نجمٌ انطفأ ليلة البارحة
بطل الأعمال الدينية ودراما الشر المحبوب.. وداعًا أشرف عبد الغفور <<بروفايل>>
يقول عنه أهل الفن، أنه فنان لا ينضب، لديه قدرات هائلة، كان في الدراما أستاذًًا يتقن الأدوار، لكنه كان عاشقًا للحالة، فصيحًا في لغته، بلسان عربيِّ استطاع أن يكون جزءًا محوريًا لدى كثير من الأعمال الدينية التي انطلقت منذ الثمانينات، فلا ينساه المشاهدون في أعمال: "محمد رسول الله، محمد رسول الله إلى العالم، رسول الإنسانية، نور الإيمان، القضاء في الإسلام، صدق الله العظيم – الجزء الأول، الإمام النسائي، الإمام مالك"، لقد كان ببراعة يتقن الدور ويعايشه في حالة تمثيلية خاصَّة.. إنه الفنان أشرف عبد الغفور.
يعتبر الفنان أشرف عبد الغفور حالة فريدة من فرائد الدراما المصرية، وربما العربية، فالرجل على المنحى "المرئي" يتقن أن يكون صانع الحالة الأكثر بروزًا ولمعانًا، مهما تضائلت مساحة مشاركته، في العمل، لم ينفرد ببطولة مستقلة، لكنَّه كان يعرف كيف يتقن مكنون ما يؤديه من شخصية أمام الكاميرا، تلك الأداة التي تفضح ما بداخلنا، أكثر مما تواريه، إن وقفنا بمرمى عينها يومًا.
أشرف عبد الغفور الذي استطاع تجسيد الشخصيات الدينية بمهارة، كان يتقن كيف يكون شريرًا في مُؤلَّف يكتبه - مثلا - الكاتب محمد جلال عبدالقوي، بعنوان حضرة المتهم أبي، بتجسيد شخصية الوزير السابق، الهادئ في ردود فعله، الغضوب في انتقامه، أو كيف يكون الأخ "حكَم" للفنان الراحل محمود عبد العزيز "أبو هيبة في جبل الحلال"، والذي يطمح أن يتسلَّم راية الشر والاتجار في الممنوعات، وإن كلَّفهُ هذا التضحية بعائلته كلها. ذات القدرات الفنيَّة تقف بجوار الراحل "نور الشريف" في مسلسل الرحايا، والذي في مشهد واحد جسَّد صورة الأخ في لحظة، حين خلع ردائه يغطِّي به رأس أخيه الصعيدي "محمد أبو دياب، الذي فقد عمامته الصعيدية، وهو يبحث حول من قتل ولده.
انظر.. كيف تغيَّرت الحالة التجسيدية، في ذات واحدة، ليس هذا من قَبيل التلوُّن الدرامي فحسب، بل قدرة في أن ينخلع من ثوب لثوب آخر، دون الحاجة لتكلُّف أو تصنُّع، تقرأُ فيها الملامح لرجل تتقلب به الأدوار، كيما السُنون.
إنَّك في ومضات تستطيع أن تتذكر صورًا، وكأنها، أفلامًا فوتوغرافية قديمة، تدور أمام عينيك، عن حالة احترافية متجسدة أمام عينيك، تنظره أو لا تتوقعه، ولكن يطلُّ عليك في كلِّ موسم بشكل مختلف، يثير فضول متابعتك، دون إثارة أو استدعاء للأضواء.
يُشبه الفنان أشرف عبد الغفور – تمامًا – الخبر الصُحَفِيِّ، إذ يبدو فجأة ليخبرك بتطور جديد عن الحدث؛ ثُمَّ ليتلاشى بهدوء تاركًا فيك أثر ما بلَّغَ أو استطاع أن يثيرَ لديْكَ من انتباه، مُفسحًا المجال لغيره، ريْـثَـما يعودُ في عمل قادم أو الظهور بموسم آخر.
اليوم – أيضًا - ترك الفنَّان المجال ولكن دون عودة أو وعْدٍ بانتظاره في حُلَّة جديدة، رحل الفنان أشرف عبد الغفور إثر مصرعه بحادث سير على طريق "مصر - إسكندرية" الصحراويّ، مودِّعًا سمَاء الفن والدنيَا بأسرِها.