ما تأثير انشقاق "كيكل" عن الدعم السريع في السودان؟.. خبراء يجيبون
يعد انضمام أبو عاقلة كيكل، أحد أبرز قادة قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة، إلى الجيش السوداني، تطورًا مهمًا في مسار الصراع المسلح الذي استمر لأكثر من عام ونصف بين الجيش وقوات الدعم السريع.
هذه الخطوة، التي جاءت بعد مفاوضات استمرت لعدة أشهر، تحمل تأثيرات كبيرة على كلا الطرفين، وقد تفتح المجال أمام تغيرات في ديناميكيات السيطرة العسكرية في البلاد.
ففي الوقت الذي يعزز فيه الجيش موقعه الاستراتيجي في مناطق نفوذ كيكل، تواجه قوات الدعم السريع تحديات جديدة في المحافظة على سيطرتها في ولاية الجزيرة.
تعزز موقف الجيش السوداني
أكدت الخبيرة في الشؤون الإفريقية، صباح موسى، أن استسلام القائد البارز في قوات الدعم السريع، كيكل، وانضمامه إلى القوات المسلحة السودانية يمثل ضربة قوية للميليشيا، مشيرة إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد مفاوضات استمرت لأشهر بين الجيش وكيكل.
وقالت موسى في تصريحاتها لـ "الفجر"، إن استسلام قائد كبير بحجم كيكل يشكل خسارة استراتيجية للدعم السريع، خاصة أنه يُعتبر أحد قيادات الصف الأول في الميليشيا، هذه الخطوة لم تكن وليدة اللحظة، بل سبقتها مفاوضات استمرت نحو ثلاثة أشهر، حيث شهدت الفترة الأخيرة تصاعد الانتصارات العسكرية للجيش السوداني وانتشاره الواسع، ما دفع كيكل إلى اختيار الانضمام للجيش بحثًا عن السلامة.
وأضافت موسى: "كيكل يعد خزينة أسرار ضخمة للدعم السريع، فهو يمتلك معلومات دقيقة حول التحركات والتمويل وحتى الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيا. الجيش السوداني يجب أن يستفيد من هذه المعلومات في معركته المستمرة، رغم أن البعض يتحدث عن إمكانية مشاركة كيكل في القتال بجانب الجيش، إلا أن الأهم هو الاستفادة من المعلومات التي يمتلكها بدلًا من الاعتماد عليه في العمليات القتالية".
وأشارت إلى أن "الجدل حول العفو العام الذي أعلنه رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، يتزايد، حيث يرى البعض أن كيكل مجرم لا يمكن العفو عنه بعد الجرائم التي ارتكبها. في المقابل، هناك من يعتقد أن العفو يمكن أن يخدم المصلحة العامة ويساهم في إنهاء الحرب، خاصة إذا أدى إلى استسلام قادة آخرين من الدعم السريع".
واختتمت الخبيرة في الشؤون الإفريقية تصريحاتها بقولها: "إن استسلام كيكل خطوة كبيرة في طريق حسم المعركة لصالح الجيش السوداني، والدليل على ذلك حالة الاضطراب التي تسود صفوف الدعم السريع، حيث تشهد الميليشيا موجة من الانتقامات لكل من كان على صلة بكيكل خصوصًا أنه يعلم جيدًا ولاية الجزيرة وفي حالة سيطرة الجيش السوداني على تلك الولاية يعني مكسب كبير للجيش من أجل تأمين الولايات الأخري".
السيناريوهات المحتملة
وفي هذا السياق، أوضح المحلل السياسي السوداني محمد الأمين أبو زيد أن هذه الخطوة، سواء تمت بتفاوض أو انسحاب، سيكون لها تأثيرات مزدوجة على طرفي الصراع، مشيرًا إلى أن "الخطوة ستضعف قدرة الدعم السريع على السيطرة المحكمة على ولاية الجزيرة، خاصة في منطقة شرق الجزيرة التي كانت تُعد معقل نفوذ كيكل، مما قد يفتح ثغرات تتيح للجيش تحسين تحركاته اللوجستية وتعزيز مواقعه".
وأضاف أبوزيد في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن الانشقاقات والانقسامات داخل القوات المتحاربة ليست جديدة في هذا الصراع، وغالبًا ما يتكيف الطرفان مع هذه التغيرات بسرعة عبر تعديل خططهما وتوفيق أوضاعهما. ومع ذلك، أكد أبو زيد أن "الخطوة بحد ذاتها لا يمكنها حسم الصراع الدائر، بل إن إنهاء الحرب يتطلب تلاقي إرادة الطرفين للجلوس على طاولة المفاوضات والنظر في المصلحة الوطنية".
وحول خلفيات انضمام كيكل إلى الجيش، أشار أبو زيد إلى عدة احتمالات قد تكون وراء هذه الخطوة، ومنها: "تمهيد لانسحابات أوسع: قد تكون هذه الخطوة إشارة إلى احتمالات انسحاب من مناطق أخرى، في إطار تقسيم جديد لمناطق السيطرة بين الطرفين، وربما تكون ناتجة عن تفاهمات سرية بينهما؛ اتفاق استخباراتي: هناك صحة للتسريبات حول اتفاق تم بين كيكل والجيش بوساطة من المكونات الاجتماعية في المنطقة، مما ضمن له الحماية وأدى إلى انشقاقه؛ فشل خطة التسليم: من الممكن أن يكون كيكل قد قرر الانسحاب بعد أن علم بأن خطة تسليم مدينة ود مدني فشلت، ما دفعه للبحث عن السلامة له ولعدد قليل من قواته.
وفي هذا السياق، حذر أبو زيد من أن "الخطوة قد تؤدي إلى تعميق الانقسامات الاجتماعية وزيادة خطاب الكراهية والعنصرية، مما قد يمهد لحرب أهلية شاملة إذا لم يتم احتواء الوضع بسرعة".
واختتم المحلل السياسي السوداني تحليله بالإشارة إلى أن "جميع هذه الاحتمالات تبقى واردة، خصوصًا في ظل عدم قدرة أي طرف على حسم الصراع عسكريًا بشكل نهائي، واستمرار حالة الانقسام الحادة في المجتمع السوداني، كما أن عدم تدخل المجتمع الدولي بشكل حاسم لوقف الحرب يزيد من معاناة الشعب السوداني الذي يدفع الثمن الأغلى لاستمرار النزاع".