جمال عبدالرحيم: الصحافة الورقية في مأزق خطير
أكد الكاتب الصحفي جمال عبد الرحيم، رئيس تحرير جريدة الجمهورية الأسبق وسكرتير عام نقابة الصحفيين، أن الصحافة الورقية المصرية في مأزق خطير، حيث كانت في الماضي رائدة، تبتكر وتؤثر في الرأي العام المصري والعربي، بينما اليوم تصارع من أجل البقاء، وتواجه تحديات عديدة على جبهات الاقتصاد والمنافسة مع الصحافة الإلكترونية.
وأشار "عبد الرحيم"، خلال ملتقى الإسكندرية الأول للإعلام، الذي نظمته الجمعية المصرية لأصدقاء مكتبة الإسكندرية، إلى أن تاريخ الصحافة الورقية المصرية العريق، الذي يزيد عن مائتي عام، لم يحميها من الانهيار في أرقام التوزيع وتراجع الاستثمار في صناعتها.
وأضاف أن الصحافة الورقية عانت خلال السنوات القليلة الماضية من أزمات عديدة بسبب التطور التكنولوجي، وارتفاع أسعار الورق ومواد الطباعة، وتراجع الإعلان، والأزمات الاقتصادية، مما أدى إلى تراجع غير مسبوق في أرقام التوزيع، وإغلاق العديد من الصحف الحزبية والخاصة، بل وبعض الإصدارات بالمؤسسات الصحفية القومية.
أكد سكرتير عام نقابة الصحفيين، أن التحديات التي واجهت الصحافة الورقية أفقدتها ثقة قرائها، وحصرتها في دائرة ضيقة من الانتشار والتأثير.
ولفت إلى أن مستقبل الصحافة الورقية مرتبط بقدرتها على التطور ومجاراة الصحافة الإلكترونية.
وشدد على ضرورة وضع خطط وآليات جديدة لتطوير مضمون الصحف بما يتناسب مع احتياجات ورغبات القراء، من خلال الاهتمام بما وراء الخبر من تحليل ومتابعات وحوارات وآراء.
كما شدد على أهمية دعم الصحف الورقية اقتصاديًا ومهنيًا، وعقد دورات تدريبية لشباب الصحفيين لتطوير الأداء المهني.
وأكد على أن غياب المهنية والموضوعية والمصداقية في غالبية المواقع الإلكترونية، وانتشار الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي، يجعلنا نتمسك بالصحافة الورقية.
وأوضح عبد الرحيم، أن الصحافة الورقية في العديد من الدول المتقدمة لم تتأثر كثيرًا بظهور الصحافة الرقمية.
وأشار إلى أن أرقام التوزيع لم تتأثر كثيرًا، فعلى سبيل المثال، توزع صحيفة يوميوري اليابانية نحو عشرة ملايين نسخة في الطبعات الصباحية، بينما تصل الطبعات المسائية إلى نحو أربعة ملايين نسخة.
وذكر عبد الرحيم أن نقابة الصحفيين تعد حاليًا للمؤتمر العام السادس للصحفيين، وذلك لمناقشة مستقبل صناعة الصحافة وحريتها بين التطورات التكنولوجية والتحديات المهنية والاقتصادية والتشريعية.
وأوضح أن أهمية المؤتمر تأتي في ظل الأزمة الكبيرة التي تعانيها الصحافة المصرية على كل المستويات، سواء فيما يتعلق بتراجع هامش الحريات، أو الجانب المهني، وكذلك صناعة الصحافة ومستقبلها وملاحقة التطورات التي تحدث في عالم الصحافة، وتأثيرها على الأشكال المختلفة للصحافة سواء كانت ورقية أو إلكترونية.
وأضاف عبد الرحيم، أن المؤتمر سيناقش أيضًا اقتصاديات المهنة وأوضاع الصحفيين الاقتصادية التي تراجعت بشكل كبير. وأشار إلى أن المؤتمر يتضمن ثلاثة محاور: الأول يناقش مستقبل صناعة الصحافة ورقية وإلكترونية وعلاقتها بالتطورات التكنولوجية، والثاني يتعلق باقتصاديات الصحافة والأوضاع الاقتصادية للصحفيين وكيفية وضع لائحة للأجور، والثالث يختص بحرية الصحافة وأوضاع الحريات العامة والبيئة التشريعية الحاكمة لمهنة الصحافة.
وأكد على أن محور التشريعات، وتغيير البنية التشريعية الحالية المقيدة للعمل الصحفي، والسعي لإجراء تعديلات على نصوص القوانين المنظمة للعمل الصحفي من أولويات المؤتمر.
كما أشار إلى سعي النقابة للمطالبة بسرعة إصدار قانون حرية تداول المعلومات تفعيلًا للنصوص الدستورية، وكذلك إجراء تعديلات على قوانين الصحافة والإعلام الصادرة عام 2018، التي تضمنت الكثير من النصوص التي تعرقل العمل الصحفي مثل حظر التصوير في الأماكن العامة إلا بتصريح من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والنصوص التي تمنح الهيئة الوطنية للصحافة الحق في إلغاء ودمج بعض الإصدارات بالمؤسسات الصحفية القومية.
وأوضح سكرتير عام النقابة أن نقابة الصحفيين خاضت معارك عديدة منذ تأسيسها في 31 مارس 1941 في سبيل حرية الصحافة والصحفيين. وقال إن الطريق إلى الحرية لم يكن ممهدًا بالورود، بل كان مليئًا بالأشواك والتضحيات، وعلى مر العصور قدمت الصحافة العديد من الشهداء الذين سالت دماؤهم الزكية دفاعًا عن أرض الوطن.
ولفت إلى أن للصحفيين المصريين دور مهم في حرب أكتوبر المجيدة وقبلها حرب الاستنزاف.