إسعاف لا يسعف الغلابة.. حكايات من قلب الوجع

العدد الأسبوعي

إسعاف
إسعاف

طلبت غادة محمد سيارة إسعاف لنقل والدتها الحاجة خديجة طه المريضة بالقلب إلى المستشفى بشكل عاجل. ورغم أن الحالة كانت طارئة، تفاجئت الأسرة بطلب المسعف مبلغ ٩٠٠ جنيه بعد أقل من ساعة من الانتظار، مبررًا ذلك بتطبيق تسعيرة جديدة لخدمات الإسعاف.

وتقول غادة: وصلت سيارة الإسعاف ونقلت الوالدة إلى مستشفى عباس العقاد أقرب مستشفى خاص والتى تبعد حوالى ربع ساعة. بعد وصولهم، أجرت الوالدة فحوصات سريعة ونصحهم الطبيب بإعادتها إلى المنزل ومتابعة حالتها مع طبيب متخصص.

دنيا عاشور أيضا عاشت تجربة سيئة مع جدتها بسبب هيئة الإسعاف رفضت نقل جدتها إلى مستشفى حميات إمبابة. رغم أن الطبيب الذى كان يجرى كشفًا منزليًا للحالة أكد لهم أنها بحاجة إلى رعاية متخصصة هناك. وبدلًا من ذلك، أصر المسعف على نقلها إلى مستشفى آخر، محددين وجهتهم المعتادة فقط إلى مستشفى أم المصريين.

وقالت دنيا: إن أفراد الإسعاف تعاملوا مع الحالة بإهمال شديد، حيث تم نقلها على كرسى وهى فاقدة لوعيها بطريقة غير لائقة، مما أدى إلى سقوطها فى الشارع أمام الناس. إلى جانب رفض تقديم أى رعاية طبية أو استخدام الأكسجين خلال النقل، ما عرض الحالة للخطر وتسبب فى وفاتها فور وصولها للمستشفى بسبب نقص الأكسجين.

رغم وفاة جدة دنيا رفضوا المسعفون مغادرة المستشفى إلا قبل التحصل على رسوم الخدمة ٣٥٠ جنيهًا والتى من المفترض أن تكون مجانية. وأكد المسعف أن ما يتقاضاه هو تسعيرة جديدة رغم أن الواقعة كانت يوم ٩ أكتوبر أى قبل ساعات من الإعلان عن التسعيرة الجديدة.

وتروى وردة إدريس، ما حدث معها حينما طلبت الإسعاف لنقل والدتها للمستشفى، فتقول: جاءت الإسعاف ونقلتنا أقرب مستشفى حكومى قريب للمنزل ولكن كان الأمر غريبًا حيث أن المسعف قام بإدخال الحالة للمستشفى الذى رفض استلامها لعدم وجود مكان ودخل فى مشاجرة مع الطاقم الطبى هناك هو يريد إدخالها وتركها على كرسى متحرك حتى يهيئوا لها مكانًا والتمريض هناك يرفض استلامها ويطالب المسعف استكمال عمله ونقلها لمستشفى آخر يسعف الحالة».

وتضيف أن الأمر ظل على هذا الوضع بين التمريض والمسعف من دون أى تدخل من إدارة المستشفى حتى فاض بها الكيل وقامت بطلب تاكسى لينقل والدتها لمستشفى آخر.

وتقول أمنية عبدالوهاب، ممرضة فى مستشفى جامعى، إن سيارة الإسعاف لا تتحرك إلا بعد أن يكتب الطبيب تقريرًا رسميًا يفيد بأنه استلم الحالة الطارئة بشكل كامل. وتضيف أنها كثيرًا ما تواجه مشاكل مع المسعفين الذين يصلون إلى المستشفى وفى ذهنهم التخلص من الحالة بسرعة والمغادرة، دون مراعاة لحالة المريض أو الإجراءات الطبية الضرورية. تؤكد أنها تتشاجر معهم بشكل مستمر بسبب عدم اهتمامهم بالحالات الحرجة التى تتطلب دقة فى التعامل.

وتوضح إن هناك حالات طارئة تتطلب نقل المريض إلى مستشفى آخر مجهز بما يتطلبه المريض، ولكن المسعف يرفض الانتظار حتى يتم فحص الحالة من الأطباء واستلامها وهو الامر الذى يخلق توترًا كبيرًا بين الطاقم الطبى والمسعفين طوال الوقت.

ما وقع مع وردة والحاجة خديجة وجدة دنيا هو مخالفة صريحة أقر بها رئيس الهيئة والمتحدث الرسمى للوزارة ولكن رغم إقرارهم لم تتوقف الحاجة خديجة عن دفع رسوم مقابل تلقى خدمة تدعمها الدولة بشكل مجانى.

