الكنيسة الكاثوليكية تحتفل بذكرى الطوباوي دييجو جوزيف
تحتفل الكنيسة القبطية الكاثوليكية بذكرى الطوباوي دييجو جوزيف من كاديكس الكاهن البوشي، وبهذه المناسبة أطلق الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني نشرة تعريفية قال خلالها إنه ولد دييجو جوزيف في مدينة كاديكس في 30 مارس سنة 1743م، وقبل سر العماد باسم جوزيف كامانو. كان يقول في صغره:" لما أكبر سأصير راهبًا فرنسيسكانيًا كبوشيًا، وسأعظ وسأحمل مصلوبًا كبيرًا وسأُبكي الجميع". بلغ هدفه بعد صعوبات بانت لا يمكن احتمالها، وصار كما قال مرشدًا وقديسًا ".
حصل على كل المواهب الخارجية التي ستساعده في المستقبل على إكتساب النفوس: قامة جميلة، وجه ملائكي، فطنة، كرم أخلاق، الخ. أما الذكاء فلم يظهر فيه بعد، لكن سيظهر من بعد، سينمو في ساعته وسيدهش معلميه وسيفرح الفرنسيسكان الكبوشين الذين وثقوا به وقبلوه في الرهبنة نظرًا إلى تقواه وفضائله الغنية.
لما أتى يوم لبس الثوب الرهباني طارت نفس الفتى فرحًا بالله. وقد قال فيما بعد:" في ذلك النهار وفى يوم إبراز نذوري لو قدموا لي من جهة عرش إسبانيا ومن جهة أخري ثوب الكبوشي الفقير وقالوا:" أختر ما تريد" ولهجمت دون تردد على الثوب الفقير وعلى النذر الفرنسيسكاني الكبوشي. فالصولجان وكل عظمة الملوك هي في عيني كحفنة تراب حقيرة". رؤيته وحدها كافية ليحذروا قداسته المستقبلة.
الأبحاث الاهوتية
أن الأب فرنسوا من بيروز كان راهبًا قديس الحياة فقال يومًا لمعلم المبدئين:" أبذل كبير العناية لهذا المبتدئ الصغير، يخال لي أن لله عليه مقاصد خاصة ويظهر أيضًا أنه مدعو إلى أمور عظيمة".
بدى في دروسه ميالًا إلى على الأدب والبيان وإلى الشعر أكثر من اعتبارات اللاهوت المجردة ومن العلوم الكنسية، لكن إتقانه للغة الجميلة ولسياق الكلام سيهيئه حسنًا إلى رسالته المستقبلة. هوذا النور يسطع الآن وفى الأبحاث اللاهوتية عن صفات الله انفتح عقله بغتة لهذه الأفق الجليلة وبصفقة جناح بلغ كالنسر إلى هذه الأعالي وأقام فيها.
بعد هذا الاستعداد العجائبي، لأنه اقر أن الفضل في كل عارمه راجع إلى مريم البتول أكثر مما إلى دروسه. تقلد وظيفة رسول عن يد القديسين بطرس وبولس، سلمه أحدهما كتابًا والأخر عكاز سفر وقالا:" إذهب وعظ". ويسوع كلمه قبل أيام قائلًا:" أريد أن أحصيك في عدد رسلي وأمنحك أنعاماتهم وامتيازاتهم ". منذ أول عظاته نال إعجابًا كبيرًا وما عتم أن أتت العجائب تسند وعظة.
صارت الكنائس صغيرة جدًا بالنسبة إلى الجماهير الغفيرة، فالتزم الواعظ أن يلقى كلام الله خارجًا وفى أكبر الساحات على شرفة أو منبر. أنه طويل القامة ووجهه الهيوب يأخذ مجامع قلوب الجماهير قبل أن يباشر بالكلام، صوته جهوري يسمعونه من مسافات بعيدة، ينشط ويحتد ويدخل أعماق القلوب ويحركها وينهضها ويبقيها صاغية مدة ساعة وأكثر
كان لخاتمة كلامه قوة لا تقُاوم كان يختم دائمًا عظاته بفعل الندامة ارتجالي مختلف المعاني لكن بتعبير فائق الوصف، لما يمسك المصلوب بين يديه وينظر إليه ويبدأ معه حوارًا مؤثرًا للغاية. والشعب لا يضبط تأثيره فينحب ويتأوه ندامة ويعد بالأمانة لله وهكذا ينتهي المشهد.
يكفي أن يتلو فعل الندامة ليرد الخطأة إلى الله وكان الناس يتواعدون الاتقاء لسماع مواعظه. لما ينزل من المنبر ليتوجه إلى الدير المقيم فيه، كان يلزمه حرس يرافقه ليحميه من عدم رصانة الجمع. في نهاية رسالته تكلف قوات أمن خاصة لتسهر على أمانة الشوارع الفارغة أثناء الوعظ حيث اللصوص ينتهزون الفرصة ليسرقوا البيوت والحوانيت.
كان دييجو يعظ ثلاث أو أربع مرات في النهار دون تعب ظاهر. ورسالاته تدوم أربع أو ست أسابيع تسبقها دائمًا تمارين روحية يلقيها على الإكليروس ليساعده في رسالته إذ يجب حشد من الكهنة المعرفين ليكفي حاجات التائبين العديدين.
لم يكتف بالوعظ للجماهير بل قصد الأديرة أيضا، وفى آن واحد يدبر رياضات للجنود والمسجونين ولم يخف أن يلقى محاضرات خاصة للحكام أنفسهم يذكرهم فيها بواجباتهم بنوع رسولي.
ان الله كان يتكلم بفمه وفى مدينة مالاغا قدر أن يقول يومًا بألم عميق:" أيها الشعب التعيس! في اليوم الذى مضى ارتكبت بين جدرانك اثنا وعشرون ألف خطيئة مميتة وفيها ثلاثة خطايا جسيمة للغاية ". أمام هذا الكلام كانت المدن الشبيهة بنينوي وبابل تتوب بالغباء والرماد.
كان يهذب الأخلاق ويسهر بحرص على الإيمان ويقف كحاجز ممتنع في وجه الفلسفة التي اجتاحت بعض الشعوب في ذلك العصر وسببت خرابًا كبيرًا.
في عام 1772م حدثت مجاعة رهيبة وعمت إسبانيا بكاملها وصار قلب الأب دييجو الحنون يقطر دمًا لرؤية الكثيرين يتضورون جوعًا ولا يعرف إلى من يلتجي حتى يخفف بؤسهم.