بين تداعيات الاستخدام الطبِّي وحلول مشاكل الاقتصاد الوطني للدول
بعد تقنين مخدر الحشيش في ألمانيا.. كيف تبدو الظاهرة حول العالم؟
من المعلوم أنَّ حيازة مادة مخدرة تسسبب في الملاحقة القانونية والقضائية لمن تثبت بحقه هذه الإدانة، لكن تدخين الحشيش والماريغوانا أصبح قانونيا في ألمانيا، هكذا تفاجا العالم بقرار الحكومة في برلين، بعد أن أصدرت قانونًا يسمح لمن هم فوق 18 عامًا هناك، بحيازة مخدر الحشيش.
تتابع بوابة وجريدة الفجر، كل جديد حول ما يحدث في العالم من ظواهر، راصدةً بعض ما يحروم حولها، لتبلور بعض جنباتها، التي تثير القرَّاء، لا سيما تقنين مخدَّر الحشيش في ألمانيا، والذي يبدو أنَّ له جذور تتعلق بترويج المواد المُخدِّرة في أكثر من دولة. فتطرح سؤالًا:
“كيف تبدو الظاهرة حول العالم؟”
نقاش ساخن
جاءت القوانين الجديدة في أعقاب نقاش ساخن حول إيجابيات وسلبيات السماح بسهولة الحصول على القنب، حسب ما أكدته صحيفة "غارديان". فالتقارير التي ترصد الأمر لم تزل غير ملمَّة بالكثير من التفاصيل النَّفعة أو المفيدة للباحث حول الأمر، حتى الآن.
نضرب السوق السوداء
يبدو أنَّ الامر هناك يتعلَّق بنظرة في السياسة الاقتصادية، حيث تقول الحكومة الألمانية إن إلغاء تجريم الحشيش سيضرب السوق السوداء، وسيحد من انتشار الحشيش الملوث، وبالتالي حماية الشباب.
مسموح ولكن بشروط
وافق مجلس الولايات (بوندسرات) في الشهر الماضي على مشروع قانون مثير للجدل، حيث أيدته حكومة الوسط اليسارية بقيادة المستشار أولاف شولتس. يُسمح الآن للبالغين بحمل ما يصل إلى 25 جرامًا من القنب للاستخدام الشخصي في الأماكن العامة، ويُسمح أيضًا بزراعة ثلاث شتلات من القنب في المنزل، وحمل ما يصل إلى 50 جرامًا للاستخدام الشخصي في المنزل.
بتأييد البرلمان
رغم المعارضة الشديدة من الأحزاب المعارضة والولايات، نجح الائتلاف الحاكم، الذي يضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، في تمرير هذا التشريع. وقد أيد البرلمان "البوندستاغ" قانونًا جديدًا في فبراير/شباط 2024، يُسمح بالاستخدام الترفيهي للحشيش، والذي سيصبح متاحًا في الأندية المرخصة غير الهادفة للربح اعتبارًا من 1 يوليو 2024، حيث يُسمح لأعضاء النادي فقط باستهلاك الحشيش المنتج في هذه الأندية.
لكنَّ.. تحالف ديني يرفض ما حدث
أعلن متحدث باسم المعارضة المحافظة في ألمانيا أنهم سيُلغون قانونًا جديدًا يشرع استخدام القنّب للأغراض الشخصية إذا نجحوا في الوصول إلى السلطة. فأشار المدير التنفيذي للكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي، تورستن فراي، إلى أنهم يعتبرون سياسة المخدرات، وبخاصة فيما يتعلق بحماية الشباب، قضية محورية لدرجة أنهم سيُلغون تشريع الحشيش، حال وصولهم إلى السلطة.
هذا ما حدث في كاتلونيا الإسبانية
في العام 2021، أظهرت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية أن كتالونيا تعتبر بؤرة لزراعة الماريجوانا غير المشروعة في أوروبا، حيث أُطلق عليها لقب "حديقة الحشيش الأوروبية". وأشارت مديرة الزراعة بكتالونيا، إليسيندا جويلومس، إلى أن هناك مشاورات جديدة حول المتطلبات القانونية في مؤتمر في جامعة البوليتكنيك في كتالونيا. وتُعتبر إسبانيا بوابة لزراعة الماريجوانا في أوروبا، حيث تتزايد مزارع الماريجوانا وتجذب العصابات الإجرامية من مختلف أنحاء القارة. ووفقًا لرامون تشاكون، نائب رئيس وحدة التحقيقات الجنائية التابعة للشرطة الإقليمية الكتالونية، فإن كتالونيا تُعتبر مركزًا رئيسيًا لزراعة الماريجوانا في أوروبا.
