بنسبة ذكاء ٪131.. شاب مهندس يحصل على براءة اختراع جديدة في العلاج الطبيعي بالإسكندرية

محافظات

صورة الجهاز
صورة الجهاز

 في منزل بسيط بالإسكندرية، حيث اجتمعت جدرانه على سنوات من الكفاح والأمل، التقت "الفجر" بالمهندس الشاب أحمد عبد الباسط، الذي لم يكن مجرد طالب هندسة متفوق، بل صاحب حلم بدأ منذ طفولته، حين كان يتردد على جلسات العلاج الطبيعي، ولم يكن يتخيل حينها أن يكون يومًا سببًا في تغيير حياة الملايين.

المهندس أحمد عبد الباسط

بعيون يملؤها الإصرار، استرجع أحمد لحظة فارقة غيرت مسار حياته، حين وجد طبيبه عاجزًا عن مساعدة مريض بسبب عدم توفر الأجهزة المناسبة، لحظة شعر فيها بالعجز لكنه لم يستسلم، بل قرر أن يكون هو الحل.


لم يكن التفوق الدراسي كافيًا بالنسبة لأحمد عبد الباسط، طالب كلية الهندسة بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، بل كان لديه حلم يطارده منذ 18 عامًا، وهو ابتكار حل يساعد ذوي الهمم على تحسين قدرتهم الحركية.

 وجاء فكرة اختراعه، من هنا، ومن قلب معاناته،  لجهاز "ARD"، وهو جهاز أوتوماتيكي يعمل بأحدث التقنيات لتنفيذ 30 تمرينًا علاجيًا للطرف السفلي، مستهدفًا ما يقرب من 30 مليون مصري يحتاجون للعلاج الطبيعي، وفقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية.

كيف بدأت الفكرة

 

داخل عيادة العلاج الطبيعي التي يتردد عليها منذ طفولته، كان أحمد شاهدًا على موقف غيّر حياته، وفوجئ برفض طبيبه استقبال حالة بسبب عدم توافر الأجهزة المناسبة لتنفيذ البروتوكول العلاجي في تلك اللحظة، شعر بالعجز، لكن بدلًا من الاستسلام، قرر أن يكون جزءًا من الحل، وبدأ في العمل على تصميم جهاز يساعد الأطباء في تقديم العلاج بفاعلية وأمان.

دعم الأسرة.. وراء كل إنجاز قصة كفاح

 

تقول والدته، التي تعتبره بطلًا منذ صغره: "كان دايمًا متفوق في دراسته، وكان حلمه يدخل هندسة، وفعلًا حصل على منحة تفوق بفضل مجهوده" مضيفة أن سعيه المستمر لتحقيق حلمه جعله نموذجًا للشاب الطموح، متمنية أن يكلل تعبه بالنجاح الدائم.

 

أحمد بذكاء 131%.. عبقرية صنعتها التجربة والمعاناة

 

وأكد والده موضحًا أن أحمد كان دائم البحث والتعلم، ولم يكن مجرد طالب هندسة، بل كان أيضًا مريضًا يخضع لجلسات علاج طبيعي منذ سنوات، ما جعله يكتسب خبرة كبيرة في البروتوكولات العلاجية ولكن بفضل ذكائه الاستثنائي، الذي تخطى نسبة 130%، استطاع أن يجمع بين خبرته الشخصية ومعرفته الهندسية ليبتكر جهازًا يُحدث فرقًا في المجال العلاجي."
 

كيف يعمل الجهاز

 

ويتكون "ARD" من مجموعة مواتير "وسنسورات" متطورة تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي "AI" 

وأوضح "عبد الباسط" أن فكرة الجهاز تعتمد على غرفة مخصصة يوضع داخلها المريض، حيث يتم تثبيته باستخدام أربطة مزودة بحساسات لقياس استجابة العضلات ونبضات القلب. 

ويتم التحكم في الجهاز عبر تطبيق إلكتروني متصل بالحاسوب، حيث يختار الطبيب البرنامج العلاجي المناسب لكل حالة، ويحدد عدد التكرارات المطلوبة للتمارين.

 ويتميز الجهاز بتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تتيح له العمل دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر ورغم تشابه الجهاز مع نظائره العالمية في 5 تمارين فقط، تمكن عبد الباسط من تطويره ليشمل 25 تمرينًا إضافيًا، مما يجعله أكثر تطورًا وقدرة على علاج 50 حالة مختلفة من مرضى الإعاقات الحركية، فضلًا عن تحمله للأوزان الثقيلة التي تتجاوز 100 كجم.

