أنتوني بلينكن.. وزير الصراع ورجل السلام
أنتوني بلينكن، الوزير الذي بدأ مسيرته كرمز للسلام والعدالة، بات اليوم شخصية مثيرة للجدل، يُنظر إليه كوجه للصراع والسلام في آنٍ واحد، إرثه السياسي يعكس تعقيدات السياسة الأمريكية، ويضع تساؤلات حول قدرة واشنطن على التوفيق بين مبادئها المعلنة وقراراتها في الساحة الدولية.
فعلى مدار ولايته كوزير للخارجية الأمريكية، حمل أنتوني بلينكن إرثًا متناقضًا جعل منه رمزًا مزدوجًا بين كونه مدافعًا عن السلام ورجلًا للصراع، فمن دعمه لأوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي، إلى وقوفه بجانب إسرائيل في حربها على غزة، شكلت قراراته وتحركاته محور نقاش عالمي حول طبيعة الدور الأمريكي في السياسة الدولية، ومدى إلتزام واشنطن بمبادئ العدالة والسلام.
رجل السلام في أوكرانيا
مع بداية ولاية الرئيس جو بايدن في 2021، تصدر بلينكن واجهة السياسة الخارجية الأمريكية باعتباره أحد أعمدة الدبلوماسية الدولية.
فكان دوره في دعم أوكرانيا عقب الغزو الروسي عام 2022 بارزًا، حيث نجح في حشد تحالف دولي يضم نحو 50 دولة لتقديم مساعدات عسكرية واقتصادية، بالإضافة إلى فرض عقوبات صارمة على روسيا.
حينها، وصفته وسائل الإعلام بأنه "رجل السلام"، لما أبداه من التزام بمبادئ الأمن والاستقرار الدوليين، واعتُبر نموذجًا للسياسي الذي يوازن بين الدبلوماسية الحازمة والالتزام الأخلاقي.
وزير الصراع في غزة
لكن مع اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، اتخذت مسيرة بلينكن منعطفًا حادًا، فقراراته بدعم إسرائيل دون شروط في حربها ضد حركة حماس، وتصريحاته العلنية التي أبرزت انحيازه، أثارت موجة من الانتقادات المحلية والدولية.
وخلال زيارته لتل أبيب في بداية الحرب، قال بلينكن: "أنا هنا ليس فقط كوزير للخارجية، ولكن أيضًا كيهودي"، ما اعتبره البعض تبريرًا أيديولوجيًا لدعمه غير المشروط لإسرائيل.
ومع تزايد أعداد القتلى الفلسطينيين جراء القصف الإسرائيلي، واصل بلينكن التزامه بتقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل، مما أثار احتجاجات داخل الولايات المتحدة وخارجها.
ووصفه بعض المحتجين بـ "وزير الإبادة الجماعية"، ورُفعت لافتات تصفه بـ "مجرم حرب"، مما أضاف المزيد من الجدل حول إرثه السياسي.
مفارقة المشهدين
تكشف رحلات بلينكن الدبلوماسية تناقضات إرثه، ففي باريس، موطن ولادته، حظي بتكريم كبير من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي وصفه بـ "خادم السلام"، ومنحه وسام جوقة الشرف.
وعلى النقيض، واجه في واشنطن موجة غضب عارمة، حيث قاطعته إحدى السيدات أثناء إلقائه خطابًا، متهمة إياه بالإبادة الجماعية، ما يعكس الانقسام الحاد في النظرة إلى أدائه.
ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز" بلينكن بأنه "وزير الحرب"، مشيرة إلى أنه بات رمزًا للصراع أكثر من كونه دبلوماسيًا للسلام.
والانتقادات وجهت له بسبب ما اعتبره البعض تناقضًا بين مواقفه في دعم أوكرانيا، حيث دافع عن حقوق الشعب الأوكراني، ودعمه لإسرائيل، حيث اتُهم بتجاهل معاناة الفلسطينيين.