قاض مصري: الدولة اعتدت بشخصية ذوى الهمم ولم تأخذ بفكرة الوكالة الانتخابية
قال المستشار محمد خفاجي، إن الصوت الانتخابى في الانتخابات الرئاسية له أهمية كبرى كإحدى ثمار المشاركة السياسية، ودعم هذا الحق العام لا يكون إلا بتيسير سبله وتمكين المواطنين من القيام به، من خلال الثقافة القانونية والوعى الانتخابى المسئول.
وبعد أقل من شهر من دراسة المفكر والمؤرخ القضائى القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة عن " المشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية الطريق الاَمن لاستقرار الوطن وتنميته.دراسة تحليلية فى ضوء العالم السياسى الجديد ودور قوى السيادة الاجتماعية فى حوار الجماهير " الذى لاقى تأثيرًا كبيرًا في المجتمع، أعد دراسة أخرى من سلسلة دراساته المتميزة للوعى العام بعنوان " الثقافة القانونية للناخب المصرى وصندق الاقتراع " نعرض للجزء الثالث والأخير عن ذوى الهمم فيما يلى
أولًا: من حق ذوى الهمم غير القادرين على تدوين الرأى إبدائه شفاهة على انفراد لرئيس اللجنة الفرعية ليثبته فى البطاقة
يقول الدكتور محمد خفاجى أنه عن الناخب من ذوى الاحتياجات الخاصة ممن كانت نوع الإعاقة تمنعه من أن يثبت بنفسه رأيه فى البطاقة، فله أن يبديه بنفسه شفاهة على انفراد لرئيس اللجنة الفرعية الذى يثبته فى البطاقة، وليس لأى من الموظفين المعاونين له فهو اختصاص استئثارى لرئيس اللجنة الفرعية ولا يجوز له تفويض غيره فيه ، ويثبت رئيس اللجنة الفرعية حضوره فى كشف الناخبين، ويوقع الناخب قرين اسمه بخطه أو ببصمة إبهامه وذلك فى كشف الناخبين باللجنة الفرعية المثبت به كل اسماء الناخبين المقيدين أمامها، ويوقع أمين اللجنة الفرعية أمام اسم الناخب الذى أبدى رأيه ويُعد توقيع الناخب والأمين فى هذا الكشف دليلًا على حضور الناخب وتسلمه البطاقة أو البطاقات المعدة لذلك وإبداء رأيه فى الانتخاب أو الاستفتاء، وتحدد الهيئة الوطنية للانتخابات الضوابط التى تضمن عدم تكرار إدلاء الناخب بصوته فى الانتخاب أو الاستفتاء.
ثانيًا: الدولة اعتدت بشخصية ذوى الهمم ولم تأخذ بفكرة الوكالة الانتخابية
ويوضح الدكتور محمد خفاجى أن حالة ذوى الاحتياجات الخاصة هى حالة خاصة وتقريرها ليس من قبيل المساعدة الإنسانية وإنما هى حق لهم مستمد مباشرة من القانون، والرأى عندى أن أن الدولة قدرت شخصية ذوى الهمم والمشرع المصرى لم يأخذ بفكرة الوكالة الانتخابية فلا يجوز التوكيل فى إبداء الصوت الانتخابى بصفة عامة لسببين: الأول أنه صوت شخصى لصيق بشخص بذاته دون غيره فلا يمكن لغيره التعبير عنه أو افراغه بعيدًا عن تواجد صاحب الصوت داخل جمعية الاقتراع ،والثانى أنه صوت سرى لا يجوز البوح عنه أثناء الادلاء به باستثناء ذوى الهمم غير القادرين ولرئيس اللجنة الفرعية على انفراد.
ويضيف الدكتور خفاجى ومن ثم فإن ذوى الهمم غير خاضعين للوكالة الانتخابية غاية ما فى الأمر إن كانت الإعاقة تمنعه من أن يثبت بنفسه رأيه فى البطاقة كأن يكون كفيفًا أو لديه رعشة اليدين كالرعشة الأولية essential tremor – وهي نوع الرعشة الأكثر شيوعًا تكون في بعض الحالات ذات أساس جيني في الأسرة أو رعشة نتيجة لأمراض المخيخ – intention (ataxic) tremor – المخيخ هو مسئول إلى جانب أجزاء أخرى من الدماغ عن تنسيق نشاط العضلات، ففى مثل تلك الحالات للمعاق أن يبديه بنفسه شفاهة على انفراد لرئيس اللجنة الفرعية الذى يثبته فى البطاقة ودون تدخل من أى شخص فى القاعة لأنه اختصاص استئثارى لرئيس اللجنة الفرعية.
