الفيلم الهندي "حياة الماعز" يثير جدلا بسبب نظام الكفيل في السعودية.. وخبراء: لا يعكس الواقع

تقارير وحوارات

فيلم حياة الماعز
فيلم حياة الماعز

أثار الفيلم الهندي "حياة الماعز" جدلًا واسعًا بين السعوديين على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تناوله لأحداث ترتبط بنظام الكفالة في المملكة.

ورغم تأكيد المخرج أن الفيلم لا يهدف للإساءة لأي بلد، إلا أن الانتقادات تركزت على تصويره السلبي للمجتمع السعودي، بينما يرى آخرون أنه مجرد عمل فني يعبر عن حرية الإبداع.

دفعت ردود الفعل المتباينة «الفجر» للتواصل مع خبراء سياسيين مقيمين في المملكة العربية السعودية، حيث أكدوا أن المملكة قد أحرزت تقدمًا ملحوظًا في تحسين نظام الكفالة وظروف العمل للعمالة الوافدة، رغم وجود بعض التحديات المستمرة.

وأشاد الخبراء بجهود السعودية في استقطاب العمالة المؤهلة، مشيرين إلى أن بعض الأفلام التي تصور المجتمع السعودي بشكل سلبي لا تعكس الحقيقة، إذ أن المملكة توفر بيئة عمل مضيافة تحترم حقوق الوافدين.

جهود المملكة في مشكلة الكفيل 


قال الدكتور إبراهيم جلال فضلون، المحلل السياسي، أن المملكة قدمت تسهيلات لم يكن يحلم بها المقيمون بالسعودية وفي خطوة تاريخية غير مسبوقة، لنظام الكفالة، منحت بموجبها للمقيمين حقوقًا وامتيازات اوضحت مسار العلاقات بين الكفيل والمقيم، و فتحت آفاق جديدة أمامهم اذ تُساهم هذه التسهيلات في تعزيز التنوع الثقافي في المملكة وجذب الخبرات و الإستثمارات في ظل رؤية 2030 وحكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده حفظهما الله، إلا أن هناك قليل من  التحديات التي لا تزال تواجه العمالة الوافدة في المملكة العربية السعودية، على الرغم من التحسينات التي أدخلتها، مشيرًا إلى أن بعض الكفلاء وأرباب العمل يستغلون الثغرات القانونية لتحقيق مصالح شخصية، مما يفرض ضغوطًا كبيرة على العمالة.

أضاف «فضلون» لـ «الفجر»، أن أبرز هذه التحديات هو العقود الفردية التي يفرضها بعض الكفلاء بدلًا من العقود الرسمية مع الشركات أو المؤسسات، فيبرم للعامل عقد فردي لا مؤسسى او شركة وهذا النوع من العقود يحمل العمال تكلفة كبيرة، خاصة إذا أرادوا إحضار عائلاتهم للعيش معهم، حيث يتحملون جميع المصاريف بأنفسهم، وهو ما يشكل عبئًا ماليًا كبيرًا عليهم.

كما أشار إلى الصعوبات التي يواجهها العمال في الحصول على الموافقات اللازمة لإحضار أسرهم، حيث يستغل بعض الكفلاء الموقف لفرض مبالغ مالية كبيرة مقابل توثيق المستندات المطلوبة، رغم أن التكاليف الرسمية بسيطة، مثلا توثيق الزيارة من الغرفةالتجارية، وهو ما يجب إلغاؤة ويكون للعامل حق إنهاء كافة أوراق زيارته لأهله دون الرجوع للكفيل، بدلا من اللجوء لوسائل غير رسمية لدفع مبالغ أكبر بعيدًا عن الكفيل، لانهاء ما كفله لهم النظام وحرصت عليه حكومة خادم الحرمين الشريفين.. ووزارة الموارد البشرية.. ومن بين التحديات الأخرى الشروط الجزائية غير المتوازنة في العقود، حيث يُجبر العمال على دفع مبالغ كبيرة في حال رغبتهم في إنهاء العقد، بينما يتلقى العامل تعويضًا ضئيلًا إذا أنهى الكفيل العقد بشكل تعسفي.

وأشاد المحلل السياسي، بجهود المملكة العربية السعودية بوضع العديد من التشريعات و القوانين التي تحمي الوافدين بالمملكة، مؤكداً أن رؤية 2030 سوف تنجح في إزالة جميع العقبات أمام الوافدين، معربا عن شكره إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود و ولي العهد السعودي و الحكومة على المجهودات المبذولة من أجل التقدم والازدهار.

