د.حماد عبدالله يكتب: الإصلاح الإعلامى والثقافى المنشود
حينما تتصدر مناقشات النخبة السياسية فى مصر وعلى رأسها السيد رئيس الجمهورية بأن لدينا نقص شديد فى السياسة الإعلامية بل والثقافية، ونتأمل حقبة الإعلام والثقافة فى زمن الرئيس الراحل " جمال عبد الناصر" حتى جاء على لسان الرئيس " عبد الفتاح السيسى" أن الرئيس ( جمال عبد الناصر) كان محظوظًا بسياسة إعلامية وثقافية تتواصل مع أهداف الدولة المصرية وتساندها وتروج لأهدافها كان لديه كل الحق.
وسنجد من يعلق على هذا التوجه بسؤال، هل إنتهينا من الإصلاحات الإقتصادية والسياسية ( وكله بقى تمام !!) من أجل أن نرفع الان عنوان جديد وهو "الإصلاح الإعلامى والثقافى".
وفى واقع الأمر أن البديهى والمنطقى لآى نهضة فى أى مجتمع أو فى أى قبيلة حينما نشرع فى إجراء إصلاحات (لأعطاب) الزمن عليها يوجب أن تستنهض نفسها أولًا بعزيمتها ورؤيتها وقوة إيمانها وتوثق قدرتها على أنها قادرة على نفض غبار الزمن، وتعديل مسارها سواء سياسيًا أو إقتصاديًا، كل هذا من منطلق أن هناك لدى هذه القبيلة أو الجماعة ثقافة مترجمة عن طريق دينها وعلمها وفنها وغنائها وشعرها وموسيقاها حتى فى مواويلها الشعبية التى تروى على الربابة أو على السمسمية سواء.
وثقافة هذا القبيلة أو الأمة تنقل وتغرس فى المدرسة والبيت وفى تجمعات الأولاد سواء فى النادى أو فى حى أو فى مسجد أو كنيسة.
وكل هذه الأدوات أعتقد بأن مسئوليها متعددين وليست وزارة الثقافة وحدها بل الإعلام أيضًا وأعتقد بأنه الأساس.
فلقد شاهدنا " طه حسين والعقاد وزكى نجيب محمود ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم والسحار وأدريس وأنيس منصور وغيرهم" سواء فى ندوات نقلها التليفزيون الأبيض والأسود أو فى نوادى السينما وقصور الثقافة والتى كانت منتشره فى الأحياء وأواسط المدن !
وكانت الصالونات لهؤلاء وغيرهم تعقد ولها مواعيدها ولها رواد سواء كان مكان الإنعقاد قهوه أو بيت مفتوح للعامه.
فالثقافة فى هذا العصر جعلت الأمه تتمسك بالتحول الإقتصادى من رأسمالى إلى إشتراكى ،والثقافة فى هذا العصر جعلت الأمه تؤمن بنظرية الإنتماء للوطن شديد العنصرية.كما ولدت الثقافة رؤيه ثابته وموحدة نحو القومية العربية.
بل وصلت الثقافه فى صورها المختلفة إلى إنها أصبحت غذاء وعشاء الشعب
وفى هذه الحقبات الزمنية قيل أن شعب مصر يتغذى كرة قدم مع (محمد لطيف) ويتعشى غناء (أم كلثوم ) ويستنهض بخطب "جمال عبد الناصر " !
كانت الثفافة الموجهة قادرة على أن تجعل الأمه تقف وراء فكرة ،وتحارب من أجل هذه الفكرة ،حاربت سنه 1956 وحاربت فى الوحده بين مصر وسوريا سنه 1958 وحاربت فى بناء السد العالى ،حاربت فى التأميم سنه 1961وإنتشرت من خلال تصدير أغنية وتصدير فيلم مصرى إلى تصدير قوات مسلحه وأسلحه أرسلت إلى الجزائر والكونغو واليمن وغيرهم.
حتى إنكسارنا عام 1967 ،كانت الثقافة تغذى المصريون بفكرة (النكسه ) وما أخذ بالقوه لا يسترد إلا بالقوه" ويد تبنى ويد تحمل السلاح وغيرها من كلمات وشعارات حملتها الثقافة الموجهة إلى وجدان الأمه ،فإقتنعت بها وحملتها شعارا!ّ
وحتى بعد حرب 1973 وبعد إتفاقيات السلام وإنتقالنا إلى سوق حر بديلًا عن "سوق موجهه" كانت الثقافة هى العنصر الحامل للفكرة السياسية والإقتصادية وكان الاعلام هو المنبر وهو الباعث ،وكانت الثقافة هى الماده ،وليس بغريب أن كان الاعلام نافذة الثقافة ،كانت الوزارة المسئولة هى وزارة الإرشاد القومى " والثقافة والاعلام " وكان الفصل بينهما ربما لأغراض أخرى ربما أهمها (زيادة الحقائب الوزارية ) ومجاملة بعض الطامعين للمناصب!!
لكن نعود مرة أخرى إلى "الإصلاح الثقافى والإعلامى" نتسائل هل الثقافة والاعلام فى المحروسة اليوم قد أَدَّيَ دوريهما فى ظل تغيرات إجتماعية وسياسية وإقتصادية وبعد إعادة الدوله لهويتها والشروع فى بناء الدولة الحديثة وأمام تحديات بالغة الخطورة فى الأقليم والعالم، مجرد سؤال لأهل الثقافة والاعلام فى مصر ؟
د.حماد عبد الله حماد
[email protected]