ورفعت هيئة الإسعاف فى ١٠ أكتوبر الماضى، أسعار خدماتها غير الطارئة داخل القاهرة الكبرى وبين المحافظات بنسب متفاوتة وصلت إلى ٣٤٠٪ فى أول زيادة منذ ٢٠١٩.

وحددت الهيئة أسعار خدماتها الإسعافية غير الطارئة والتعاقدات والتأمينات حسب اللائحة، التى اطلعت عليها «الفجر» بأن تكون تكلفة نقل الحالات غير الطارئة داخل المحافظة بالكيلومتر بين ٤٥٠ إلى ٣٧٧٣ جنيهًا شاملة تكلفة انتظار ساعتين. كما قدرت تكلفة نقل الحالات غير الطارئة بين المحافظات بقيمة تتراوح بين ٥٥٠ و٩١٠٠ جنيه.

عن ذلك يقول الدكتور عمرو رشيد، رئيس هيئة الإسعاف: للتفريق بين الحالات الطارئة وغير الطارئة المطبق عليها الزيادة الجديدة، موضحا أن الهيئة تتبع ضوابط صارمة لتحديد الحالات الطارئة التى تستدعى النقل المجانى إلى المستشفيات، وأن الحالات الطارئة تشمل الأزمات القلبية، الإصابات الناتجة عن الحوادث، والحالات التى تتطلب تدخلًا طبيًا عاجلًا لإنقاذ الحياة، سواء فى المنازل أو الطرق.

وأشار رشيد إلى أن الحالات غير الطارئة، مثل النقل لعمل فحوصات أو تحاليل أو زيارات عيادية، تُعتبر خدمات مختلفة تُحدد رسومها بناءً على اللوائح، ويتم التنسيق بشأنها مسبقًا مع مركز التحكم، مشيرا إلى أن المسعفين غير مخولين بنقل أى حالة إلى مستشفيات خاصة، إلا إذا كانت أقرب مستشفى لموقع الحالة، وفى حال طلب الأهل ذلك بشكل مباشر يتم إبلاغ مركز التحكم بالوضع لتحديد الإجراءات والرسوم المناسبة.

ويقول دكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمى لوزارة الصحة: إن تقييم حالة المريض وتحديد المستشفى المناسب يتم من خلال فريق الإسعاف بناءً على طبيعة الحالة، بالتنسيق مع المستشفيات لاستقبال الحالة وتوفير الرعاية اللازمة».

كما أكد المسئول أن تحصيل الرسوم يتم فقط من خلال مركز التحكم ولا يحق لأى مسعف فرض رسوم أو استلام أموال مباشرة، وفى حال حدوث أى تجاوز، يتم اتخاذ إجراءات قانونية فورية ضد المخالفين.

وأشار إلى أن ما حدث مع الحاجة خديجة تعارض مع الحالات التى تضمنتها اللائحة الصادرة حديثًا والتى أكدت أنه لن يتم تحصيل الرسوم فى حالات محددة غير طارئة وفق شروط معينة وهى تحويل مريض طارئ من مستشفى حكومى إلى آخر حكومى، أو نقل مريض طارئ من عيادة أو مركز صحى إلى مستشفى حكومى، بالإضافة إلى تحويل مريض من مستشفى خاص إلى مستشفى حكومى بشرط التنسيق مع طوارئ الوزارة على الرقم ١٣٧.

كما تشمل اللائحة تحويل مريض من مستشفى حكومى إلى مستشفى خاص، نقل مريض طارئ من المنزل إلى أقرب مستشفى حكومى، وتحويل حالات طارئة من مستشفى حكومى إلى آخر داخل أو خارج المحافظة، شريطة التنسيق مع طوارئ الوزارة أو تقديم خطاب تحويل.

وتشمل أيضًا الحالات التى يتم التنسيق لها عبر طوارئ الوزارة مع مستشفيات حكومية أو خاصة، مع التأكد من الاتصال من الرقم الأرضى للتحقق من التنسيق وإفادة غرفة الطوارئ والإدارة العامة للخدمات الطبية. ويؤكد المتحدث الرسمى لوزارة الصحة أن الخدمات الإسعافية الطارئة مجانية بالكامل، وتشمل تقديم الإسعافات الأولية، والرعاية الطبية الفورية للمصابين فى الحوادث الطارئة أو الحالات الحرجة، وتأمين نقلهم إلى المستشفيات المناسبة لهم. ويضيف أن أى رسوم يتم فرضها على الحالات الطارئة تُعتبر ممارسات غير قانونية تُحاسب عليها الجهات المسؤولة جنائيًا. وأشار إلى أن الخدمات غير الطارئة التى تقدمها هيئة الإسعاف، مثل نقل المرضى بناءً على طلب ذويهم إلى مستشفيات محددة، قد تكون برسوم. لكن ذلك لا ينطبق على الحالات الإسعافية الطارئة.