عاجل - كواليس تثبيت البنك المركزي المصري سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالي

تقارير وحوارات

البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري

قرر البنك المركزي المصري تثبيت سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالي خلال خامس اجتماع للجنة السياسة النقدية في 2024، حيث ظلت أسعار الفائدة عند مستوياتها المرتفعة بـ27.25% للإيداع و28.25% للإقراض، مما يتماشى مع توقعات المحللين.

وشهد معدل التضخم تراجعًا على مستوى المدن إلى 25.7% في يوليو، إلا أنه ما زال أعلى من مستهدف البنك المركزي بين 5% و9% بنهاية 2024. توقعات وكالة "فيتش" تشير إلى استمرار التعافي الاقتصادي في مصر مدفوعًا بارتفاع تدفقات التحويلات المالية ومرونة قطاع السياحة، مع توقعات بتخفيف السياسة النقدية في 2025 بعد انحسار التضخم.

كما توقعت "فيتش" تقليص العجز في الحساب الجاري، مدعومًا بارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج، واستمرار ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي، التي بلغت 46.5 مليار دولار في يوليو 2024. وأشارت "فيتش" إلى أن الجنيه المصري سيظل تحت الضغط نتيجة للتقلبات الجيوسياسية، مع تحذيرات من استمرار الحرب في غزة وتأثيراتها المحتملة على الاقتصاد.

وقال تقرير لجنة السياسات النقدية، إن ذلك يأتي انعكاسا لآخر المستجدات والتوقعات على المستويين العالمي والمحلي منذ الاجتماع السابق للجنة السياسة النقدية.

وفيما يلي نص تقرير لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري.

على الصعيد العالمي، يظل معدل النمو الاقتصادي مستقرا إلى حد كبير، وإن كان أقل من مستواه خلال الفترة السابقة على جائحة كورونا.

وقد ساهمت سياسات التشديد النقدي في اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة في انخفاض التضخم عالميا، حيث استمر بعض البنوك المركزية في خفض أسعار العائد الأساسية مع اقتراب التضخم من مستوياته المستهدفة.

ويعود التيسير الطفيف في الأوضاع النقدية أيضا إلى المخاطر النزولية المتعلقة بالتشغيل والنمو الاقتصادي.

وبالنسبة لأسعار السلع الأساسية، فعلى الرغم من تفاقم التوترات الجيوسياسية في المنطقة شهدت أسعار الطاقة انخفاضا طفيفا، وإن كانت التوقعات لا تزال متأثرة بحالة عدم اليقين تجاه أسعار السلع الأساسية بشكل عام.

الناتج المحلي الإجمالي

وعلى الجانب المحلي، تباطأ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 2.2% في الربع الأول من عام 2024 مقارنة بنحو 2.3% في الربع الرابع من عام 2023.

ويرجع هذا التباطؤ إلى انخفاض مساهمة القطاع العام في النشاط الاقتصادي بسبب تأثير أزمة الملاحة في البحر الأحمر على قطاع الخدمات، كما أن الارتفاع الأخير في النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص لم يكن كافيا لتعويض ذلك التراجع.

وتفيد آخر المؤشرات الأولية للربع الثاني من عام 2024 بأن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بدأ في الارتفاع، ومن المتوقع أن يتعافى تدريجيا اعتبارا من السنة المالية 2024/2025، بعد تباطؤ ملحوظ خلال السنة المالية 2023/2024.

ومع ذلك، يظل النشاط الاقتصادي الحقيقي أقل من طاقته الإنتاجية، مما يدعم المسار النزولي للتضخم خلال الفترة المقبلة، ومن المتوقع أن يظل كذلك حتى يقترب من طاقته القصوى على المدى المتوسط.

البطالة

وفيما يتعلق بمعدل البطالة، فقد تراجع إلى 6.5% في الربع الثاني من عام 2024 مقارنة بنحو 6.7% في الربع الأول من عام 2024، مدفوعا بشكل أساسي بارتفاع أعداد المشتغلين في قطاع الزراعة.

التضخم

وقد واصلت الضغوط التضخمية تراجعها مع الانحسار التدريجي لأثر الصدمات السابقة، حيث انخفض التضخم السنوي العام إلى 25.7% والأساسي إلى 24.4% في يوليو 2024 وذلك للشهر الخامس على التوالي.

وعلى الرغم من استمرار التضخم المرتفع في السلع غير الغذائية، فإن الانخفاض الكبير في التضخم السنوي للسلع الغذائية لا يزال يدفع التضخم العام نحو الانخفاض.

