طموحات التهدئة والصراع القائم.. هل تتغيَّر فلسفة المقاومة تجاه جيش العدو؟
بينما يتوعَّد جيش الاحتلال بإنهاء إيران بشن هجمة قاتلة له، وسعى نحو لُبنان فألحق خسائر بحزب الله، فاستهدف أمينه العام “حسن نصرالله”، واغتال من قبل خير قاداته، لينظر هذا بعيو شَذِرةإلى المجتمع الدولي: “نحافظ على أمن إسرائيل”.
يتبادر السؤال: “هل تتغيَّر فلسفة المقاومة تجاه جيش العدو؟”، وذلك بالإشارة نحو مستقبلها الدفاعي أو تفهمها لحجم الخسارة.
هل عرقلت "طوفان الأقصى" مخططات إسرائيلية حقًا؟
أكد خالد مشعل، رئيس حركة حماس في الخارج، أن عملية "طوفان الأقصى" أعادت الزخم للقضية الفلسطينية وعرقلت المخططات الإسرائيلية الرامية لهدم المسجد الأقصى. وأوضح أن هذه العملية وضعت إسرائيل في موقف حرج وكشفت حقيقتها أمام العالم.
حقيقة إنجازات إسرائيل
في مقابلة تليفزيونية، أشار مشعل إلى أن الإنجازات التي حققتها إسرائيل خلال عام من العدوان على غزة لا تتعدى كونها "تكتيكية"، في حين أنها تكبدت خسائر استراتيجية كبيرة، خاصة على الساحة الدولية. وأكد أن الحرب ضد الاحتلال هي "دفاعية"، وأن المقاومة الفلسطينية هي "دفاع عن الشعب والأرض والمقدسات"، موضحًا أنه لا توجد مفاوضات حالية لوقف إطلاق النار. كما ألقى باللوم على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تعطيل أي اتفاق بهذا الشأن.
وفي حديثه عن اللقاء الأخير بين حركتي حماس وفتح في القاهرة، كشف مشعل أنه يأتي في إطار التمهيد لوضع تصوّر لما بعد الحرب، حيث سيتم مناقشته مع الفصائل الأخرى. وأشار إلى أن المقترح الحالي يتضمن "إدارة وطنية لقطاع غزة بالتوافق مع السلطة الفلسطينية".
أسئلة مُثارة
ينتقد بعض المطلعون هذا التصريح ويسألون حول الخسائر التكتيكية التي يشير إليها، خاصة في ظل الأرقام المفزعة المتعلقة بضحايا الحرب، حيث تجاوز عدد القتلى 42 ألف فلسطيني، بالإضافة إلى أكثر من 80 ألف مصاب تحت أنقاض المباني في غزة. كما يجب النظر إلى معاناة أكثر من 90% من سكان القطاع الذين شُردوا من منازلهم وأحيائهم المدمرة. وعلى الجانب الآخر، تبرز التساؤلات حول ما إذا كانت خسائر إسرائيل الاستراتيجية تشمل تحرر الحكومة الإسرائيلية من القيود الدولية، مما سمح لها بارتكاب جرائم ومجازر يومية دون أي رادع أو مساءلة من المجتمع الدولي.
فرصة لإنهاء سيطرة حزب الله.
بينما كشفت مصادر أميركية وعربية مطلعة أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تسعى لاستغلال الهجمات الإسرائيلية على حزب الله كفرصة لإنهاء سيطرته المستمرة على المشهد السياسي في لبنان. ووفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أكد المسؤول الكبير في البيت الأبيض، آموس هوكشتاين، لمسؤولين عرب أن إضعاف حزب الله من خلال هذه الهجمات قد يشكل فرصة لكسر الجمود السياسي في البلاد، خصوصًا فيما يتعلق بانتخاب رئيس جديد.
مبادرة أميركية بدعم قادة لبنانيين
تعتمد الخطة الأميركية على دعم زعماء لبنانيين بارزين مثل رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يُعتبر قناة رئيسية في مفاوضات وقف إطلاق النار مع حزب الله. هذا الموقف الأميركي يمثل تحولًا طفيفًا عن الدعوات السابقة للإدارة الأميركية بضرورة وقف إطلاق النار الفوري.
مخاوف من تصاعد النزاع الطائفي
في المقابل، أبدى بعض المسؤولين السياسيين في لبنان والمنطقة مخاوفهم من أن يؤدي الضغط الأميركي لانتخاب رئيس جديد في هذا التوقيت إلى إشعال نزاعات طائفية. مسؤولون مصريون وقطريون أعربوا عن تحفظاتهم، معتبرين أن الخطة الأميركية غير واقعية وقد تكون خطيرة. وأكدوا أن أي تسوية سياسية للصراع يجب أن تشمل حزب الله، الذي يعتبر قوة سياسية وعسكرية رئيسية في لبنان.
قلق مصري وتحذيرات من التدخل
كما أبدت مصر قلقها من أن التدخل في الشؤون السياسية اللبنانية في ظل الحرب قد يزيد من احتمالات اندلاع قتال داخلي. هذا القلق يستند إلى تاريخ لبنان الذي شهد حربًا أهلية دامت سنوات، وانتهت في عام 1990.
تحديات أمام الرئيس المحتمل
ويرى المحللون السياسيون أن أي رئيس جديد يُنتخب على خلفية هذه الهجمات قد يواجه ردود فعل سلبية من قوى سياسية منافسة. روبرت فورد، السفير الأميركي السابق في سوريا والجزائر، أكد أن رئيسًا يتولى منصبه بدعم من العمليات العسكرية الإسرائيلية قد يفقد مصداقيته بين اللبنانيين.
مواقف الأطراف اللبنانية
في الأسبوع الماضي، أعلن ميقاتي وبري دعمهما لانتخاب رئيس جديد، بينما أكد نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، رفضه لأي ترتيبات سياسية قبل انتهاء الحرب مع إسرائيل. من جانبه، أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية، مات ميلر، أن واشنطن تسعى لكسر سيطرة حزب الله على لبنان، وإزالة الفيتو الذي يمارسه على اختيار الرئيس.
دبلوماسية بايدن تدعم إسرائيل
يشير رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، إلى أن دبلوماسية الرئيس الأميركي جو بايدن بلغت مستوى غير مسبوق في دعم إسرائيل، خصوصًا بعد الانتشار العسكري الأمريكي الكبير الذي شمل حاملات الطائرات وغواصات نووية. ورغم هذا الدعم، يرى أولمرت أن بايدن لم يتمكن من تجاوز مقاومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث يتهمه باختلاق أسباب لعدم الامتثال لكل محاولة للتوصل إلى اتفاق هدنة.
أولمرت يؤكد أن العائق الرئيسي أمام وقف إطلاق النار هو اعتماد نتنياهو على القوميين المتطرفين في حكومته، الذين يدعمون تصعيدًا عسكريًا أكبر في غزة ولبنان. وقد هدد وزيران من اليمين المتطرف بسحب دعمهما للحكومة إذا وافق نتنياهو على وقف إطلاق النار، مما يجعل إنهاء الحرب تهديدًا كبيرًا لنتنياهو، الذي يتجنب هذا الخيار باستمرار.
وبين كل ما يحدث تظل طموحات التهدئة في المنطقة قائمة من أجل إرساء استقرار لجسدها المُنهك طيلة هذا العام، هل تتغيَّر فلسفة المقاومة، متجهة نحو التهدئة أم يستمرالتصعيد، في ظل دعم أمريكي لانتصار جيش العدو وتحقيق مكاسب أكبر له؟
بين هذه وتلك أيُّهما يحقق إنجازًا؟