د.حماد عبدالله يكتب: تراكم التجارب "رصيد للأمة المصرية "
لقد كانت مصر منذ الًاف السنين هى سله غذاء الأمبراطورية الرومانية ،وكانت مصر على رأس الدول التى تنتج من أرضها ذهبًا أبيض (القطن المصرى طويل التيله) ،ولعل هذا المنتج المصرى الفريد المتميز عالمياَ، كان من أحد أسباب أطماع الدول الإستعمارية القديمة ،وكان أيضًا أحد أهم أسباب غزو مصر عام 1882 ولعل المتحف الزراعى فى "الدقى" هو خير دليل على كنوز مصر من أرضها ومن بيئتها الطيبه ،وحينما تدهورت الأحوال وخاصه بعد هزيمه يونيو 1967 ، وتوقف كل مؤشرات النمو الاقتصادى بكل عناصره، وإهتممنا بإعادة بناء القوات المسلحه المصرية حتى قرار "مصر" بإعادة الكرامه والعزه وإسترداد الأرض فى أكتوبر1973ولم نستطع ونحن نرفع شعار(يد تبنى ويد تحمل السلاح) أن نعيد لمصر شبابها.
إلا أننا فى يونيو 2013 ومنذ أن إستطاعت "مصر" شعبًا وجيشًا أن يستردوا الهوية المصرية وبإرادة حديدية يتُخَذْ القرار السياسى الحاسم، والقرار الحاسم بأن "مصر"
(أم الدنيا) ويجب ان تكون.
وهنا يجب أن نرنوا ببصرنا كقيادة سياسية وحكومة، وشعب (مثقفيه ومهنييه وعماله) بأن نستفيد بما لدينا من رصيد من التجارب التراكمية ولا يجب إهمالها، ونسعى لإجراء تجارب جديدة فى مجالات سبقتنا إليه كثير من دول العالم التى تقدمت علينا سواء فى مجال العلم أو التعليم أو الإدارة أو حتى فى مجال الرياضة والألعاب وفى ساحات المدارس والجامعات
إن تراكم التجارب هو رصيد للأمة لا يجب أبدًا تجاهله ولا يمكن أبدًا أن تتعامل معه على أنه (رجس من عمل الشيطان ) لأن التجربة غير مقيدة بأسمائنا وأسماء والدينا رحمهما الله!
وإذا جاز هذا التصرف بين أفراد الأسرة أو أولاد الأشقاء وأولاد العم فلا يجوز أبدًا إجرائها فى الوطن وفيما يخص الشعب صاحب الحق الوحيد فى التراكم العلمى والإقتصادى والإجتماعى !! إن تراكم التجارب هى أصل من أصول هذا الوطن يجب التمسك به وتنقيته من الشوائب وإعلاء القيمة المضافة فيه !!
إن تجاربنا فى الزراعة والصناعة يجب أن تكون نبراس لحياتنا المعاصرة وأن نتعلم من أخطائنا ولعلنا ونحن نواجه أزمة عالمية فى توفير الغذاء والطاقة وتجربتنا بأن نزرع محاصيل ذات قيمة سعرية عالية مثل الكنتالوب والفواكه والخضراوات لكى نشترى بناتج بيعها محاصيل أقل سعرًا فى العالم مثل القمح والذرة والشعير والعدس والفول هذه النظرية قد "إضمحلت"، وقد إنتهت جدواها الإقتصادية حيث تحول العالم الأول من مستورد للطاقة النمطية
( بترول وغاز) إلى منتج "للطاقة الحيوية" بإستخدام المحاصيل الزراعية فى إستخراجها ورغم عدم إنسانية هذا الإتجاه إلا أن أكبر الدول فى العالم قوة وإقتصاد متمسكين بهذا الإتجاه، ولعل ما ظهر فى مؤتمر (الفاو) فى روما منذ عدة أعوام مضت والذى حضره أكثر من أربعين رئيس دولة، قد أظهرت إجتماعات تلك المنظمة بأن لا سبيل أمامنا كإحدى الدول المستوردة للغذاء إلا طريق واحد وهو الإعتماد على الذات فى إنتاج إحتياجاتنا وهنا لا بد من الرجوع إلى الخبرات التراكمية المصرية فى الزراعة، ولا بد من تحسين سبل الرى والترشيد فى المياه وتحويل أراضينا إلى صوامع غلال الأمة المصرية وليست الأمة الرومانية كما كان فى العصور الوسطى !!
لا بد من إستخدام تجاربنا وتراكمها فى الطاقة وترشيد إستهلاكنا، ولعلنا نتذكر أوربا إبان حرب 73 حينما أوقفوا "سير السيارات" لمدة يومين فى الإسبوع والعودة لركوب الخيل، والبهائم والدراجات الهوائية بغير محركات حتى يوفروا فى إستنفاذ الطاقة (بنزين ومحروقات). ولعل مشروع المليون ونصف فدان أو ما يعرف (بمستقبل مصر) والذى أطلقه الرئيس "عبد الفتاح السيسى) هى مبادرة حقيقية أمام هذا الطوفان القادم إلينا عبر تغيير نمط العالم المتقدم، فى إستخداماته للطاقة النظيفة خاصة بعد تلك التغييرات المناخية الرهيبة التى شاهدناها فى أرجاء الكوكب، من حرائق غابات إلى سيول إلى "تسونامى" وكلها نتيجة العبث فى البيئة فى ارجاء العالم.
أ.د/حماد عبد الله حماد
[email protected]