ثالثًا: الصم والبكم في حاجة إلى من يترجم أصواتهم للقاضى بلغة الإشارة
يشير الدكتور محمد خفاجى إلى نقطة غاية فى الأهمية أن المشرع تعرض للناخب من ذوى الاحتياجات الخاصة ممن كانت نوع الإعاقة تمنعه من أن يثبت بنفسه رأيه فى البطاقة كالكفيف مثلًا، فله أن يبديه بنفسه شفاهة على انفراد لرئيس اللجنة الفرعية الذى يثبته فى البطاقة، وليس لأى من الموظفين المعاونين له فهو اختصاص استئثارى لرئيس اللجنة الفرعية ولا يجوز له تفويض غيره فيه ، لكن المشرع لم يتعرض إطلاقًا للصم والبكم وغمَ عليه وضع حكم خاص بهما فى قانون مباشرة الحقوق السياسية، خاصة وأن لغتهم فى الإشارة لا يعرفها القاضى أو غيره سوى مترجم معتمد والذى تستعين به المحاكم كلما تطلب الأمر ذلك.
والرأى عندى أنه يجب توفير مناخ اجتماعى وانسانى اَمن للصم والبكم فى إبداء أصواتهم بواسطة مترجم إشارة معتمد من الممكن أن يتواجد فى اللجنة العامة بعد الاتفاق مع الهيئة الوطنية للانتخابات ثم يقسم اليمين أمام رئيس وأعضاء اللجنة العامة ثم يتم الاستعانة به فى اللجان الفرعية حسب الأحوال احترامًا وتقديرًا وإجلالًا لتصميمهم الأكيد على إبداء صوتهم الانتخابى.
ويشير من المهم أن يكون مع الصم والبكم بجانب بطاقة الرقم القومى بطاقة معتمدة من التضامن الاجتماعى تفيد حالتهم توقيًا للانتحال والعناصر الدخيلة، ولا يجب اطلاقًا التفكير فى عقد لجنة خاصة بالصم والبكم لأن ذلك يتعارض مع فلسفة المشرع الدستورى فى فكرة اندماجهم مع المجتمع ومع مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات، وأن ما أنادى به ليس بدعًا من القول بل سبقنى إليه فضيلة الشيخ المرحوم محمد حسين طنطاوى شيخ الأزهر الشريف بالاستعانة بمترجم اشارة معتمد فى المساجد فى خطب الجمعة وخطبة العيدين ، كما سبقنى إليه الراحل قداسة البابا شنودة الثالث بالاستعانة بمترجم معتمد ليترجم أحداث القداس والترتيلات الكنسية، وما أنادى به من مترجم اشارة معتمد للصم والبكم لممارسة حقوقهم السياسية هو الأول من نوعه فى تعزيز حقهم الدستورى فى إبداء صوتهم الانتخابى ويعمق من الثقافة العامة للشعب تجاههم ولنبدأ بالثقافة الانتخابية.
ويضيف الفقيه الدكتور خفاجى أن علة وجود مترجم يصل صوت تلك الفئة للصوت الانتخابى أن لغة الصم والبكم هي لغة الاشارة فالشخص الأصم لا يتكلم لأنه لا يستطيع السمع وبالتالي لا يعرف كيفية نطق الحروف والكلمات فيفقد خاصية الكلام أيضًا، ولكن ليس كل اصم أبكم، ولغة الإشارة مكنتهم من التواصل مع الأخرين عن طريق حركة الأصابع واليدين لتمثيل الحروف والأرقام والكلمات وتعتمد لغة الإشارة على مظاهر خمسة: الحركة وتحديد المكان وشكل اليد وتحديد الإتجاه والإشارات غير اليدوية هي السمة الأكثر حسما في تحديد المعنى وتلك مظاهر للغة الإشارة تحدث كلها في وقت واحد وليست متتابعة ويساهم اتجاه نظرة العين وحركة الجسم والكتفين والفم والوجه أيضا في هذه اللغة.
وتنقسم لغة الاشارات إلى ثلاثة طرق: الأولى الوصفية وهي إشارة واحدة لكلمة معينة وهي من أسهل الطرق وتصف الشكل أو فعل معين والثانية الأصوات المعبرة ومنها الإشارات المعبرة عن كل حرف من الحروف الأبجدية فلكل حرف إشارة معينة وتستعمل للكلمات التي ليس لها وصف معين كما بالطريقة الأولى، والثالثة الرمزية وهي تشبه الوصفية ولكنها تصف الكلمة بحركة واحدة معينة ووصف المدلول بلغة الاشارة يختلف من مكان لأخر، ولكن هناك لغة واحدة متفق عليها موحدة عالميًا تسمى " جستينو" أقول ذلك لأنى من أكثر القضاة الذين أصدروا مئات الأحكام لصالح ذوى الإعاقة فى كافة مناحى حياتهم خاصة الصم والبكم.