بين العلامات الكبرى والصغرى وأحاديث آخر الزمان
الصراعات والحروب.. هل الدماء المهدورة دليل اقتراب الساعة؟
تسارع الأحداث من حولنا، ولا يزال الصراع القائم هنا، والحرب القائمة هناك، حدود ملتهبة، وقتلى بالآلاف، ربما يموت فيهم الطفلا لا يدري فيما قُتِل، وهكذا الأيام دُول، والله يعلم وأنتم لا تعلمون، هذه اللقطات التي نراها عبر الشاشات من دماء وأشلاء ووضحايا، تعتبر نذير لدمار كبير يواجهه الكثيرون في مطلع العام القادم 2024 الذي نستعد لا ستقباله بعد أيام، ولكنَّ الألباب والعقول تجنح بطبيعتها حول ما يسال عنه الكثيرون من علامات الساعة الصغرى والكبرى، واقتراب يوم القيامة.
في الواقع تظل الأحداث والصراعت قائمة إلى يوم الدين، وربما الصراع - كما يقول بن خلدون - سليقة وطبيعة في نفس الإنسان، فمثلًا قتل قابيل هابيل، وقتل الملك هيرودوس يحيى عليه السلام، وقتل يزيد بن معاوية الحسين، وقتل المأمون أخاه الأمين - ولدا هارون الرشيد - وقتل الكثير الكثير، وقتل الخبيث الطيب. فالدماء التي حرَّمها الله على بني إسرائيل كان قد أُهدِرَت دون وجه حق، وظلَّ الصراع، وظلَّت الحياة.
تتابع بوابة الفجر في السطور القادمة، الأحاديث النبوية والسنة وما جاءت به حول دليل اقتراب الساعة "يوم القيامة"، وعلاقة ذلك بما يشهده العالم من قتل وسفك للدماء، حتَّى تتضح المعالم، ويبقى الفهم السليم من هذا الجانب، وتسبين الألباب حقيقة الربط بين الوقائع التي نعيشها وعلامات نهاية الزمان.
بدايةً يقول العلماء أنَّ ميلاد سيدنا محمدَّد - صلوات الله عليه وسلامه - من أولى علامات الساعة، فقد ذُكِر أن إبليس كان لا يحجب عن السموات، فلما ولد عيسى عليه السلام منع من ثلاث سموات، فلما ولد محمد صلى الله عليه وسلم منع من السموات كلها.فهذا ذكره البغوي في تفسيره (4/ 372)، عن ابن عباس، من قوله، بلا إسناد، ولفظه: " كَانَتِ الشَّيَاطِينُ لَا يحجبون عن السموات وَكَانُوا يَدْخَلُونَهَا، وَيَأْتُونَ بِأَخْبَارِهَا فَيُلْقُونَ عَلَى الْكَهَنَةِ، فَلَمَّا وُلِدَ عِيسَى عليه السلام مُنِعُوا مِنْ ثَلَاثِ سَمَوَاتٍ، فَلَمَّا وُلِدَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منعوا من السموات أَجْمَعَ، فَمَا مِنْهُمْ مَنْ أَحَدٍ يُرِيدُ اسْتِرَاقَ السَّمْعِ إِلَّا رُمِيَ بِشِهَابٍ، فَلَمَّا مُنِعُوا مِنْ تِلْكَ الْمَقَاعِدِ ذَكَرُوا ذَلِكَ لِإِبْلِيسَ، فَقَالَ لَقَدْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ حَدَثٌ، قَالَ: فَبَعَثَهُمْ فَوَجَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْلُو الْقُرْآنَ، فَقَالُوا: هَذَا وَاللَّهِ مَا حَدَثَ ".
وإن صحت الرواية أو كان بها الضعف، فالأكيد بأنَّ "الساعة آتية لا ريب فيها"، كما ورد في مُحكم القرءان من سورة غافر الآية 59.
القتل وآخر الزمان
يظل القتل الأمر الخطير، والخبر الأكثر شؤمًا حين نتداوله في الصحف، والموضوع الأكثر تنبيهًا إذا ذُكِرَ في مجلس، فالقتل جريمة من أشنع الجرائم، وكبيرة في ديننا الحنيف. ولد خبَّرنا رسول الله - صوات الله عليه وسلامه - أنَّه "كلُّ ذنْبٍ عسى اللهُ أن يغفِرَه، إلَّا مَن مات مُشركًا، أو مؤمِنٌ قتل مؤمِنًا مُتعمِّدًا"؛ ليظل هذا الأمر ممنوعًا كل المنع؛ فقد حرَّم الله قتل النفس إلَّا بالحق.