ويتم تصنيعه من الفولاذ المقاوم للصدأ ومغطى بألياف زجاجية، ويعتمد على أذرع هيدروليكية إلكترونية تتحكم في التمارين بدقة، مما يساعد المرضى على أداء الجلسات العلاجية بسهولة ودون الحاجة إلى عدد كبير من المعالجين.

 

رحلة الاختراع.. من الفكرة إلى الدعم الرسمي

 

وأشار إلى أنه تعمق في دراسة تشريح العضلات والمفاصل، وكان يحرص على زيارة أطباء العلاج الطبيعي أسبوعيًا لمناقشة أفكاره وتوثيق الملاحظات اللازمة لتحسين دقة التمارين التي ينفذها الجهاز وبعد عام ونصف من العمل على وضع الأسس التقنية ونظام التحكم عبر الحاسب الآلي، نجح في إطلاق أول نموذج محاكاة للجهاز، وحصل عبد الباسط على براءة اختراع من جامعة كفر الشيخ للعلاج الطبيعي  ليضم إنجازًا جديدًا في عالم العلاج الطبيعي.

براءة اختراع من جامعة كفر الشيخ للعلاج الطبيعي 

ولم يكن أحمد وحيدًا في رحلته، فقد شاركه شقيقه المهندس مصطفى عبد الباسط، المسؤول عن برمجة "السوفت وير" الخاص بالمشروع، وأوضح مصطفى أن الجهاز تم تطويره بحيث يستطيع الطبيب تنفيذ 80% من التمارين المطلوبة لكل مريض عبر تطبيق ذكي، مما يسهل متابعة التمارين دون الحاجة إلى وجود عدد كبير من الأطباء في كل جلسة.

براءة اختراع

 

برنامج "GenZ" والجائزة الكبرى

ويتابع المهندس مصطفى موضحًا رحلتهم في الحصول على دعم الدولة حيث استغرق الفريق 6 أشهر لجمع البيانات والحصول على الموافقات، و4 أشهر أخرى لتطوير التطبيق المتكامل، حتى تمكنوا من إنتاج النموذج الأولي للجهاز ونتيجة لهذا الجهد، حصل المشروع على الجائزة الكبرى في مسابقة "GenZ 2024" لدعم الابتكار وريادة الأعمال، بقيمة 1.5 مليون جنيه، مما ساعد في تنفيذ أول نسخة فعلية من الجهاز على أرض الواقع موضحًا أنه تم اختيار فريقهم ضمن 3000 متقدم لهذه المسابقة.

جهاز المحاكاة لاختراع أحمد عبد الباسط

ويقول  مصطفى عبد الباسط،  إن الجهاز ليس مجرد أداة ميكانيكية، بل يعتمد على برمجيات متطورة ومحركات ذكية تتيح للطبيب التحكم في نوع التمرين ومدته، والمناطق المستهدف علاجها في جسم المريض، عبر تطبيق  يستخدم الذكاء الاصطناعي.

مستقبل الجهاز وتنافسه داخل وخارج مصر

وأكد المهندس حلمي صلاح، مسؤول التطوير بالمشروع، على أن الجهاز يتفوق على الأجهزة العالمية بعدد التمارين التي يمكنه تنفيذها، وتكلفته المنخفضة مقارنة بالبدائل المتاحة، مما يجعله مؤهلًا ليصبح أداة رئيسية في المستشفيات والمراكز العلاجية داخل مصر وخارجها في الفترة القادمة.

براءة اختراع 

أحمد: الحلم لم ينتهِ بعد

برغم هذا النجاح، يرى أحمد أن رحلته ما زالت في بدايتها، قائلًا: "اللي عملته خطوة، ولسه مكمل، وهدفي إني أطور أجهزة تانية تساعد أكتر، ومش هقف عند الجهاز ده".

وأختتم حديثه لـ الفجر  موجهًا الشكر لرئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي موضحًا أنه قدوته، وأنه يستلهم منه روح العمل والتحدي، متابعًا: "أنا بسمع كلامه، وبشتغل 16 ساعة في اليوم وبنام 4 ساعات بس.. لأن النجاح محتاج مجهود وتعب".