وجدير بالذكر أن المعدل السنوي لتضخم السلع الغذائية سجل 29.7% في يوليو 2024، وهو أدنى معدل له منذ ما يقرب من عامين، مما يعكس الأثر الإيجابي لفترة الأساس بعد معدلات التضخم المرتفعة خلال عام 2023، وعليه، يشير التراجع التدريجي في تضخم السلع الغذائية بجانب تحسن توقعات التضخم إلى أن التضخم يسير حاليا في مسار نزولي.

ويشير تباطؤ التضخم إلى عودة معدلات التضخم الشهرية إلى نمطها المعتاد بفعل سياسات التشديد النقدي الأخيرة، مع تراجع تأثير صدمات سعر الصرف والعرض السابقة.

وتفيد التوقعات أن التضخم سوف يسجل معدلات مقاربة لمستوياته الحالية حتى الربع الرابع من عام 2024 أخذا في الاعتبار إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة المتخذة والمتوقعة.

ومن المتوقع أن ينخفض التضخم بشكل ملحوظ خلال الربع الأول من عام 2025 بسبب التأثير التراكمي لسياسات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس.

غير أن المسار النزولى للتضخم لا يزال عُرضة لمخاطر صعودية، بما في ذلك تراجع إمدادات النفط العالمية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية، وحالة عدم اليقين بشأن انتهاج سياسات تجارية حمائية، واحتمالية أن يكون لإجراءات ضبط المالية العامة تأثير يتجاوز التوقعات.

وفي ضوء ما سبق وارتكازا على قرارات لجنة السياسة النقدية في اجتماعاتها السابقة، ترى اللجنة أن إبقاء أسعار العائد الأساسية للبنك المركزي دون تغيير يعد مناسبا في الفترة الحالية إلى أن ينخفض معدل التضخم على نحو ملحوظ ومستدام.

وستواصل لجنة السياسة النقدية تقييم تأثير قرارتها على الاقتصاد في ظل التقييد الحالي للأوضاع النقدية وفي ضوء ما يرد من بيانات خلال الفترة القادمة.

وتشير اللجنة إلى أنها ستواصل متابعة التطورات الاقتصادية عن كثب وتقييم المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم، مؤكدة على أن المسار المتوقع لأسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس معدلات التضخم السائدة.

ولن تتردد اللجنة في استخدام جميع أدوات السياسة النقدية المتاحة لأجل تعزيز المسار النزولي للتضخم وتحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط.

قرارات لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري عام 2024

وبدأ البنك المركزي المصري عام 2024 بقرارات قوية من لجنة السياسة النقدية، حيث قررت اللجنة في اجتماعها الأول يوم 1 فبراير 2024 رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية بواقع 200 نقطة أساس، لتصل إلى 21.25% و22.25% و21.75% على التوالي. هذا القرار جاء في إطار جهود البنك المركزي للسيطرة على التضخم ودعم استقرار السوق النقدي.

وفي 6 مارس 2024، عقدت اللجنة اجتماعًا استثنائيًا اتخذت فيه خطوة أكثر حدة، حيث رفعت أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس، لتصل إلى 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض، مع تثبيت سعر الائتمان والخصم عند 27.75%. هذا الارتفاع الكبير جاء كرد فعل مباشر على التحديات الاقتصادية المتزايدة، خاصة في ظل الضغوط التضخمية المحلية والعالمية.

وبسبب هذه القرارات الاستثنائية، قرر البنك المركزي إلغاء الاجتماع المقرر في 28 مارس 2024، مكتفيًا بالاجتماع السابق الذي عُقد في 6 مارس، مما يعكس استجابة سريعة ومرنة للتغيرات الاقتصادية الطارئة.

وفي الاجتماعات التالية في 23 مايو، 18 يوليو، و5 سبتمبر 2024، قررت اللجنة تثبيت أسعار الفائدة عند المستويات المرتفعة التي تم تحديدها في مارس، حيث تم الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 27.25% و28.25%، مع تثبيت سعر الائتمان والخصم عند 27.75%. هذه القرارات جاءت كإجراء احترازي للحفاظ على استقرار السوق المالي ومواجهة التحديات الاقتصادية المستمرة.

ومن المتوقع أن تعقد اللجنة اجتماعاتها المقبلة في 17 أكتوبر، 21 نوفمبر، و26 ديسمبر 2024، حيث ستستمر في مراقبة التطورات الاقتصادية عن كثب لتحديد السياسات المناسبة. القرارات المستقبلية ستعتمد على الظروف الاقتصادية المحلية والعالمية، مع تركيز على تحقيق الاستقرار المالي ودعم النمو الاقتصادي.