د.حماد عبدالله يكتب: نهر الحب في مصر !!
عجيبة جدًا بلادنا – مصر – عجيبة جدًا أن يجتمع أهلها – جميعهم حينما يصيبنا مصاب أو مصيبة! وتفرقنا جدًا الأفراح !!
ففي الأحداث التاريخية التي يصاب فيها الوطن بمصيبة طبيعية ( زلازل أو سيول أو حرائق أو وباء ) أو مصيبة وطنية ( حروب أو تحرش بالوطن ) نجد هبة المصريين جميعهم بكل مشاربهم للتصدي وللوقوف صفًا واحدًا – حتي هؤلاء الذين يعرف عنهم ( بخالف تعرف ) – نجدهم تخلواعن هذه الصفة لكي يلحقوا بكتيبة الوطن – للدفاع عنه !! وقد كان في التاريخ القديم حينما يهاجم فيضان النيل الأراضي والمسطحات العمرانية المصرية يهب المصريون جميعًا لكي يصدوا زحف الفيضان علي الزرع والمبني والمصنع – ويهب القادرون ويستضيفون المتضررون – ويتعاون الجميع في تحمل الأزمة والمصيبة – وحدث ذلك في أثناء الزلزال الشهير عام 1992 – وحدث أيضًا في حرب 1956، حينما إستضاف كل بيت في مصر – مهاجرون من المدن علي ضفة قناة السويس، ولعل ما سجله دفتر أحوال البلد عام1973 في حرب أكتوبر بأنه لم يسجل حادثة أو واقعة خلاف أو مشاجرة حتي بين المصريين أثناء مواجهة الجيش للعدو – وعبوره لقناة السويس !!
هكذا حال المصريين نهر من الحب جارف حينما تصاب بمصيبة !! وعلي العكس حينما نفرح – نجد ألف رأي وألف مدعي بأن الفرح زائف – وأن الفرح مشوب بالغش، وأن المستفيدين من أفراح الوطن كله أو المستفيدين من الفرح " وبقدر نيل حظ من الفرح – بقدر حظ من سوء الظن من الأخرين " !!
ولعل مايحدث في عمر مكرم والحامدية الشاذلية ومساجد الشرطة والجيش التي تستفبل العزاء – فلا تذكرة دعوة ولا سؤال عمن دعى أحد للحضور – فالمصيبة مجمعة للناس – والعزاء مفتوح ودون دعوات علي ورق مفضض أو ذهبي – وبالمقابل الأفراح – في الفنادق الخمس نجوم – والأندية والتجمعات – فهي أفراح محددة بالشخصيات المدعوة بل الأكثر من ذلك لا يسمح بالدخول لمن لا يحمل دعوة من صاحب الفرح " ففي أحزانهم مدعوون وفي أفراحهم مستبعدون- هكذا يقول المثل في الأدب الشعبي المصري.
ومع ذلك فنهر الحب في مصر لا ينتهي ولا ينضب أبدًا – نصبوا أن يزداد هذا النهر مياهًا جارية – وتدفقًا وجمالًا وروعة – كما غنى للنهر المرحوم "محمد عبد الوهاب " والمرحومة العظيمة "أم كلثوم" – وأسمر المصريين المرحوم "عبد الحليم حافظ " – فلا فرق كبير بين نهر الحب – ونهر النيل !!
أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد
Hammad [email protected]