ما حكم الرجوع في الهبة بدعوى جحود الموهوب له؟ الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفاء المصرية عن ما حكم الرجوع في الهبة بدعوى جحود الموهوب له ؟ حيث قال السائل ما حكم الرجوع في الهبة بعد سنوات من تمليك الواهب للموهوب له العين الموهوبة؟ فهناك صديقان أهدى أحدهما للآخر مبلغًا كبيرًا من المال اشتى به الآخر وحدة سكنية، ثم حدث بينهما شجارٌ كبير وخلافٌ أدَّى إلى تعكير صفو ما بينهما من مودَّة، فجاء الصديق الأول "الواهب" -بعد سنوات- من استقرار صديقه الآخر "الموهوب له" في البيت الذي اشتراه بمال الهبة والذي رتَّب حياته عليه، وطالبه بأن يخرج من البيت ويعيده إليه بدعوى أنَّه قد بَذَلَ هذا المال لرجلٍ كان يظنه محبًّا مخلصًا، وبعد الشجار ظهر له خلاف ما كان يأمله فيه، لذلك هو يعتبر نفسه أنه قد بذل هذا المال منخدعًا، ويحق له أن يسترجعه، فهل يجوز له أن يرجع في هبته تمسُّكًا بأنَّ السادة الحنفية يجيزون الرجوع في الهبة؟ وهل نسبةُ ذلك للحنفية صحيحة أو لا؟
أجابت الدر عبر فتوى تحمل رقم “8436” قائلة: ليس للواهب الرجوع في المال الذي وهبه لصديقه، ولا يجوز له أن يقهره على إعادة العين دون إرادته ورضاه بدعوى جـحوده؛ لأنَّ مال الهبة الذي دفعه الواهب للموهوب له قد تبدَّل من عينٍ (هي المال) إلى عينٍ أخرى (هي الوحدة السكنيَّة)، مما يترتب عليه قيام مانعٍ من موانع الرجوع في الهبة.
وهذا هو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، والمفهوم ممَّا جاء في كلام الحنفية أنه يجوز للواهب أن يرجع في هبتِهِ، لكنهم نصُّوا على أنَّ ذلك مما يُستقبح ولا يستحب فعله ديانةً، ثم إنهم قيَّدوه بجملة من الموانع التي إن تحَقَّق أحدُها بطريق القضاء امتَنَع الرجوع، ومنها التغيُّر من جنسٍ إلى جنس -كما في مسألتنا-، فإنه مانعٌ من الرجوع ويقطع حقَّ التملك.