عيد الأم.. نشأته وسبب تسميته بهذا الاسم

منوعات

عيد الأم.. نشأته
عيد الأم.. نشأته وسبب تسميته بهذا الاسم

يُعد عيد الأم من أهم المناسبات السنوية التي ينتظرها الناس حول العالم للاحتفال بتضحيات الأمهات وعطائهن المتواصل. يعبّر الأبناء عن حبهم وامتنانهم لأمهاتهم من خلال تقديم الهدايا، الورود، وبطاقات المعايدة، في محاولة لإدخال السرور إلى قلوبهن وتقدير ما قدّمنه طوال حياتهن من رعاية وتفانٍ من أجل أبنائهن. وقد أصبح الاحتفال بعيد الأم تقليدًا عالميًا، حيث يتم الاحتفاء به في أوقات مختلفة حول العالم وفقًا للعادات والتقاليد المحلية لكل بلد.

نشأة عيد الأم وتاريخه في العالم


يرجع الكثيرون فكرة الاحتفال بعيد الأم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تعود بدايات هذه المناسبة إلى عام 1870، عندما حاولت الكاتبة والناشطة الأمريكية جوليا وورد هاو الدعوة إلى تخصيص يوم للاحتفال بالأمهات، إلا أن محاولاتها لم تلقَ نجاحًا في ذلك الوقت. وبعد عدة عقود، استطاعت آنا جارفيس إحياء الفكرة، حيث نظّمت أول احتفال رسمي بعيد الأم عام 1908 تكريمًا لوالدتها الراحلة، ما جعلها تُعرف عالميًا بأنها صاحبة فكرة عيد الأم.

في عام 1912، أسست آنا جارفيس الجمعية الدولية ليوم الأم، والتي هدفت إلى نشر هذا الاحتفال على نطاق أوسع، لكنها واجهت انتقادات حادة، إذ اعتُبر عيد الأم مجرد فرصة تجارية لبيع بطاقات التهنئة والزهور. وعلى الرغم من ذلك، واصلت جهودها حتى استطاعت إقناع الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون بإقرار عيد الأم كاحتفال رسمي في الولايات المتحدة عام 1914، ليصبح يومًا وطنيًا معتمدًا، تبنّته لاحقًا العديد من الدول حول العالم.

 

عيد الأم في الحضارات القديمة.. احتفال يمتد عبر الزمن

يعتقد البعض أن عيد الأم تقليد حديث، إلا أن الأبحاث التاريخية تشير إلى أن الاحتفال بالأم يعود إلى آلاف السنين. فقد عرف قدماء المصريين طقوسًا مشابهة لتكريم الأم، حيث اعتبروا الإلهة إيزيس رمزًا للأمومة والحياة، وصوّروها وهي تحمل طفلها حورس كرمز للأم الحامية والحنونة. وكان المصريون القدماء يحتفلون بهذه المناسبة بالتزامن مع فيضان نهر النيل، الذي كان يمثل رمزًا للخصوبة والنماء، تمامًا كما تهب الأم الحياة لأطفالها.

وفي الحضارة الإغريقية، كانت هناك احتفالات سنوية مخصصة لعبادة ريا، والدة الإله زيوس، تكريمًا لدورها كأم للآلهة. كما احتفل الرومان بالأمهات من خلال مهرجان هيلاريا، الذي كان يقام في معابد سيبيل، إلهة الأرض والخصوبة، وكانت الاحتفالات تشمل تقديم القرابين والزهور تقديرًا للأم ودورها في المجتمع.

عيد الأم في العالم العربي وبداية الاحتفال به في مصر

بدأت فكرة الاحتفال بعيد الأم في العالم العربي من مصر خلال خمسينيات القرن الماضي، بفضل مبادرة الصحفي علي أمين، مؤسس جريدة "أخبار اليوم". ففي أحد مقالاته، طرح فكرة تخصيص يوم سنوي للاحتفال بالأم، قائلًا:
"لماذا لا يكون هناك يوم في السنة نحتفل فيه بالأم، ونجعله عيدًا وطنيًا؟ في هذا اليوم، يقدّم الأبناء لأمهاتهم الهدايا الرمزية ويعبّرون عن امتنانهم برسائل شكر وحب، كما يمكنهم إعفاؤهن من الأعمال المنزلية، ليشعرن بأنهن ملكات في هذا اليوم المميز!"

لاقى الاقتراح تفاعلًا واسعًا من القرّاء، مما دفع الحكومة المصرية إلى إقرار يوم 21 مارس يومًا رسميًا للاحتفال بعيد الأم، حيث يوافق هذا التاريخ بداية فصل الربيع، كرمز للتجدد والعطاء الذي تمثّله الأم في حياة أبنائها. ومنذ ذلك الوقت، انتشر الاحتفال بعيد الأم في مختلف الدول العربية، مثل السعودية، الإمارات، العراق، سوريا، ولبنان، وأصبح مناسبة سنوية للتعبير عن الامتنان والتقدير للأمهات.

سبب تسمية عيد الأم بهذا الاسم

يرجع سبب تسمية عيد الأم بهذا الاسم إلى إنشاء الجمعية الدولية ليوم الأم عام 1912، حيث استُخدم مصطلح Mother’s Day باللغة الإنجليزية، والذي جاء بصيغة المفرد والملكية، في إشارة إلى أن الاحتفال موجه لكل أم بشكل فردي. لاحقًا، استخدم الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون والكونجرس الأمريكي المصطلح ذاته عند إقرار عيد الأم في الولايات المتحدة، وانتشر المصطلح عالميًا حتى أصبح متعارفًا عليه في مختلف اللغات والثقافات.

ورغم أن عيد الأم بدأ كمفهوم غربي، إلا أنه أصبح مناسبة عالمية تحظى باهتمام واسع في جميع الدول، حيث يتم تكريم الأمهات بطرق متنوعة، من خلال الاحتفالات العائلية، الهدايا الرمزية، وحتى الفعاليات الرسمية التي تقيمها الحكومات والمؤسسات الاجتماعية تقديرًا لدور الأم في بناء المجتمع.

عيد الأم.. مناسبة تعكس الحب والامتنان

لا يقتصر الاحتفال بعيد الأم على تقديم الهدايا، بل يمثل فرصة حقيقية لتقدير الأمهات والتعبير عن الحب لهن، سواء بالكلمات الصادقة أو الأفعال البسيطة التي تدخل السرور إلى قلوبهن. فكما تهب الأم حياتها لأبنائها، فإن أبسط تعبير عن الامتنان يمكن أن يكون له أثر كبير في إسعادها وإشعارها بمدى أهميتها في حياة أسرتها ومجتمعها.