ومع تزايد الطلب على الماريجوانا في أوروبا، فإن سعر جرام الماريجوانا صار يتراوح عام 2021، بين 5 يورو في إسبانيا ويصل إلى ثلاثة أضعافه في بقية أنحاء أوروبا، مما يجعلها من أكثر العقاقير استهلاكًا في القارة. ووفقًا لتقرير لليوروبول، فإن الأوروبيين أنفقوا ما يقارب 11.6 مليار يورو على الماريجوانا في العام الماضي، ممثلين 39٪ من إجمالي الاستثمار في المخدرات.
في كندا أيضًا يمكنك شراء القنب
يبدو أنَّ الامر له جذوره، ففي عام 2023، نشر موقع قناة DW الألمانية تقريرًا، يصف الوضع في دولة كندا.
وبحسب موقع القناة، فإُنه في عام 2018، قامت كندا بتنظيم استخدام القنب الهندي (الحشيش) لأجل أهداف الصحة العمومية وتقليل الجريمة، وخاصة في تجارة المخدرات. وبعد مرور خمس سنوات، تظهر دراسات متباينة بشأن النتائج المتعلقة بتأثير ذلك.
وفقًا لمقالة نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الكندية، فإن النتائج تتفاوت بشكل كبير بالنسبة للصحة، حيث يشير بعضها إلى زيادة في مشاكل الإدمان على القنب وزيارات الطوارئ الطبية المرتبطة به، بينما تظل بعض النتائج ثابتة.
يعتبرون النتائج إيجابية
على الجانب الآخر، لاحظت دراسات أن هناك انخفاضًا في عدد الاعتقالات الجنائية والتهم المرتبطة بتعاطي القنب الهندي، فبحسب تقرير DW الألمانية، فبناءً على هذه النتائج، تبدو هناك تداعيات إيجابية في مجال العدالة والقانون، لكن لا يوجد تأكيد مباشر على الصحة العامة. ويتيح قانون تنظيم الحشيش في البلاد استهلاك كميات محدودة منه في الأماكن العامة، وكذلك بيع منتجات القنب بالتجزئة في المتاجر أو عبر الإنترنت.
وبعد تنظيم الحشيش، لاحظت دراسات زيادة طفيفة في استخدام القنب، ولكن دون تأثير كبير على معدل الاستهلاك اليومي، خصوصًا بين الشباب. ومع ذلك، رصدت الأرقام زيادة في حالات دخول المستهلكين إلى قسم الطوارئ وحالات التسمم بالقنب بين الأطفال، مما يشير إلى ضرورة مراقبة أفضل لتأثيرات تنظيم الحشيش على الصحة العامة والسلامة العامة.
على وجه العموم، إنَّ دعم تقنين المخدرات يختلف بشكل كبير بين المجتمعات والطبقات السكنية، كما أنَّ الأبحاث والتشريعات التي تدرس درجة الدعم لتشريع بعض زراعة بعض النباتات المخدرات، لا تحظى بإلقاء الضوء عليها للمناقشة، بقدر الترويج الإعلامي.
أول دولة عربية تسمح بزراعته.. لبنان يطرحه للاستعمال الطبي
كانت المفاجأة عام 2020، حين أقرّ البرلمان اللبناني يوم الثلاثاء الموافق 22 أبريل،مشروع قانون يسمح بزراعة الحشيش للاستعمال الطبي والصناعي.
وربما هناك عجيبة رقمية تاريخية، فالقرار الذي بموجبهى أصبح لبنان بذلك البلد العربي الأول الذي يقوم بهذه الخطوة، كان في الشهر الرابع الميلادي أبريل. وكانت التقارير تتسائل حينها، فهل ينقذ الحشيش اقتصاد هذا البلد العربي "لبنان"؟
قوبل بالسخرية.. لا يمكن تطبيقه في مصر
قبل أقل من عشر سنوات، أي في العام 2015، واجه الشارع المصري الجدل فكرة غير رسمية، طرحت تقنين الحشيش في مصر، بموجة عارمة من السخرية، التي ظلَّت في إطار صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، والذي تمَّ تفعيل وسم أو هاشتاج، حينها يشير نحو هذا الأمر المنطرح بشكل هزلي.
ثار أحد رواد المجتمع الافتراضي، فكرة تقنين تجارة الحشيش في مصر، وذلك ردًا على قرار زيادة أسعار السجائر في البلاد حينها، ولكن لم يصل الأمر إلى الجديَّة، إذ كل ما استطاعه صاحب الفكرة أن يظهر في إطلالة تلفزيونية، لكن سُرعان ما طوى النسيان، الفكرة التي قوبلت بالتعليقات الساخرة والصور القديمة "ميمز" من الأفلام المصرية.