سياسة متأرجحة.. علاقة متوترة بين ماكرون ونتنياهو وسط أزمات الشرق الأوسط

تقارير وحوارات

نتنياهو وماكرون
نتنياهو وماكرون

ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على شاشات الإعلام الفرنسي موجّها خطابه إلى الشعب الفرنسي، في خطوة وصفها البعض بأنها محاولة لإعادة صياغة صورته وسط تصاعد الانتقادات الدولية ضده.

استغل نتنياهو اللقاء لإبراز ما وصفه بـ”خطر الإرهاب الإسلامي” الذي يهدد فرنسا وإسرائيل، معتبرًا أن الانتقادات القانونية الموجهة إليه لا تستهدف شخصه فقط بل إسرائيل ككل.

نتنياهو في الإعلام الفرنسي

ظهر بنيامين نتنياهو على قناة TF1 الفرنسية نهاية مايو الماضي في أول ظهور إعلامي له في فرنسا منذ أحداث السابع من أكتوبر 2023.

حرص نتنياهو على توظيف اللقاء لتبرير سياساته العدوانية ضد غزة ولبنان، مركزًا على ما سماه “الإرهاب الإسلامي” الذي يهدد فرنسا وإسرائيل معًا.

برر نتنياهو الحصار على غزة مدعيًا أن إسرائيل تبذل “جهودًا إنسانية”، وقلل من أهمية الانتقادات الدولية ضده واعتبرها استهدافًا لدولة إسرائيل وليس لشخصه.

تزامن ظهوره مع احتجاجات أمام مقر القناة الفرنسية، حيث تجمع المئات للتنديد بمنح نتنياهو منصة إعلامية وسط تصاعد الغضب العالمي ضد سياساته.

الجنائية الدولية تصدر مذكرة اعتقال

في نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

أعلنت فرنسا التزامها بالقانون الدولي بحكم عضويتها في نظام روما الأساسي، لكنها عادت لتؤكد أن نتنياهو يتمتع بالحصانة بسبب عدم عضوية إسرائيل في المحكمة.

وضعت مذكرة الاعتقال باريس في موقف حساس بين الالتزام بالقانون الدولي وعلاقاتها الوثيقة مع إسرائيل.

ماكرون ينتقد نتنياهو

انتقد إيمانويل ماكرون نتنياهو بشكل علني خلال مؤتمر لدعم لبنان في أكتوبر، واصفًا الحرب على غزة بأنها “نشر للهمجية”.

وصف نتنياهو تصريحات ماكرون بأنها متحيزة، وذكّر بالدور الفرنسي التاريخي في نظام فيشي النازي، في هجوم مباشر على السياسة الفرنسية، وتعكس هذه التصريحات خروجًا عن الخطاب الغربي المعتاد الداعم لإسرائيل بلا تحفظ، ما أثار استياءً لدى الحكومة الإسرائيلية.

محاولات فرنسية لاستعادة الدور في الشرق الأوسط

سعى ماكرون، منذ بداية الأزمة في غزة ولبنان، لاستعادة النفوذ الفرنسي في الشرق الأوسط من خلال سلسلة مبادرات.

اقترح ماكرون إنشاء تحالف دولي ضد حماس مشابه للتحالف ضد تنظيم الدولة، وأطلق جهودًا لوقف إطلاق النار وإرسال المساعدات الطبية لغزة.

نظم مؤتمرًا لجمع التبرعات لفلسطين، لكن النتائج كانت دون الطموحات، وقاطعت دول كبرى، بما فيها الولايات المتحدة، المؤتمرات التي نظمتها فرنسا، ما أظهر تراجعًا واضحًا في نفوذ باريس الإقليمي.

سياسة فرنسا تجاه إسرائيل

تتميز السياسة الفرنسية تجاه إسرائيل بتباين تاريخي؛ فقد اتسمت في الماضي بمواقف أكثر توازنًا، لكنها تحولت إلى دعم شبه كامل لإسرائيل خلال العقود الأخيرة.

في عهد شارل ديغول، فرضت فرنسا حظرًا على تصدير الأسلحة لإسرائيل عقب حرب 1967، وتغيرت السياسة تدريجيًا مع وصول نيكولا ساركوزي ومن بعده فرانسوا هولاند، ليصبح الدعم الفرنسي لإسرائيل أكثر وضوحًا.

يحاول ماكرون التوفيق بين الدعم الإسرائيلي التقليدي والنقد السياسي لبعض سياسات تل أبيب، ما يجعله في حالة “شد حبال” دائم.

نتنياهو وماكرون وجهًا لوجه

تجاوز التوتر بين نتنياهو وماكرون البُعد السياسي ليصل إلى العلاقة الشخصية بينهما.
يظهر نتنياهو كرجل سياسي يسعى لتحقيق أهدافه بأي وسيلة، بينما يحاول ماكرون الحفاظ على صورته كرئيس متوازن، لكنه لا يخفي طموحه الشخصي في لعب دور الزعيم العالمي.

انتقل الخلاف بين الرجلين من الغرف المغلقة إلى التصريحات العلنية، حيث لا يخفي أي منهما استياءه من سياسات الآخر.