز التكليفات ومشاريع التخرج.