إن تلزم حدَّك تأمن.. قانون الماء والبحار
كيف تآمرت مجموعة من الحيتان القاتلة لإغراق سفينة بريطانية في مضيق جبل طارق؟
أن تغامر داخل البحر تصارع أمواجه أو تقتات رزقك من كائناته، هذا أمر بالغ المعقولية، لكن عليك أن تعلم بأن هذا العالم ملئ بجيوش وأنظمة خاصة. قاطنوه من الأسماك والكائنات البحرية الحيَّة، تحترم هذا النظام الذي أبدعه الخالق فجعله حالة كونية، لا تخلو من صراعات وحدود، قد تسبب المشكلات لمن يتجاوزها عن قصد أو دون ذلك.
الحيتان داخل مياه جبل طارق متنوعة، ولكن الأكثر شراسة حين تكون قاتلة، تهاجم بطبيعتها، لا تترك الفريسة، ولا تدع الدخيل على حدودها دون أن تأخذ أدنى ما تأخذ من أمانه واطمئنانه، ولعل هذا يعلمه البحَّارة وروَّادة السفن جيدًا.
بداية القصة.. ما الأمر؟
أعلنت خدمة الإنقاذ الإسبانية، قبل مساء أمس الجمعة، عن حادثة غير مسبوقة في مضيق جبل طارق حيث أنقذ موظفو الخدمة البحرية ثلاثة من أفراد طاقم سفينة شراعية بريطانية أغرقتها مجموعة من الحيتان القاتلة. هذه الحيتان، المعروفة باسم "جلاديس"، تشكل مجموعة فرعية مكونة من نحو 15 فردًا تعيش بين شمال شبه الجزيرة الإيبيرية ومضيق جبل طارق.
طلب نجدة
في بيان على منصة "إكس"، أوضحت خدمة الإنقاذ الإسبانية أن السفينة الشراعية البريطانية "Bonhomme William" طلبت النجدة بعد اصطدامها بحيتان قاتلة. وأفادت السفينة بعد فترة قصيرة بأنها بدأت في الغرق. استجابت سفينة الإنقاذ "إنيف" بسرعة وأنقذت الأشخاص الثلاثة الذين كانوا على متن السفينة.
سلوك غامض رغم الشراسة
تصرف الحيتان القاتلة بهذا الشكل أثار دهشة الباحثين البيئيين. فعلى الرغم من أن الحيتان القاتلة تُعرف بذكائها وفضولها، إلا أن هذا النوع من السلوك العدواني تجاه السفن يظل غامضًا. النظريات الرائدة تشير إلى أن الحيتان قد تكون إما تعبر عن فضولها بمرح أو تهاجم السفن عمدًا، معتبرة إياها منافسًا على فرائسها المفضلة - سمك التونة المحلي ذو الزعانف الزرقاء.
السلطات الإسبانية، بالتعاون مع وزارة التغير البيئي والشؤون الديموغرافية، أعلنت في مايو الماضي عن تطوير نظام تتبع عبر الأقمار الصناعية لستة حيتان قاتلة بهدف تقليل تفاعلاتها مع السفن. منذ عام 2020، تم الإبلاغ عن العديد من حوادث التصادم بين الحيتان القاتلة والسفن، خاصة المراكب الشراعية، في مضيق جبل طارق والمياه قبالة سواحل جاليسيا.
مشروع بيئي تأميني بجوانب فضائية
وبفضل مشروع التحول البيئي، يتم الآن تنفيذ التتبع عبر الأقمار الصناعية للحيتان القاتلة كجزء من الجهود المبذولة لفهم سلوك هذه الحيتان وتجنب الحوادث المستقبلية. على الرغم من التقدم في تتبع هذه الحيتان، لا تزال هناك حاجة ماسة لفهم أفضل لدوافع هذه الكائنات البحرية العملاقة لمنع حوادث مشابهة في المستقبل.