بـ "باب رزق واحد".. عبدالملك وعبدالعال يجسدان الوحدة الوطنية في شبرا
"نتنفس عِبق الحب في الوطن الجميل ونعيش رحمة القرآن وسماحة الإنجيل فالقلوب حين تصفوا لربها تنبذ الأحقاد وللحب تميل"، أبيات شعرية تعكس الروح التي وجدنا عليها عبدالملك وعبدالسميع أبناء حي شبرا مصر، وعلاقة النسيج الواحد التي يمتاز بها أبناء الحي.
بين المباني التاريخية التي تزين جنبات حي شبرا، والتي تسر الناظرين من المسلمين والمسيحيين، وتخطف القلوب والأبصار، تتجسد معاني الوحدة الوطنية الشاهدة على دفء العلاقات الإنسانية والعيش المشترك، في منتصف أحد شوارع الحي تجسد نموذجًا للسلام المجتمعي داخل كوافير قديم باسم "عبدالعال وعبدالملاك".
علاقة عبدالعال وعبدالملك لم تكن وليدة عام أو إثنين ولكنها منذ ما يقرب من 50 عامًا من التماسك المسيحي الإسلامي، الذي توارثوه عن آبائهم وأجدادهم، عبدالملاك الذي تخطى عمره الستين عام، لم يمنعه فارق السن عن مشاركة عبدالعال ذو العقد الرابع من عمره، والذي تربى على يديه وتعلم منه المهنة.
"عم عبده طول عمره شايلني هو اللي رباني أنا وأخواتي أكتر من والدي وعلمني إزاي أكون صنايعي شاطر"، هكذا عبر عبدالعال عن امتنانه لـ "عبدالملاك" الذي كان صديقًا لوالده وللأسرة، فكان مساعدًا للأب وأصبح كوافيرًا محترفًا بفضل الخبرة التي اكتسبها منه وهو من نقل تلك الخبرة للابن "عبدالعال" عرفانًا منه للأب.
"والده أكتر من أخ كبير وقف معايا كتير وساعدني وأقرب ليا من أخواتي"، هكذا استكمل عبدالملاك الحديث معبرًا عن النسيج الواحد لأهل شبرا الذي ولد واستمر قويًا عبر الزمان، رغمًا من تحولات عديدة أصابت المجتمع المصري إلا أن أهالي هذا الحي احتفظوا بتماسكهم.
التقط منه عبدالعال طرف الحديث متذكرًا بعض المواقف الإنسانية لصديقه عبدالملاك، قائلًا إنه في أثناء فترة الصيام بشهر رمضان يمتنع عبدالملاك عن الطعام أمامه حتى موعد أذان المغرب، على الرغم من مرضه، متذكرًا أيضًا أحد المواقف الصعبة له أثناء مرض ووفاة والده لن يتركه وحيدًا، وفي هذا اليوم كان لديه جلسة غسيل كلوي.
وبشأن فكرة المشاركة في فتح كوافير قال عبدالعال إن فكرة مشاركة مسلم ومسيحي في باب رزق واحد غير مألوفة، مشيرًا إلى أنه استشار آنذاك البابا شنودة وقال له أنه سيفتتح محل مع صديق مسلم، فكان رد البابا عليه بضربه بالعصا بمزاح قائلًا له "متقولش كده.. مفيش مسلم ومسيحي".
وأكد أنه لم ولن يندم يومًا على هذا القرار، فالرابط بينه وبين صديقه عبدالعال لم يكن شراكة مال فقط ولكنه أقوى من ذلك بكثير.
وفي داخل المحل الصغير الذي يحتفظ بحالته التي تعبر عن مرور سنوات من الزمن وتاريخ مر عليه، يحتفظ كل منهما بصور من الآيات القرآنية والإنجيل، فعند دخولك من الباب تجد أمامك صورة كبيرة تحوي أسماء الله الحسنى وبعض الآيات القرآنية وبجانبها صورة للعذراء مريم، ليعبران بطريقتهما عن المحبة التي تجمع مسلمي ومسيحيي مصر، هذا الخليط الذي لا يعرفه إلا مَن عاش وتربى في شبرا، تلك المنطقة التي جمعت بين جنباتها المسيحي والمسلم في بيت واحد وشارع واحد وحتى باب رزق واحد.