 

 

تحسين الأوضاع

أوضح المحلل السياسي السوري محمد هويدي، أن المملكة العربية السعودية تعد واحدة من أبرز الوجهات الإقليمية والدولية للعمل والهجرة، ليس فقط بفضل اقتصادها القوي الذي يعتمد بشكل كبير على قطاعي النفط والغاز، بل أيضًا بسبب الفرص المتنوعة التي توفرها في مجالات مختلفة مثل الإنشاءات والتكنولوجيا والخدمات، هذه العوامل جعلت السعودية مقصدًا لملايين من العمالة الوافدة من دول جنوب وجنوب شرق آسيا، مثل الهند وباكستان والفلبين، بالإضافة إلى جنسيات أخرى من مختلف أنحاء العالم.

أضاف «هويدي» لـ«الفجر»، وفقًا لتقارير "الهيئة العامة للإحصاء"، يعيش في المملكة نحو 13 مليون مقيم، يشكلون ما يقارب ثلث سكان البلاد، هؤلاء المقيمون يساهمون في نهضة المملكة ويجدون فيها فرصًا لتحسين أوضاعهم الاقتصادي، ليس من المستغرب أن تجد أعدادًا كبيرة من العمالة الأجنبية التي تستقر في المملكة لفترات طويلة، حيث يتمتعون بكافة حقوقهم القانونية والاجتماعية والاقتصادية.

أشار إلى أن التقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية أكد أن المملكة اتخذت خطوات ملموسة لتحسين ظروف العمل للوافدين، تضمنت هذه الإصلاحات الالتزام بمعايير العمل الدولية فيما يتعلق بساعات العمل، والسلامة المهنية، والأجور، هذه التحسينات ليست فقط نتيجة للالتزام الدولي ولكن أيضًا نتيجة لسياسات الحكومة السعودية الرامية إلى جذب المزيد من العمالة المؤهلة وتحسين بيئة العمل بشكل عام.

وتابع المحلل السياسي السوري، فإن الادعاءات التي يروج لها بعض الأفلام أو الجهات الإعلامية التي تهدف إلى تشويه صورة المجتمع السعودي وإظهار المملكة بصورة سلبية، مثل فيلم "حياة الماعز"، لا تعكس الواقع الحقيقي، بل إنها قد تكون مدفوعة من جهات تسعى لضرب السياحة والاقتصاد السعودي، الواقع هو أن من يدخل المملكة يجدها أرضًا مضيافة، تُقدر فيها الجهود وتُحترم فيها الحقوق، مما يجعل الكثيرين من الوافدين يرغبون في البقاء بها وعدم مغادرتها.

تشوية المملكة 


حيث أكد الدكتور سعود الغربي، أستاذ الإعلام السعودي رئيس مجلس إدارة جمعية إعلاميون، أن فيلم "حياة الماعز"يهدف للإساءة إلى المملكة العربية السعودية بشكل مقصود ومتعمد، الأمانة المهنية تقتضي أن يكون التناول موضوعيًا ومنصفًا، وألا ينحاز القصة بشكل كامل إلى الجانب السلبي والمظلم. في السعودية، يوجد ملايين العمال، وهناك قصص إيجابية عظيمة وملفتة. ولا يمكن إنكار وجود قصص سلبية، لكنها تشكل نسبة ضئيلة جداً لا تكاد تذكر.

كما أضاف «الغربي» في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن أي رواية أو قصة، هناك طرفان أو أكثر، وكل شخصية تتأثر بالشخصية الأخرى في المعاملة والمعايشة، وكذلك في الحقوق والواجبات، قد يكون العامل في القصة الحقيقية جزءًا مؤثرًا وأساسيًا في المشكلة، لذا لا ينبغي بناء الحكم على وجهة نظر واحدة متحيزة أو سوداوية تجاه الواقع والحقيقة والشخصيات الأخرى في الرواية.


واختتم أستاذ الإعلام السعودي و رئيس مجلس إدارة جمعية إعلاميون، أننا في تقديري، أن السينما الهندية قد تخسر جمهورها العربي والخليجي تحديداً، وقد تخلق صورة سلبية وغير حقيقية لدى الجمهور الهندي، مما قد يؤدي إلى تضرر العلاقات بطرق مختلفة، حتى على مستوى الأجيال المستقبلية، لافتاً إلى أن حكومة المملكة العربية السعودية حريصة على تطبيق القوانين وبناء بيئة عمالية عادلة وسليمة، وهذا ما ينعكس في المؤشرات العالمية وجاذبية سوق العمل السعودي، الذي يُعتبر من أميز وأكبر أسواق العمل على مستوى العالم.