جهود دولية... ماذا يحدث في هايتي؟
أزمة هايتي.. تصدرت محركات البحث خلال الساعات القليلة الماضية وذلك بعدما بحث وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في تطورات الوضع الأمني في هايتي، مؤكدين التقدم الذي أحرزته البعثة متعددة الجنسيات لدعم الأمن هناك.
كما استعرضا إمكانية تحويل هذه البعثة إلى عملية حفظ سلام دولية تحت مظلة الأمم المتحدة، تلبيةً لطلب حكومة هايتي بهدف تأمين استقرار طويل الأمد للشعب الهايتي، خاصة في ظل تزايد نفوذ العصابات المسلحة والتدهور الأمني الحاد.
أزمة هايتي
تعاني هايتي من انهيار أمني غير مسبوق، حيث تسيطر العصابات المسلحة على مساحات واسعة من العاصمة بورت أو برانس والمناطق المحيطة بها. فقد تصاعد نفوذ هذه العصابات بعد اغتيال الرئيس جوفينيل مويس في 2021، ما أدى إلى فراغ سياسي وأمني استفادت منه الجماعات المسلحة. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، تسيطر العصابات على نحو 80% من العاصمة، مما أجبر آلاف السكان على النزوح هربًا من العنف والاشتباكات المستمرة.
وتقوم هذه العصابات بعمليات اختطاف، ابتزاز، وقتل جماعي، وتستهدف المدنيين، مما جعل حياة السكان شبه مستحيلة. ومع انهيار الأجهزة الأمنية والعجز عن السيطرة على الوضع، أصبحت العصابات هي المسيطر الفعلي، ما يعزز من حالة انعدام الأمن ويزيد من تردي الوضع المعيشي للسكان.
أزمة إنسانية حادة ونقص في الإمدادات الأساسية
في ظل تزايد نفوذ العصابات، يعاني نحو نصف سكان هايتي، أي ما يقارب 4.9 مليون شخص، من نقص حاد في الغذاء. حيث يعرقل انتشار العنف وصول الإمدادات الغذائية والمساعدات الإنسانية، وتتعطل الخدمات الأساسية، مما يزيد من معاناة السكان. وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن ما يقارب 1.8 مليون شخص يعيشون في حالة من انعدام الأمن الغذائي الشديد، ويحتاجون إلى مساعدات عاجلة للبقاء على قيد الحياة.
كما أدت الاشتباكات إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية، في وقت تزداد فيه معدلات التضخم بشكل غير مسبوق، مما يضاعف الأزمة الاقتصادية التي ترزح تحتها البلاد. ومع تدمير البنية التحتية وانهيار النظام الصحي، يصعب الوصول إلى الرعاية الصحية في العديد من المناطق، مما يزيد من احتمالات تفشي الأمراض والأوبئة.
الجهود الدولية لمواجهة الأزمة
في مواجهة هذا الوضع الكارثي، طالب المجتمع الدولي بضرورة التدخل لمساعدة هايتي، حيث وافق مجلس الأمن الدولي على إرسال بعثة بقيادة كينيا لتعزيز قدرات الشرطة المحلية. وتهدف هذه البعثة إلى دعم جهود استعادة الأمن ومساعدة السلطات المحلية على مواجهة العصابات، لكن يتطلب هذا التعاون موافقة محلية وتنسيق فعّال لتحقيق أي استقرار على الأرض.
من جهة أخرى، تطالب منظمات حقوق الإنسان باتباع نهج يركز على تحسين أوضاع المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية بشكل فوري، حيث أن التدخل العسكري وحده قد لا يكون كافيًا لإعادة بناء البلاد وضمان حقوق الإنسان في هايتي. بينما يشدد الخبراء على أن هناك حاجة ملحّة لبرامج دعم مجتمعية تسهم في استعادة الثقة وبناء اقتصاد مستداممستقبل هايتي بين الفوضى والأمل في الاستقرار
أزمة هايتي لا تزال دون حل واضح، إذ تعاني البلاد من غياب سلطة سياسية مستقرة وعجز في تلبية احتياجات المواطنين الأساسية. ومع استمرار تدهور الأوضاع الأمنية، تواجه البلاد شبح انهيار الدولة بالكامل، ما قد يجعل من هايتي بؤرة للصراعات والنزاعات في منطقة الكاريبي. ومع ذلك، يأمل المواطنون في أن يسهم التدخل الدولي في تحقيق بعض الاستقرار، لعلّهم يتمكنون من إعادة بناء وطنهم وإنهاء سنوات طويلة من الأزمات الاقتصادية والسياسية التي أثقلت كاهلهم.