الإسراف في القتل يعني الكثير من عدم الالتزام، ولهذا فقد أوجبت الشرائع قتل القاتل، متى كان متعمِّدًا وثابتًا عليه نية القتل المسبق لضحيته، ولقد ارتبط موضوع الإسراف في القتل بأحاديث اقتراب الساعة، فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ، فَقِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ: الْهَرْجُ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ ) رواه مسلم (2908).
وعنه رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ، وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ، حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ ) رواه البخاري (1036) ومسلم (157)
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا أَنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ الْهَرْجَ. قِيلَ: وَمَا الْهَرْجُ ؟ قَال: الْكَذِبُ وَالْقَتْلُ. قَالُوا: أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ الْآنَ ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ الْكُفَّارَ، وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ، وَيَقْتُلَ أَخَاهُ، وَيَقْتُلَ عَمَّهُ، وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ. قَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ ! وَمَعَنَا عُقُولُنَا ؟ قالَ: لَا، إِلَّا أَنَّهُ يَنْزِعُ عُقُولَ أَهْلِ ذَاكَ الزَّمَانِ، حَتَّى يَحْسَبَ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ عَلَى شَيْءٍ وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ )
رواه أحمد في " المسند " (32/409) وصححه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة، وصححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/1682)
علامات الساعة الصغري
علامات الساعة الصغرى هي أحداث وظواهر تحدث قبل الساعة الكبرى وتشير إلى اقتراب يوم القيامة، وجاءت السنة والأحدايث تذكرها:
1.بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم: وهي البداية التاريخية لظهور الإسلام والدعوة النبوية.
2.وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم: حدثت في عام 11 هـ وهي نهاية العصر النبوي.
3.انتشار العلم والجهل: ظهور العلم وانتشاره، وفي الوقت ذاته زيادة الجهل والفساد.
4.انتشار الزنا والخمر: زيادة الفواحش والمعاصي.
5.ظهور القتل والفتن: انتشار القتل والفوضى والفتن في الأمة.
6.تناقص العلم وظهور الجهل: تناقص العلم والعلماء وظهور الجهل والأمور الباطلة.
7.ظهور الكذب والغش: انتشار الكذب والغش في الأقوال والأعمال.
8.ظهور البخيل الفاجر: ظهور البخل والفجور في المجتمع.
9.ظهور الأخذ بالسنن الخاصة: ترك الناس لسنن الرسول صلى الله عليه وسلم.
10.ظهور الانقسامات والفتن الطائفية: انقسامات وفتن بين المسلمين.
11.ظهور الرهبنة والزهد الزائف: تظاهر بالزهد والتقوى دون علم وفهم صحيح.
علامات الساعة الكبرى
علامات الساعة الكبرى هي أحداث وظواهر يُفترض أن تحدث قبل يوم القيامة، وتعتبر من المسائل الغيبية التي علم الله بها وحده. إليك بعض العلامات التي ذُكرت في السنة النبوية، ولكن يجب أن يكون التفهم لهذه العلامات معتدلًا، وأن يتم التعامل معها بحذر ووعي. لا يوجد ترتيب دقيق لهذه العلامات، والعديد منها يمكن أن يحدث في نفس الوقت أو بشكل متتالي.
1.ظهور المسيح الدجّال: شخص يدعي النبوة ويأتي بعلامات خاصة به.
2.نزول عيسى ابن مريم: يعود عيسى عليه السلام في آخر الزمان.
3.يأجوج ومأجوج: ظهور قوم كبيرة وشريرة.
4.خروج الدابة: حيوان خاص يخرج في آخر الزمان.
5.طلوع الشمس من المغرب: تغيير في السنن الكونية.
6.دخول المسلمين الكثيفين في المسجد الأقصى: يحدث ذلك قبل يوم القيامة.
7.ظهور نار تطلع من اليمن: تشير إلى قرب الساعة.
8.انكسار القمر: حدوث هلال غير طبيعي.
9. ظهور الدخان: ظاهرة غامضة.
10.نزول المطر الذي يحمل السماء: يحدث في آخر الزمان.
11.ظهور الأرض الطيبة من اليمن: إشارة إلى الخيرات والبركات.
وختامًا تظل علامات الساعى متنوعة بين الغرائب والمخيفات والأمور المستحسنة؛ ليظل أمر وموعد الساعة "يوم القيامة" عند الله عزَّ وجل، لا يعلمُها إلا هو، فلم ينبّئ بها حبيه صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لتظل الخبر الأكيد، والموعد غير المعلوم، فيقضى الحقُّ بالحق:
“يسألونك عن الساعة أيَّان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها”. النازعات الآية 42.