نصف قرن من السياسة
رجُـلُ القانون والفقه الدستوريِّ والدبلوماسيَّة.. وداعًا أحمد فتحي سرور "بروفايل"
تاريخ الإنسان لا يقفُ عند حدّ، يشهدُ له خلفه ومعاصروه، رجلٌ جمع بين العلم والمهنية، كلاهما لا يطغيان على الآخر، معاصروه عرفوه قانونيًا ودبلوماسيًا، وتلامذته عرفوه أستاذًا وصاحب بصمة، حين تقرأ اسمه تشتَمُّ عَبَق رجالات المرحلة القانونية الفارقة في مصر، إنَّه الدكتور أحمد فتحى سرور.
مسيرة متعددة المجالات
حين تقرأ سيرته الذاتية، تحتكُّ بمسيرة علمية لا تخلو من الإنجازات والأدبيات التي تعدّ بصمة لكل قارئ وباحث بتعمُّق في مجال القانون والسياسة. لقد عرفه أبناء هذا الجيل رئيسًا لمجلس الشعب المصري، فقد شَغِل َ هذا المنصب لقرة 21 عامًا على التوالي، منذ 1990- 2011، رجل مَهيب الهيئة، بهيُّ الطلّة، أريبُ الصنعة المهنية، وفقيه دستوريِّ مُحنَّك.
الرجل صعيديَّ المَنْشَأ من مواليد محافظة قنا، الذي بدأ حياته وكيلًا النائب العام عام 1953، فوكيلا لنيابة النقض الجنائيِّ بعد ثلاث سنوات بين 1956 و1959. ثمَّ بعد منتصف السبعينات صار محاميًا أمام محكمة النقض، بخبرة جعلت منه مقررًااللجنة الفرعية للحقوق والحريات باللجنة التحضيرية لدستور1971 سنة 1971.
لم تكن مسيرته المهنية القضائية والقانونية، خلال العشرة أعوام الأولى، على ذلك فحسب، بل تخلَّلَتْهَا مسيرة ثقافية وسياسية أوروبية على المستوى الدولي، أهلته ليكون الملحق الثقافى فى برن سويسرا عام 1964، ثم المستشار الثقافى فى باريس - فرنسا، ثمَّ المندوب الدائم لجامعة الدول العربية لدى اليونسكو؛ ليتم تصعيده بعدها فيكون نائب رئيس وعضو المجلس التنفيذي للهيئة.
رئيسًا لمجلس الشعب.. ذلك المنصبُ الأشهر
صدُرَ القرار؛ ليظهر الرجل أمام العامَّة في منصبه الأشهر المعروف لدى الجميع، فبات رئيسًا لأكبر هيئة تشريعية في مصر، مجلس الشعب المصريِّ الموقَّر، ذلك المنصب الذي جعل منه ترجمة لرجل يعمل فقيهًا دستوريًا، ذلك يبدو جليًّ حين تقرأ له مؤلَّفه منهج الإصلاح الدستوري في مصرالصادر في عام 2006، والذي يُعد مرجعية لكل متبحِّر في قضايا التشريع المصريِّ، والذي ينقلك إلى عقلية دقيقة، غير عقلية الأستاذ والباحث الجنائيِّ، وهو تخصصه الأصلي الذي نال فيه درجة الدكتوراة عام 1959. ذلك بخلاف مؤلفه حول لحماية الدستورية للحقوق والحريات، الصادر أواخر التسعينات، ومؤلفات أخرى تمَّت ترجمتها في مجال الدبلوماسية البرلمانية.
صاحب الوسائط
بعد أحداث 2011 ورحيل نظام الرئيس الراحل مُحمَّد حُسني مبارك، لم ينطفئ الرجُل، بهدوء تامّ عاد الرجل أدراجه إلى بيته الأكاديمي "جامعة القاهرة" أستاذًا فيها، يستكمُل مسيرته العلمية؛ لتصدُر له مؤلَّفات عظُمَ قدرها، كقدر سابقتها، التي نال عليها الأوسمة والمراكز والاستحقاقات، والتي إن جاز تسميتها بـ "الوسائط ":
- الوسيط في قانون العقوبات "القسم العام"، دار النهضة العربية، الطبعة الخامسة،2015.
- الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية "الكتاب الأول"، دار النهضة العربية، الطبعة العاشرة، 2016.
- الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية "الكتاب الثاني"، من جزءين، دار النهضة العربية، الطبعة العاشرة، 2018.
- الوسيط في النقض الجنائي وطلب إعادة النظر، دار النهضة العربية، طبعة 2018.
- الوسيط في قانون العقوبات "القسم الخاص"، من جزءين، دار النهضة العربية، طبعة2019.
- الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، تحت الطبع - الطبعة الحادية عشر، 2020.
اليوم يرحل الرجل بجسده، تاركًا لنا إرثًا غزيرًا يحمل لأبنائه في العلم ولكتبة التاريخ، جنبات القانون والفقه الدستوري والدبلوماسية.. اليوم رحل أحمد فتحي سرور.