د.حماد عبدالله يكتب: "حرب أكتوبر ليست أخر حروبنا"
كانت كلمات وأمنيات الرئيس " السادات" "الله يرحمه" أن تكون حرب أكتوبر 1973 هى أخر الحروب بين "مصر والعدو الصهيونى"، أملًا فى الشيطان أن يؤمن بالله واليوم الأخر !!
ولقد كانت لإسرائيل (كذبة كبرى) صدقتها حينما إستطاعت أن تضرب قواتنا ومطاراتنا صباح يوم 5 يونيو 1967 ولم يدخل الجيش المصرى الحرب مواجهة "لإسرائيل" إلا بعد هذا اليوم الأسود، وهى ما سميت بحرب الإستنزاف، منذ 10 يونيو 1967، حتى معاهدة )روجرز) ثم العمليات التى بدأت تمويهية للإعداد للحظة الحسم يوم الإثنين
6 أكتوبر1973 الساعة الثانية ظهرًا.
لقد عشت أيام وشهور وسنوات حرب الإستنزاف بكل حذافيرها كجندى ثم عريف مؤهلات عليا ثم ضابط إحتياطى فى الجبهة بمنطقة ساحل (سفاجا والغردقة) وشمال البحر الأحمر حتى السويس، عشت هذه المرحلة مشاركًا فى الإعداد الحاسم للمعركة تحت قيادة المرحوم (فريق محمد فوزى) والمرحوم (اللواء/سعد الدين الشاذلى) والمرحوم اللواء (محمد الجمسى).
كانت القوات المسلحة يعاد بنائها بكوادر من شباب مصر خريجى الجامعات المصرية والذين كانوا فى أوائل المتطوعين للإستعداد لرد الشرف والكرامة المصرية، ولقد كان، إستوعبنا السلاح والخطة، وإستطعنا بعد طول إنتظار (6 سنوات) أن نطلق مع أول طائرة عبرت القناة وأول دانة مدفع ضربت (خط بارليف) وأول جندى يمتطى (الطوف للعبور إلى الضفة الشرقية) مع زملائه بصرخة " الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر" وبدأت خطوات الإنتصار.
ولكن إستوقفنى ما حدث، وجاء فى كتاب "البحث عن الذات" للرئيس الراحل (محمد أنور السادات).
يقول الرئيس السادات فى كتاب " البحث عن الذات"
اتضح لى أن القمر الصناعى الأمريكى الذى كان يوصل المعلومات لإسرائيل ساعة بعد ساعة،أخبرهم بنقل الفرقة المدرعة ٢١ من الضفة الغربية للقناة إلى الضفة الشرقية لمحاولة تخفيف الضغط على سوريا كما طلب وألح الرئيس السورى حافظ الأسد وأقر هنا للتاريخ ان الاتحاد السوفيتى الذى يدعى وقوفه مع الحق العربى
لم يبلغنا بشىء بواسطة اقمارهم الصناعية التى تتابع المعركة لحظة بلحظة
ثم حدث تطور خطير بدأت أشعر به،و انا أتابع الحرب من غرفة العمليات
لقد استخدم الجسر الجوى الأمريكى لنجدة إسرائيل مطار العريش لنزول الطائرات الأمريكية العملاقة التى تحمل الدبابات وكل الأسلحة الحديثة والعريش تقع خلف الجبهه
و بدات الاحظ تطورا خطيرا فى معارك الدبابات التى اعترف الإسرائيليون أنفسهم بشراستها وكفاءة المصريين فى إدارتها
كنت كلما أصبت لإسرائيل ١٠ دبابات أرى مزيدا من الدبابات
لقد دخلت أمريكا الحرب لإنقاذ إسرائيل بعد النداء المشهور ـ إنقذوا إسرائيل ـ فى اليوم الرابع من المعركة
و هى تستخدم بكل صراحة مطار العريش المصرى الذى يقع خلف الجبهة بكل وضوح لكى تحول الهزيمة الإسرائيلية إلى انتصار
و تذكرت فى تلك اللحظات ما فعلته أمريكا على جبهة ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية ثم على الجبهة اليابانية
أما التطور الثالث والخطير،فهو أن أطلق صاروخان على بطاريتين مصريتين للصواريخ فعطلا البطاريتين تعطيلا كاملا.
و عرفت بعد ذلك أنه صاروخ امريكى جديد يسمى القنبلة التلفزيونية
و أنه كان لا يزال تحت الاختبار فى أمريكا، فــ أرسلته لنجدة إسرائيل
لقد دخلت أمريكا بشكل مباشر الحرب لإنقاذ إسرائيل حتى بالأسلحة تحت الإختبار
و قنبلة المافريك وأسلحة أخرى.و انا أعرف امكانياتى وأعرف حدودى..لن أحارب أمريكا ولذلك بعد عودتى من غرفة القيادة
كتبت للرئيس الأسد شريكى فى القرار برقية أخطره فيها أنى قررت الموافقة على وقف إطلاق النار..و سجلت فى هذه البرقية موقفى.
و هو أنى لا اخاف من مواجهة إسرائيل، ولكنى أرفض مواجهة الولايات المتحدة الامريكية
و إنى لن أسمح أن تدمر القوات المصرية مرة أخرى فى حرب غير متكافئة
و إننى مستعد أن احاسب أمام شعبى فى مصر وأمام الأمة العربية عن هذا القرار
و فى هذه الليلة اتخذت القرار بوقف إطلاق النار فقد كان لى عشرة أيام أحارب فيها أمريكا وحدى بأسلحتها الحديثة التى لم يستخدم أغلبها من قبل على الساحة العسكرية
و كان الموقف على غير ما يتصوره العالم كله..
و اتهمت من بعض الدول العربية انى جبان وقتها
فقد كان اعتقاد الجميع فى العالم أن الاتحاد السوفيتى يقف إلى جانبنا،
و أنه قد أرسل الجسر الجوى لنجدتنا
و لكن الموقف كان غير ذلك فى الواقع
فــ أمريكا وإسرائيل فى مواجهتى
و الاتحاد السوفيتى فى يده الخنجر ويجلس وراء ظهرى
ليطعننى فى أى لحظة عندما أفقد ٨٥ % أو ٩٠ % من سلاحى كما حدث فى سنة ١٩٦٧
لكنى قرأت مخططهم جيدا ولن أترك لهم أولادى
لقمة سهلة
وكان هذا سرد لما حدث أثناء حربنا مع "إسرائيل" أكتوبر 1973.
رحم الله بطل الحرب والسلام والعزة والكرامة وجعل مثواه الجنة آمين يارب🤲 ورحم الله الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" الذى تحمل فى سبيل شعب "مصر" كل ألوان القسوة رغم أنه من أعد لهذه الحرب وأعد القوات المسلحة بعد أن تم مراجعة أسباب النكسة.
وكانت ورقة 30 مارس 1968، تصحيحًا للمسار الذى بدأنا منه خطوات لرد الكرامة.
نتذكر هذه الأيام الخالدة ونحن نبكى ما يحدث فى (غزة، ولبنان ) وندعوا الزمن يعود للوراء.
أ.د/حماد عبد الله حماد.